وقف الجمهور الجزائري ليلة أول أمس على فاجعة رحيل قامة من مقامات الطرب العربي، الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية بعد تعرضها لأزمة قلبية ببيتها بالقاهرة، لتغادر عشاقها عن عمر يناهز ال73 سنة.. تتوقف فجأة الحنجرة الذهبية الجزائرية عن الغناء، لترحل أميرة الطرب العربي تاركة عشاقها يبكون فراقها، وهي التي أطربت الجميع، وحفظ أغانيها الصغير قبل الكبير، ولم تتوقف عن العطاء إلى أن سلمت روحها إلى بارئها، وهي من قالت يوما بأنها لن تتوقف عن الغناء، مادامت قادرة على العطاء، وبأنها ستظل تغني إلى أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، وهو ما تحقق لها، حيث أن حبها الكبير للجزائر ولأبناء وطنها جعلها تلفظ أنفاسها على آخر أغنية لها عن الوطن 'مازلنا واقفين' لتحتفل مع الجزائريين بخمسينية استقلال الجزائر قبل رحيلها. وردة الجزائرية قامة من قامات الفن العربي، ملكة الطرب العربي، وليست أميرة فحسب، تطفئ آخر شمعة لها، بعد أن أضاءت بصوتها الشجي، وبحضورها القوي، الساحة الفنية. وردة الجزائرية المرأة الشامخة، التي كانت تلهب الركح وهي تشدو بصوتها، وكانت تقف معتزة بجزائريتها، لبت نداء الوطن، وسجلت حضورها في مختلف الأعياد الوطنية وغنت لهذه المناسبات، فكانت 'عيد الكرامة' من أجمل ما غنت للجزائر، وقدمت أغنية 'عدنا إليك يا جزائرنا الحبيبة' التي كتبها الشاعر الجزائري المرحوم صالح خرفي في الذكرى العاشرة لاستقلال الجزائر 1972، ولحنها الموسيقار الراحل بليغ حمدي، كما غنت للشاعر الكبير مفدي زكريا، 'بلادي أحبك'، فكانت الفنانة الغائبة عن وطنها الحاضرة بقلبها ومشاعرها، لتكسب بوطنيتها حب الجزائريين، الذين كانوا يعبرون عن حبهم لها بحضورهم الكبير لحفلاتها الفنية في مختلف ربوع الوطن. رحلت وردة الجزائرية بجسدها لكنها ستبقى خالدة في قلوب محبيها، وستبقى خالدة بأغانيها متربعة عرش الأغنية العربية، فها هي وردة الجزائرية تقول وداعا لعائلتها، لعشاقها، لأصدقائها.. وداعا لمن انتقدوها، وطالبوها بترك الساحة الفنية، لأنها أصبحت في نظرهم تقدم أغان لا ترقى المستوى المطلوب، وكما يقولون أضحى صوتها 'نشاز'، وهو ما أدخلها في حالة نفسية بسبب هذه التصريحات اللامسؤولة، والتي صدرت عن أشباه فنانين اعتقدوا أنه بإمكانهم منافسة أو الوقوف أمام هرم من أهراماتهم، أو المساس بهذه الفنانة العملاقة التي دوى صوتها عاليا في سماء مصر، لتكون سيدة الفنانين هناك، ومن طينة كبار مطربيها كأم كلثوم، وفايزة أحمد.. شاء من شاء وأبى من أبى. فها هي أميرة الطرب العربي تترك لهم الجمل بما حمل، تتركهم إلى مثواها الأخير، لتقول لهم وداعا، وداعا، وداعا..