تعكس الذكرى 63 لمجزرة ساقية سيدي يوسف الروابط القوية والمتشعبة للشعبين التونسيوالجزائري، اللذين وحدهما المصير الواحد والمشترك، منذ مقاومة الاحتلال، الذكرى كانت، أمس، موضوع نقاش منتدى الذاكرة بجريدة المجاهد، أبرز من خلالها جل المتدخلين البعد المغاربي والإنساني للساقية. قال سعيد مقدم، الأمين العام لمجلس الشورى المغاربي أن ذكرى ساقية سيدي يوسف تتزامن واستعداد البلدان المغاربية للاحتفال بالذكرى 31 لتأسيس إتحاد المغرب العربي، وما ذكرى المجزرة سوى تأكيد لعمق العلاقات التي تربط بين هذه الدول التي جمعها دائما المصير المشترك، مصرحا أنها إحدى المناسبات العديدة التي تجمع الذاكرة المغاربية، وصنف في سياق حديثه العدوان على قرية ساقية سيدي يوسف في خانة الجريمة ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم، لأنها جريمة متكاملة الأركان موصومة بسبق الإصرار والترصد، مؤكدا انه هجوم أقرته قوات الاحتلال بعد إصدار قرار يقضي بملاحقة الثوار الجزائريين داخل التراب التونسي في 31 ديسمبر 1957. كشف مقدم أن بدايات المجزرة كانت على ثلاث مراحل، أولها كان في 1 و2 أكتوبر 1957 تلاه اعتداء في 30 جانفي 1958 على إثر تعرض طائرة عسكرية فرنسية لنيران الثوار الجزائريين، وصولا إلى جريمة الاعتداء على القرية في 8 فيفري 1958 الذي صادف يوم عطلة يتجمع فيه الأهالي في السوق الأسبوعي، وقال إن المصادر الإعلامية أحصت 79 قتيلا، من بينهم 11 امرأة و20 طفلا وأكثر من 120 جريح. على الهدف الذي سطره المحتل لضرب الثورة الجزائرية، كان لهذا الاعتداء الهمجي آثار وخيمة على المستعمر، حيث عجّل الهجوم بسقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة و الاستنجاد بالجنرال ديغول لإنقاذ الفرنسيين من الثوار الجزائريين، والدعوة إلى مؤتمر طنجة في أفريل 1958، أين اجتمع الأحزاب الثلاثة، وكذا التعجيل بإعلان الحكومة المؤقتة وكذا توسيع رقعة المقاومة. عن الرسالة التي حملتها هذه الذكرى قال مقدم، إنها جسّدت روح الإيثار والتضحية، والتعاون الثنائي بين شعبين كانا لقرون طويلة شعب واحد، معرّجا في الأخير على الزيارة الأخيرة للرئيس التونسي قيس سعيد إلى الجزائر التي عكست عمق العلاقات على اختلاف مستوياتها بين البلدين. أوضح الأستاذ جمال يحياوي في المداخلة التي قدمها أن العلاقات الثنائية بين الجزائروتونس تختلف في تفاصيلها عن باقي العلاقات بدول المغرب العربي، كاشفا أن مجزرة ساقية سيدي يوسف جريمة دولة مقننة ولم تكن مجرد عدوان لأن التخطيط تم لها على أعلى مستوى وبمباركة جنرالات فرنسا، مؤكدا ان اختلاط الدم الجزائريوالتونسي لم يبدأ في 1958، بل سبق ذاك التاريخ بكثير مع بدايات المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي خاصة بعد إعلان الوصاية على تونس في 1881، مبرزا 10 نقاط تتحكم بالعلاقات الجزائريةالتونسية من بينها التقارب الجغرافي، الروابط الاجتماعية، الوشائج الثقافية التي تربطنا، الرصيد التاريخي المشترك، دور المناطق الحدودية في لعب دور المقاومة، الشعور بوحدة المصير المشترك، وحدة المذهب المالكي الذي يجمعهما، ارتباط مسار الثورة في سنواتها الأخيرة بتونس، دور الزوايا في ربط العلاقات بين الشعبين ولعل أهمها الزاوية «الرحمانية» و»القادرية « وأخيرا كان الشعب الجزائري يقدم دائما خبرته في تسيير الأحداث. أكد مستشار السفير التونسيبالجزائر القائم بالأعمال لطفي الغرياني، في تصريح ل»الشعب»، أن العلاقات التي تربط بين الشعب التونسيوالجزائري قديمة زادتها الروابط الاجتماعية كالمصاهرة عمقا وقوة، كاشفا أن الاجتماع الدوري لولاة المناطق الحدودية بين تونسوالجزائر خير دليل على التنسيق الموجود بين الدولتين. مؤكدا انه بالنظر إلى العلاقات التي تربط الدولتين فلابد للحدود أن تفتح إن توفرت الإرادة السياسية لتجسيد هذا الرابط القوي بين الشعبين فكل الظروف ملائمة ليكونا بلدا وقوة واحدة. ويذكر أن جريدة المجاهد كرمت السفير التونسي ممثلا في شخص القائم بالأعمال لطفي الغرياني على هامش منتدى الذاكرة.