اللجنة ستعرض تقريرها على الحكومة ومجلس الوزراء المقبل أشرف الوزير الأول عبد العزيز جراد، أمس، على تنصيب «لجنة حماية مناصب الشغل والقدرة الإنتاجية»، وأسند لها مهمة تقييم الآثار الاقتصادية بوباء كوفيد-19 «بموضوعية ودون مبالغة أو مزايدات»، على أن تعرض تقريرها على اجتماعي مجلس الحكومة ومجلس الوزراء المقلبين. أكد جراد، لدى ترؤسه اجتماع تشكيل هذه اللجنة التي ستعمل تحت إشرافه مع الشركاء الاجتماعيين والمتعاملين الاقتصاديين، وبحضور أعضاء من الحكومة، أن وضع آلية عمل مشتركة لتقييم آثار وباء كورونا على الحياة الاقتصادية، نابع «من مقاربة عقلانية واستراتيجية تختلف تماما عما كان معمولا به في السابق». وأبرز الوزير الأول، في اللقاء الذي جاء تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، حرص الدولة على «استرجاع الثقة بينها وبين المتعاملين الاقتصاديين». وقال: «إن الحكومة تبين بهذه الطريقة وجود منهجية جديدة في العمل.. تقوم على إشراك مقترحات ممثلي العمال وأرباب العمل في صياغة الخطط التنفيذية الرامية إلى وضع الحلول الكفيلة بمواجهة تداعيات الأزمة الصحية». وأكد الوزير الأول أن دعوة رئيس الجمهورية إلى إنشاء لجنة حماية «مناصب الشغل والقدرة الإنتاجية»، تدل على أن الدولة تتحمل مسؤوليتها «القائمة على مبدأ التضامن»، وعلى التزامه (الرئيس) الكامل، بضمان الإنصاف في دعم المؤسسات والعمال الذين يواجهون صعوبات، بغض النظر عن كونها مؤسسات عمومية أو خاصة. تركيبة اللجنة وأسند جراد، رئاسة فوج العمل لصياغة التقرير النهائي للجنة، لرئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، رضا تير، وعين الوزير المنتدب لدى الوزير الأول، المكلف بالاستشراف محمد شريف بلميهوب، مقررا لها. وتضم اللجنة من جانب الحكومة، وزراء المالية، الصناعة، الفلاحة والتنمية الريفية، السكن والعمران والمدينة، التجارة، الأشغال العمومية، النقل، السياحة والصناعة التقليدية والعمل العائلي، والعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، كما ضمت 6 ممثلين من جانب الشركاء الاجتماعيين و6 ممثلين عن المتعاملين الاقتصاديين. وباشرت اللجنة مهامها، رسميا، ابتداء الساعة الثانية ونصف من زوال أمس، وستعكف على صياغة تقرير دقيق عن آثار الوضعية الوبائية على الاقتصادي الوطني، يعرض على مجلس الحكومة الأربعاء 22 جويلية الجاري، ثم يرفع لمجلس الوزراء الذي سيعقد الأحد 26 من الشهر ذاته. في السياق، شدد الوزير الأول، على أن يكون التقرير «واقعيا وبراغماتيا، وليس تعجيزيا ولا نظريا، يقدم أرقاما واقتراحات ملموسة لتجاوز انعكاسات الأزمة الصحية على الاقتصادي الوطني. وقال جراد في افتتاح الاجتماع، الذي عقد بفندق الأوراسي: «ينبغي تقييم آثار هذه الجائحة على نحو يتوخى أكبر قدر ممكن من الموضوعية دون مجاملة، وبالأخص دون مزايدات» مضيفا: «لأن الأمر لا يتعلق بالبحث عن فرصة للوصول إلى الموارد العمومية دون مقابل، أو الحصول على امتيازات غير مستحقة، بل يتعلق بتوجيه منح الموارد بشكل أفضل بهدف التحضير لما بعد الأزمة الصحية». وضع اقتصادي غير مسبوق ولم يخف الوزير الأول، بأن الجزائر تعيش وضعا اقتصاديا «غير مسبوق»، بفعل تفشي فيروس كورونا، مؤكدا في الوقت ذاته، القدرة على تجاوز «المحنة القاسية» بتضافر الجهود والتحلي بالمسؤولية. وقال جراد إن « للأزمة الصحية التي تعيشها البلاد، على غرار باقي دول العالم عواقب وخيمة»، لافتا إلى أن الاقتصاد الجزائري يعاني أصلا من «أزمة هيكلية موروثة عن الحوكمة الماضية، والانهيار الشديد لأسعار المحروقات»، مما يجعله في وضعية «غير مسبوقة». وذكر المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي، بأن الدولة الجزائرية، سارعت منذ بداية ظهور الوباء إلى وضع الآليات التي من شأنها التكفل باحتياجات المجتمع على الصعيد الصحي. غير أن التدابير المتخذة لكبح انتشار «الفيروس المدمر»، يقول المتحدث ألحقت « ضررا اقتصاديا كبيرا بالاقتصاد الوطني، لاسيما بالنسبة للتجارة، الفندقة، النقل، السياحة، البناء والأشغال العمومية والري وغيرها من الأنشطة». وأفاد جراد، بأن الحكومة كانت ملزمة باعتماد مجموعة من التدابير، للتخفيف من هذه الانعكاسات «سواء لفائدة العمال الأكثر هشاشة الذين فقدوا مصدر دخلهم، أومن خلال إجراءات التخفيف الجبائي وشبه الجبائي والتسهيلات بنكية لفائدة المؤسسات». وأشار إلى أن تنفيذ هذه التدابير الحمائية الأولية، اتخذت رغم الأزمة المالية متعددة الأبعاد الناجمة عن الصدمة النفطية التي طرأت وسط الأزمة الصحية. الحوار والتضامن وأشار إلى أن وضع هذه الآلية يندرج ضمن «المسعى التشاوري والتوافقي مع الشركاء الاجتماعيين وهي السياسة التي رسمها الرئيس تبون منذ بداية الأزمة الصحية». وقال إن الوضع الراهن، يفرض الحوار مع الشركاء الاجتماعيين والمتعاملين الاقتصاديين كشرط لا غنى عنه «لنجاح عملية التعافي من الأزمة»، وأضاف: «علينا أن نواجه هذا الخطر الذي يهددنا في كنف الاتحاد والتضامن والابتكار من أجل الحفاظ على مناصب الشغل ودعم القطاع الاقتصادي الخاص والعام». وأوضح أن الحكومة واعية بأن «التقويم والإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، لن يتجسد إلا من طرف مؤسسات متوازنة وقدرة شرائية كافية للأسر لدعم الدينامكية الاقتصادية». وجدد تأكيد حرص الحكومة «على مكافحة الوباء وحماية مناصب الشغل والإمكانات الإنتاجية الوطنية من خلال العمال والمؤسسات الخاصة والعمومية في هذه الأوقات الصعبة». عبقرية وحس عملي وأشاد الوزير الأول، بالمناسبة، «بالحس العملي للجزائريين في مواجهة الوضعية الحالية»، مسجلا «حركة تضامنية استثنائية مع المستضعفين من السكان، وعبقرية قل نظيرها لدى شبابنا من الطلبة والباحثين والمقاولين في الابتكار من أجل صناعة أدوية وأجهزة طبية موجهة للمستشفيات العمومية»، كما نوّه بحضور المجتمع المدني بشكل ملحوظ في تقديم مساهمته في عمليات التضامن والدعم. وأشاد جراد، بمجهودات الأطقم الطبية، وما تبذله «ليلا ونهارا لحماية الأرواح البشرية»، داعيا الجزائريين إلى التحلي بروح المسؤولية ودعم جهود «الجيش الأبيض» من أجل التغلب على الجائحة.