كل أعضاء الجسم تُصاب بالتلف وليس الرئة فقط تؤكد رئيسة مصلحة الطب الشرعي بمستشفى رويبة البروفيسور عتيقة شرواط، أن الرئة ليست العضو الوحيد المتضرر من الكوفيد-19. بينت عمليات التشريح أن المرض يصيب الأوعية الدموية ويتسبب في تخثر الدم وتلف الأعضاء كالكبد، الكلى، الطحال. وكشفت البروفيسور عتيقة شرواط، وهي من القلائل الذين قاموا بعملية تشريح موتى الكوفيد-19، أن اعتماد «لوفينوكس» في بروتوكول العلاج أصبح ضروريا لتفادي موت الفجأة، مؤكدة أنها في صدد كتابة تقرير حول النتائج التي توصلت إليها لإرسالها إلى اللجنة العلمية لرصد ومتابعة فيروس كورونا. ولاحظت في السياق نفسه أن الوضعية الوبائية الحالية تستدعي فتح مراكز رعاية وفحص للتكفل بالحالات البسيطة لمرضى فيروس كورونا. كشفت رئيسة مصلحة الطب الشرعي البروفيسور عتيقة شرواط في تصريح حصري ل «الشعب»، عن نتائج بحثها الذي قامت به من خلال تشريحها لجثث موتى الكوفيد-19، حيث تبين بعد عملية التشريح لضحايا كوفيد-19 استقبلتهم مصلحة الطب الشرعي لمستشفى رويبة وضحايا الموت الفجائية طلب وكيل الجمهورية تشريح جثثهم على اعتبار أنها وفاة مجهولة بأن كل الأعضاء داخل الجسم أصيبت بتلف بسبب الوباء وليس الرئتين فقط. فالكبد، المعدة، الأمعاء الدقيقة، الكلى، الطحال وحتى الدماغ والرئة مسها الضرر بسبب الكوفيد-19، أما البنكرياس فقالت إن الحقيقة العلمية تفرض عليها التأكد منها لوجود حالة واحدة حتى الآن أصيب فيها بتلف. وقالت عتيقة شرواط، إن عملية التشريح أبانت عن غرق رئوي تسبب في رفع وزن الرئة الذي قد يصل إلى 2000 غ أي 2 كغ، كما لاحظت إصابة الفصوص الرئوية بحالة من التكبد، كما وجدت أن الكوفيد-19 يتسبب في تكون حصى في الدم يتوزع على جميع الأعضاء كالكلى، الطحال، الكبد والرئتين وكأنها حالة من الالتفاف، مؤكدة في ذات السياق أنه مرض يصيب الأوعية الدموية يمس الكثير من الأعضاء، لذلك كان من الضروري اعتماد لوفينوكس في بروتوكول علاج كوفيد-19، فقد توصلت البروفيسور بعد عملية التشريح إلى أن الأوعية الكبيرة في الرئة، القلب والكلى مسدودة بالخثرة الدموية، وهذا شيء مهم جدا في تحديد طريقة العناية بمرضى هذا الوباء، فعندما لا يتم التحفظ على المرضى الذين يكون بينهم من يحمل 60 بالمائة من العبء أو الحمل الفيروسي في المستشفى لتلقي العلاج يمكن أن يموت بخثرة رئوية لأن الخلايا تتضرر من الإصابة. ولاحظت البروفيسور أن النتائج التي توصلت إليها بعد تشريح العديد من جثث مرضى الكوفيد-19 أو الذين أثبت التشريح إصابتهم به بعد وفاة مجهولة السبب خضعوا لتحليل المسحة الأنفية كانت إيجابية رغم أنها بعد الوفاة، وبفحص الجثة الذي أجرته في مستشفى نفيسة حمود «بارني سابقا « بحسين داي، تأكد إضافة إلى إصابة الأعضاء، وجود خثر دموية وإصابة الأوعية الدموية ما يجعل ترك المرضى الذين يعانون حمل فيروسي 40 بالمائة أو 50 بالمائة يعودون إلى منازلهم دون إعطائهم «لوفينوكس» إجراء مرفوضاً لخطورته على حياتهم وتطور المرض. وقالت إن التشريح أماط اللثام عن مشكل التخثر الدموي الذي يصاب به مريض الفيروس العالمي، مع العلم أنه عندما تصاب الأعضاء بالخثر الدموية ونقص الأوكسجين سيدخل المريض مرحلة لن يكون للعلاج فيها أي فعالية، لذلك كان لابد من إضافة ال«لوفينكس» إلى بروتوكول علاج الكوفيد-19 الذي تعتمده الجزائر. وشرحت البروفيسور شرواط أن تشريح جثث موتى الكوفيد -19 أبان عن ودمة رئوية هامة، ما تتسبب في تقطع الحويصلات الهوائية، بالإضافة إلى خثر دموية، كما لاحظت أن النسيج الرئوي كان في حالة تكبد ما يجعل الرئة قاسية عند لمسها، تطفو بصعوبة عند وضعها في الماء والسبب امتلاؤها بالدم، بل حتى البطانة الداخلية للمعدة متضررة، إضافة إلى الأمعاء الدقيقة، الكبد والمخ الذي وجدته في بعض الحالات غارقا في مائه. وعن سبب لجوئها إلى التشريح للتعرف عن قرب عن مرض الكوفيد-19، قالت البروفيسور شرواط إنها استغربت وفاة الكثير من المرضى شهري جانفي وفيفري بالتهابات رئوية، خاصة أن المستوى المعيشي في الجزائر متوسط، في تلك الفترة لم يكن الكوفيد-19 منتشرا في الجزائر، لكن وجود رئة أومخ غارقا في مائه أثار تساؤلاتها عن السبب، لذلك وبعد إعلان انتشاره في الجزائر، كانت تسأل أهل المتوفين بموت الفجأة عن الأعراض التي كان يعانيها المتوفون، حيث يخبرها أهله أنه كان يعاني فقدان حاسة الشم، أو أنه كان في اتصال مع شخص من العائلة مصاب بأعراض الكوفيد، بعد عملية التشريح وإجراء تحليل المسحة الأنفية بالإضافة إلى تحاليل الدم بغية التعرف على الأجسام المضادة وجدت التقارير الأولية أن المرض يصيب الأوعية الدموية يؤثر على الرئة، الدماغ بل كل الأعضاء متضررة الرئة، الكبد، الطحال، المعدة، الأمعاء الدقيقة، المخ والأوعية الدموية. وقالت البروفيسور شرواط إن هذه النتائج سيتم كتابتها في تقرير مفصل يرسل إلى اللجنة العلمية لرصد ومتابعة فيروس كورونا، لأخذ كل تلك الملاحظات بعين الاعتبار بغية الاستفادة منها خاصة فيما يتعلق ببروتوكول العلاج من أجل إحاطة أفضل بالمرض نفسه، فيجب الانتباه إلى مشكلة تخثر الدم لأنها من تقتل مرضى الكوفيد -19. فتح مراكز فحص ورعاية أولوية وعن الحالة الوبائية التي تعيشها الجزائر أخيرا خاصة ارتفاع حالات الإصابة، أكدت رئيسة مصلحة الطب الشرعي بمستشفى رويبة، أن الوضع الراهن يفرض فتح مراكز عناية وفحص لمرضى الكوفيد-19، بسبب امتلاء المستشفيات، فالجزائر اليوم أمام استعجال أساسي هو الرعاية، وفتح مراكز فحص للتكفل بأكبر عدد من المصابين هو أنسب حل في المرحلة الحالية. وشددت على ضرورة التكفل السريع بمريض الكوفيد- 19، حيث يجب إعطاؤه العلاج اللازم في مراكز علاجية تفتحها الدولة لاستقبال المرضى لمنع عودتهم إلى البيت حتى لا ينقل العدوى إلى المحيط الذي يعيش وسطه، لامتلاء المستشفيات بالمرضى، حيث يتم تجنيد أطباء عامين ومختصين حتى هؤلاء العاملين بالعيادات المتعددة الخدمات للوقوف على إعطائه العلاج اللازم بحيث يتم استقبال المريض فيها بملف طبي يطلب منه إجراء تحاليل مع متابعته ومراقبة حالته بمواعيد محددة، مؤكدة في السياق نفسه أن تكون تلك المراكز مراكز كوفيد-19 وليست استعجالات الكوفيد، فما دام المرض يصيب كل الأعضاء تكون مرحلته الأولى إصابة الرئة يجب أن تكون المتابعة عميقة، لمعرفة إن كان المريض يعاني تخثر الدم أو حصاة دموية حتى وإن كانت صغيرة لتأثيرها على عمل الكبد والكلى. وأوضحت شرواط أن فتح مراكز الفحص الجديدة ليس مرتبطا بمكان معين لأن دار الشباب أو أي مكان يستطيع الأطباء معاينة المرضى فيه سيسمح بالتخفيف عن المرضى، الذين غالبا ما يذهبون إلى عدة مستشفيات لإجراء الفحص بعد ظهور أعراض الإصابة، بل ويضطرون إلى الانتظار لساعات طويلة حتى يصل دورهم للمعاينة، ما ساهم في تردد الكثير منهم في الذهاب إلى المؤسسات الاستشفائية، لذلك فتح مركز جديد سيشجع المواطنين على الذهاب للتشخيص والفحص حتى يتناول الدواء بصفة آلية وللتكفل بالحالات البسيطة، وهنا أوصتهم بالتخلص من الشعور بالخجل لأن الكوفيد-19 مرض وليس عارا يتجنب صاحبه إظهاره للناس. وأكدت شرواط على ضرورة تعامل الدولة بصرامة مع كل المخالفين للإجراءات الوقائية والاحترازية خاصة القناع الواقي والتباعد الاجتماعي، فعندما ينص القانون على إجبارية ارتداء القناع الواقي لابد من التطبيق الصارم لهذا الإجراء بمعاقبة كل مخالف له، كاشفة في نفس السياق أن الأطباء ومنذ خمسة أشهر في حالة استنفار لتوعية المواطنين بخطورة الوباء لكن غياب الصرامة جعل الأطباء يفشلون في بلوغ النتائج المرجوة أوكما قالت «يد واحدة لا تصفق». وطلبت في حديثها إلى «الشعب»، مساعدة الموطنين لأنهم أهم رقم في القضاء على الوباء وبدون مشاركتهم لن تصل كل المجهودات المبذولة إلى شيء بل سيزداد الأمر سوءا، لأن الأطباء يقومون بكل ما في وسعهم لمداواة المرضى لكن في المقابل تسجل في نفس الوقت إصابات جديدة، ما يدخل الجزائر في حلقة مفرغة تحول دون الخروج من الأزمة الصحية الاستثنائية، لذلك لا بد من ارتداء القناع الواقي الذي يمنع تنقل الهواء والابتعاد عن الذي لا يحقق هذه الغاية خاصة الأقنعة السوداء التي يرتديها الشباب لعدم منعها انتشار العدوى، طبعا مع احترام التباعد الاجتماعي، والخروج إلا للضرورة مع الالتزام بالإجراءات الوقائية، فاليوم مثلا يبحث الجميع عن شراء أضحية العيد، لكن الملاحظ غياب الرقابة والالتزام الصارم بالإجراءات الوقائية. وذكرت البروفيسور أن الاعتقاد السائد بأن كوفيد-19 يختار ضحاياه من المسنين خاطئ لأن التجربة أثبتت وفاة شباب لا يتجاوز سنهم 31 سنة، مؤكدة على عدم قدرة الأطباء على معرفة كيف يتحمل جسم الإنسان الأضرار التي يسببها المرض، لأن من يعاني أمراضا مزمنة مات بالوباء ومن لم تظهر عليه الأعراض مات أيضا به، لذلك كانت الحيطة والحذر أفضل طريقة لمنع الإصابة بالعدوى. وعلى المواطن أن يعي أن حريته تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، فعندما يصبح سلوكه أذية لغيره يفقد حرية فعله من عدمه، لذلك هو مجبر على ارتداء القناع الواقي ولا يملك خيار تركه. معتبرة نقص الوعي أهم سبب للوضعية الوبائية في الجزائر، لأن الوعي وحده يكفل للمواطن خروجا آمنا إلى الشارع أو العمل.