هناك حيت يخترق القمر بنوره بيوت النائمين ، حيث تتربع النجوم في بطن السماء لتستمع إلى أولائك الذين لم يطرق ضوء القمر أبوابهم... إلى أولئك الذين لم تغف جفونهم بعد ، هناك حيث تفيض القلوب كلمات تسبح في دمائهم غرقا ربما... لينتشلها أحد الفصوص من ذاك الجريان السريع.. هناك حيث تنسج الكلمات وتحقق الأوزان، هناك حيث بداية المخاض.. في تلك الليلة فقط.... تولد الجمل، تلك الأدق من التفاصيل... كطائرة يوحي زئيرها أنها قريبة حد السقوط على البيوت.. فتتجمد الأرواح وتحبس الأنفاس لاستقبالها تماما كما تتهيأ النجوم لتستقبل أفكارنا المتطرفة.. هناك حيث ترقد كتبنا بسلام، حيث توقفت المحركات عن العمل.. حيث يتعطش عقلنا للمزيد. فيضان أحيا المشاعر المدفونة فحكم على الجفون أن تتأمل ما يصنعه، إلى أولئك الذين لامستهم خيوط ضوء القمر.. فاضت قلوبهم فيضان أحيا مشاعر سطحية أفقية... فحكم على جفونهم بالخلود إلى النوم.. يقال أن الروايات الجميلة هي تلك التي تنعم بسطور عديدة في دفاترنا.. أما الجفون المحظوظة هي تلك التي تتأمل طويلا.. كشخص طويل ينتظر الحافلة يداعب قطة وتداعبه، كشخص ينظر إليهما ويبتسم، كأنا في سيارة أراقبهم جميعا.. وهاهي تنفك الزحمة.. وهاني أميل برقبتي لأراهم مجددا.. كأنا أخرج دفتري لا جسد ما دار في خلدي إلى كلمات.. وأشعة الشمس تراقبني، لكن عندما تراقبنا أشعة القمر لا تستطيع الجفون المتأملة ولسوء حظ أصحابها... الوصول لدفتر من الدفاتر النائمة... لأنه ظلام دامس وضوء القمر لم يخترق نوافذهم بعد، فاللعنة على القلوب التي حكمت على الجفون بالتأمل، تأمل مؤقت يؤلمنا زواله، يشعرنا بالوحدة... ونفتقد الجمل الجميلة التي ولدت لتموت.. لكننا نتضور جوعا لملاقاتها مجددا.