اد محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي إلى مسائل مطروحة حول قيمة الدينار وحساب معدل الصرف التي تتداولها الكتابات الصحفية بطريقة ذاتية في الغالب، لا تعطي حقائق دقيقة بشأنها. ووصلت الكتابات إلى حد التأكيد بوجود إجراء تخفيض لقيمة العملة الوطنية في المدة الأخيرة، وهو أمر أدى بمحافظ البنك إلى التدخل لنفي هذا الأمر جملة وتفصيلا.. وذكر بهذا الطرح في عرض تقرير السداسي ال 2 للعام الماضي، بالقول الصريح »أن معدل الصرف للدينار شفافا إلى أبعد درجة، ويستجيب والمعايير المحددة من صندوق النقد الدولي »أفامي«. واستند لكصاسي في رده على أسئلة الصحافة المركزة على هذه المسألة بشدة، أن حالة الدينار الجزائري مستقر بفضل السياسية النقدية المنتهجة للحيولة دون حدوث أي طارىء واختلال في قيمة العملة وحساب معدل الصرف، وهي سياسة منتهجة منذ 1996، لتجاوز الظرف الطارىء الذي عاشته الجزائر خلال العشرية الحمراء، وكان له وقع الاثر البالغ على قيمة الدينار المتدحرجة إلى الأسفل. وتخضع العملية إلى متابعة وتقسيم من »الأفامي« المشدد على اتباع التدابير المحددة بدقة متناهية لحماية عملات الدول الأعضاء منها الجزائر وتحاشي سقوطها الحر، إلى درجة تؤثر على توازن العلاقات المالية، ومعدلات الصرف. من جهتها تفرض المؤسسة المالية الدولية »أس.أ.في« صرامة في تقييمها لمعدلات صرف العملات.. وترى أن قيمة الدينار في مستوى لائق يخدم الاقتصاد الوطني المتمادي في تسجيل حالة استقرار وتوازن طيلة السنوات الأخيرة، عكس عملات كثيرة أيلة في الاهتزاز والانخفاض بفضل الاضطرابات الحاصلة في منطقتي »الأورو« و»الدولار« على سبيل المثال، كاشفة عن محدودية النظام الرأسمالي في أن يكون الوصفة العلاجية المناسبة للازمات في كل زمان ومكان. إلى جانب هذا، تعتمد بنك الجزائر سياسة نقدية، غايتها الحفاظ على قيمة الدينار التداولية، وعدم فقدان معدل الصرف أي اعتبار. من أجل هذا، يقوم البنك حسب محافظه لكصاسي بحسابات شهرية يعتمد فيها على الخبراء وأهل الاختصاص في اعداد تقرير حول وضعية العملة، وما يجب اتخاذه من اجراءات عملية تبقيها في حالتها المستقرة. وعلى عكس العملات الأخرى المسجلة انخفاضا محسوسا في قيمتها التداولية أمام »الأورو« حافظ الدينار سنة 2011 على سعره، وظل في مستواه الفعلي، هذا نتيجة تدخل بنك الجزائر الذي يرى في العملة الوطنية واجهة لمعرفة المؤشرات المالية، والمقصد الاستثماري، ومحيط أعمال بامتياز. وتبين من خلال الأرقام المسجلة لدى بنك الجزائر، أن الدينار عرف ارتفاعا ب 21٪ بالنسبة للدولار، وانخفض في المقابل ب 3٪ بالنسبة للأورو.. وساهمت في ذلك صادرات الجزائر من المحروقات التي لم تهتز تحت أي تأثير، وظل سعر البترول حتى وان انخفض مرات في وضع مناسب أبقى على قيمة العملة الوطنية، وأمنها من السقوط ولو بدرجة قليلة. وبمعنى أدق، فإن ما روج عن خفض قيمة الدينار، لغرض كبح جماح الواردات مجرد كلام عابر، لا ينم عن الواقع المالي المتغير، وهو واقع متحكم فيه من السياسة الوطنية النقدية التي ينتهجها بنك الجزائر، ويحرص على تجسيدها للابقاء على ديمومة سعر صرف الدينار وكسب قيمته التداولية المستحقة في كل الظروف والأحوال. ونذكر بأن التدابير الاحترازية التي وصلت إلى حد الافراط، فرضتها التجربة المالية / الاقتصادية التي لا تريد تكرار ما حدث أيام العشرية الحمراء من انهيار أوصل العملة الوطنية إلى ادنى المستويات. وترك مؤسسات بروتون وودوز من خلال »اتفاق ستاند باي« إلى فرض شروط قاسية على الجزائر، خفض قيمة الدينار أحد مظاهرها الصعبة وتداعياتها المرة.