يواصل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، جولات المشاورات مع قادة الأحزاب، الشخصيات الوطنية وممثلي المجتمع المدني حول مسعى مراجعة الدستور والقانون الانتخابي وغيره من ورشات الإصلاح الممهّدة لأرضية التغيير الشامل المدرج في سياق الالتزامات ال54 التي تضمنها البرنامج الرئاسي. ويعد هذا المسعى خارطة طريق اعتمدها الرئيس وتعهّد بتجسيدها من خلال إشراك الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والقانونيين بغية التوصل إلى توافق وطني يضعه نصب الاهتمام ويعيره الأولوية. وسبق للرئيس التأكيد بمجرد الإعلان عن فوزه بالاستحقاق الانتخابي أن يده ممدودة للعمل مع منافسيه في المعترك السياسي حول ما يخدم الجزائر المتّسعة للجميع، المتفتحة على الأفكار والمبادرات بلا استثناء. ويتذكر الجميع ما تضمنه خطابه أثناء تنصيبه رئيسا للجمهورية بقصر الأمم ومقولته الشهيرة التي تنم عن إرادة متفتحة على الآخر، متقبلة لفكره ومقاربته وطروحاته بالقول الصريح:« إنه لن يقوم بأي تهميش ولا إقصاء ولا أي نزعة للانتقام، من أجل جزائر جديدة». نتذكر أيضا التحية التي زفها إلى المترشحين الأربعة الذين أبدوا من جهتهم نزاهة والتزاما بتطبيق ميثاق أخلاقيات الممارسات السياسية طيلة الحملة الانتخابية ولم يقدموا على أي عملية تطعن في نتائج اقتراع 12 ديسمبر الماضي، مساهمين في إنجاح العرس الديمقراطي والمرور الآمن إلى مرحلة جديدة. نتذكر أخيرا اليد الممدودة إلى «الحراك» من أجل حوار جاد، يعزّز مسار التجديد والتقويم، يبنى في دولة مطهّرة من الفساد والمفسدين، وهي في قطيعة مع ممارسات الماضي وانزلاقاته واضطراباته. دولة يلعب فيها الشباب الدور الريادي ولا يشعر بالتهميش. على هذا المنوال يسير الرئيس مراهنا على العمل الجماعي، رافضا مركزية القرار والانفراد بالسلطة، مشركا كل مكونات الأمة والمجتمع ضمن فريق عمل يتقاسم الوظيفة، تتنوع آراؤه ومبادراته لكنها تتفق حول خدمة الوطن وإعلاء شأنه. يجيب عن هذه الرؤية ما ورد من خطوط عريضة عن جدوى الإصلاحات الشاملة لإنشاء جمهورية جديدة هتفت بها حناجر المواطنين في مسيرات سلمية، يكون منطلقها الأول، تعديل وثيقة أسمى القوانين المسندة لأهل الاختصاص وفقهاء الشأن الدستوري، بغرض تكريس ديمقراطية تعتمد مبدأ الفصل بين السلطات وتمنح صلاحيات واسعة للهيئة التشريعية وتعزّز وظيفتها الرقابية وتحدّد العهدات الرئاسية بصفة تفتح المجال للتداول على الحكم. ويكمل هذا المسعى القانون الانتخابي محلّ التعديل أيضا، الذي يحدّد معايير الترشح للمجالس المنتخبة محلية ووطنية، يعوّل عليها في بروز جيل جديد من ممثلي الشعب، قاعدتهم النزاهة، الاستقامة وتأدية المسؤولية بوفاء في كل الظروف.