لاتزال تبعات الإصلاح التربوي تلقي بظلالها على تمدرس التلاميذ، من خلال الصعود المنتظر لآخر كوكبة من النظام التعليمي السابق، أي التعليم الأساسي، إلى آخر مرحلة في التعليم وهي الثانوي، حيث يتوقع أن تشهد الثانويات نوعا من الاكتظاظ قد يختلف في شكله ومضمونه عن ذلك الذي عرفه القطاع قبل ثلاثة سنوات. بعد سنوات من دخول سياسة الإصلاح التربوي حيز التنفيذ، التي أهم ما ميزها، تقليص سنوات التعليم الابتدائي، وبروز كوكبتين من التلاميذ في نفس المستوى وجدت وزارة التربية الوطنية صعوبات كبيرة في مواجهة ظاهرة الاكتظاظ التي عرفتها مؤسسات التعليم خاصة في مرحلة التعليم المتوسط، اذ وبالاضافة الى الحالة التي كانت توجد عليها هذه المؤسسات من اكتظاظ كبير في الأقسام تجاوز في كثير من الأحيان الأربعين تلميذا رغم أن هدف الوزارة كان خمسة وعشرين تلميذا فقط، فقد حملت المدارس أكثر من طاقتها، ولم يف العدد المتزايد من المؤسسات التي بنيت لاستيعاب الفائض المنتظر، المطلوب، حيث انعكست هذه الحالة على التمدرس العادي لمآت الآلاف من التلاميذ الذين انتقلوا من الطور الابتدائي الى الطور المتوسط، خاصة وأن قرار الوزارة آنذاك، دفع بالانتقال المباشر لكل تلاميذ نظام التعليم القديم دون الأخذ بعين الاعتبار لمعدلات الانتقال. وكان من الطبيعي أن تصطدم هذه الحالة مع تراجع المستوى الدراسي، فضلا على أن ظروف التمدرس كانت محل انتقاد واسع سواء من طرف أهل الاختصاص أو حتى من قبل نقابات عمال التربية التي سبق لها وأن حذرت الوصاية من التداعيات السلبية المحتملة. نفس السيناريو تقريبا سيتكرر في العام الدراسي المقبل حيث أن نفس تلاميذ الاصلاح وتلاميذ النظام القديم الذين زاولوا دراستهم وفق المنهاج الجديد لوزارة التربية سينتقلون الى السنة الأولى ثانوي، بعد اجتيازهم لشهادة التعليم المتوسط المقررة في 9 جوان القادم وقد يطرح مشكل الاكتظاظ مجددا، ولكن هذه المرة قد يكون الضغط مخففا الى حد ما، لسببين أساسيين، اولهما أن نسبة الانتقال الى المستوى الأعلى لن تكون بنفس الحجم كما هو عليه الحال في التعليم الابتدائي، وثاني سبب أن الجهات المكلفة بانجاز أعداد الثانويات المقررة لاستيعاب أعداد الناجحين الجدد، يفترض أن لها متسع من الوقت لإتمام البرامج المقررة في آجالها، وتجنب تلك المخاطر التي نجمت عن سوء التقدير في الآجال المسطرة آنفا، وكانت لها انعكاسات مباشرة على توزيع تلاميذ الطور الثاني من التعليم. تريد وزارة التربية ومن خلال الخرجات الميدانية الوقوف على مدى تطور عمليات انجاز المؤسسات التربوية الجديدة، ولاسيما على مستوى الثانويات، من خلال الحث على ضرورة اتمام المشاريع وتسليمها في آجالها المحددة التي تصل أقصاها قبل شهر سبتمبر القادم لمباشرة استقبال التلاميذ عوض اعادة توزيعهم على مؤسسات أخرى مكتظة، مثلما حدث قبل سنوات.