قطاع الصحة في الجزائر من أهم القطاعات التي تهم المواطن نظرا لخصوصيته وأهميته وتأثيره السلبي والايجابي بحيث أن المتوافد على أي مصلحة من مصالح مستشفيات العاصمة ترتسم في ذهنه نظرة سلبية أو ايجابية عن طريقة استقبال المرضى وواقع التكفل بهم وصولا إلى الإمكانيات المتوفرة بنوعيها البشرية والمادية ،وهو الأمر الذي أشار إليه تقرير وضعية حقوق الإنسان في الجزائر الذي أعدته اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان في الجزائر على مدار السنوات المنصرمة. ويستمر هذا الوضع في ظل الملايير الطائلة التي تضخها الدولة في هذا القطاع الذي يبقى بعيدا كل البعد عن آمال الجزائريين في الاستفادة من خدمات صحية راقية . مستشفى مصطفى باشا القلب النابض للصحة في جولة ميدانية قادتنا إلى اقرب مستشفى وملجئ الجزائريين من جميع أقطار الوطن مستشفى مصطفى باشا بأول ماي ،فكل مواطن يلتحق به يتخيل بان هذا المركز الاستشفائي الجامعي يتوفر على احدث التجهيزات الطبية ومختلف أصناف الأدوية وطاقم طبي كفء نظرا كونه يعد من ابرز الهياكل الصحية بالعاصمة والوطن بكامله من حيث حجمه الكبير الذي يستوعب عدد معتبر من المرضى مقارنة بالمستشفيات الأخرى الموجودة في الجزائر إلا أن أغلبية الأشخاص يصابون بخيبة أمل كبيرة عند دخوله للاستفادة من خدمات صحية. وما إن اجتزنا عتبة المستشفى لاحظنا حركة غير عادية،مواطنون من مختلف الشرائح يجوبون أروقة المستشفى ذهابا وإيابا ويبحثون عن من يساعدهم في إيجاد طبيب يتكفل بحالتهم الصحية ويخفف معاناتهم مع المرض حتى يتخيل لك بان المرضى أكثر عدد من الأصحاء. وما زاد من استغرابنا هو أن بعض الأطباء والممرضون وجدناهم جماعات يتقاسمون أطراف الحديث لمدة طويلة ،ولا يبالون بمعاناة المرضى الذين شكلوا طوابير طويلة في قاعات الاستقبال وهم في حالة يأس وقلق ينتظرون التفاتة صغيرة من طبيب ما لعلها ترجع إليهم الأمل في الشفاء. وما لاحظناه ونحن نتنقل من مصلحة إلى أخرى هو أن التسيير البشري للموظفين غلب عليه الطابع المجحف خاصة من طرف عمال المستشفيات الذين يستقبلون المرضى ببرودة ولو كانوا في حالات استعجالية طارئة وهو الأمر الذي يثير انزعاج بعض المواطنين الذين أكدوا لنا في تصريحاتهم بان سوء استقبالهم يزيد من معاناتهم سيما عندما يلجا بعض الأشخاص إلى تدخل معارفهم فيضطرون إلى الانتظار لساعات طويلة من اجل إجراء الفحص مؤكدين بان هذه التصرفات غير لائقة ولا يجب السكوت عنها سيما عندما يتعلق الأمر بالصحة . المواعيد إلى اجل غير مسمى والعمليات لمن استطاع إليها سبيلا اشتكى الكثير من المواطنين الذي وجدناهم بمستشفى مصطفى باشا من التأخر الكبير في المواعيد التي تحدد للمرضى من اجل إجراء فحوصاتهم الطبية والتي وصلت في بعض الأحيان إلى ستة أشهر ،وهو ما أثار امتعاض المواطنين سيما المرضى القادمين من ولايات بعيدة بحيث يضطرون إلى التنقل إلى هذا المستشفى لآلاف الكيلومترات فلا يجدون تكفل جيد فتزيد معاناتهم أكثر . وتنقلت ''الشعب'' إلى مصلحة العلاج الكيمائي والإشعاعي بمركز بيار ماري كوري ونقلت انطباعات بعض المواطنين حول ظروف الاستقبال ومجريات عملية التكفل بحيث أكدوا لنا بان ما يثير تذمرهم هو عدم احترام الأطباء للمواعيد المحددة المتعلقة بالعلاج الكيميائي والفحص بالأشعة . وأضاف آخرون بان المرضى تزيد معاناتهم عندما لا يجدون الطبيب المعالج فتفاجئون لعدم التزامه بالموعد المحدد للفحص ،والأخطر من ذلك هو أن بعض الأطباء يحولون بعض المرضى من القطاع العام إلى الخاص من اجل إجراء فحوص وتحليلات هي متوفرة في المستشفيات العمومية . العربي د وجدناه بمصلحة العلاج الكيميائي والإشعاعي بمركز بيار ماري كوري تظهر عليه علامات الأسى والبأس مصاب بسرطان الكولون وهو في بداية مرحلة العلاج الكيميائي التي تأتي بعد نجاح العملية الجراحية ليتم الانتقال إلى العلاج بجهاز الأشعة في مدة لا يجب أن تتجاوز أسابيع قليلة . أوضح العربي بان الفحص و العمليات لمن استطاع إليه سبيلا فقد تم تأجيل موعد الفحص إلى أشهر أخرى فبعد عناء الذهاب والإياب للظفر بموعد لإجراء العملية يصدم بخبر تأجيلها على الرغم من حالته الخطيرة. أما مصلحة العظام بمصطفى باشا فحدث ولا حرج فقد اشتكى أغلبية المرضى الذين وجدناهم بالمكان من المعاملة السيئة التي يحضون بها من قبل الأطباء والعاملين بالمصلحة التي تعرف إقبالا واسعا من طرف المتوافدين إليها ليلا ونهارا . اقتربنا من احد المواطنين وجدناه ينتظر دوره من اجل إجراء الفحص بعد أن أصيب بكسر على مستوى الركبة أكد لنا بنبرة تملؤها الحسرة'': اذا لم تكن لديك ''المعريفة'' لا احد يلتفت إليك ويعيرك اهتمام ففي بعض الأحيان اشعر بان الأطباء لا يمتلكون ضمائر .'' من جهته أكد لنا طبيب وجدناه بجناح المصلحة فسألناه عن واقع التكفل بالمرضى وظروف استقبالهم أن الأطباء يقدمون ما عليهم ويتكفلون بالمرضى حسب الإمكانات التي يتوفر عليها المستشفى كما أن الطبيب يتعامل مع دهنيات مختلفة تتطلب منه أن يتحلى بالكثير من الصبر ،نافيا وجود تمييز وازدواجية في التعامل مع المرضى . مصالح طب الأطفال تحت رحمة الاكتظاظ تشهد مصالح طب الأطفال المتمركزة بمختلف مستشفيات العاصمة حالة من الاحتقان و الفوضى في ضل انعدام أماكن للتكفل و استقبال هده الفئة الحساسة رغم خطورة الوضع لتبقى حياتها معرضة في كل ثانية إلى الوفاة. هذا ما رصدته ''الشعب'' في الجولة الاستطلاعية التي قادتنا إلى مختلف مستشفيات العاصمة منها بارني بحسين داي و بالفور ومايو ومصطفى باشا أين تقربنا من بعض الأولياء كانوا حاملين أطفالهم و ينتظرون من يشعر بمعاناتهم و ينقد أطفالهم من الموت . أكد لنا بعض الأولياء بان مصالح الأطفال الرضع تعرف ضغطا كبيرا بحيث لا توجد فيها حاضنات للأطفال تحوي كل المرضى الدين يتوجهون إلى هده المصالح سيما المصابين بأمراض خطيرة معدية فيضطرون إلى التنقل بأطفالهم المرضى من مستشفى إلى آخر من اجل إيجاد مكان له. وتساؤل البعض المواطنين عن سبب هذه الوضعية الكارثية التي تشهدها مصالح طب الأطفال على الرغم من أن الدولة تنفق أموالا طائلة من اجل التكفل بمختلف المرضى في الجزائر. و أكد لنا آخرون بان ما يثير تذمر هم اكتر هو الانتظار الطويل في قاعات الاستقبال و لجوء آخرون إلى معارفهم من اجل إجراء الفحوصات الطبية لأطفالهم فيقوم الطبيب بإدخالهم قبل أناس قدموا منذ الصباح الباكر رغم خطورة وضعهم الصحي متسائلين أين هي أخلاقيات المهنة . أمهات المرضى في حالة نفسية متدهورة . تعيش الأمهات اللواتي يمرضن أطفالهن بأمراض مختلفة على غرار التهاب السحايا والبلعوم المتكرر وارتفاع درجة الحرارة المفاجئة حالة نفسية متدهورة خوفا على صحة أبنائهن فتجد أغلبيتهن ضائعات ولا يقوون على النوم . لاحظنا على وجوه هؤلاء الأمهات خوفا شديدا ميزه ملامح شاحبة واسوداد حول العينين من شدة التعب وعدم القدرة على النوم سيما بالليل. أكدت لنا بعض الأمهات اللاتي وجدناهن بمصلحة الاستعجالات الخاصة بالأطفال بمستشفى مايو بباب الواد وهن في حالة يرثى لها أن مرض أطفالهن يجعلهم يعيشون أيام عصيبة وحالة نفسية متدهورة بحيث لا يقوون على فعل أي شيء سوى التفكير بحالة أطفالهن الصحية . وما زاد من تدهور الوضع حسب بعض الأمهات هي الكراسي غير المريحة المتواجدة بقاعة الاستقبال في نفس المصلحة بحيث تجد أغلبية الأولياء واقفين لساعات طويلة أو جالسين مباشرة على الأرض ينتظرون دورهم لفحص أطفالهم. فتيحة ك .أم لطفل حديث الولادة أصيب بالتهاب السحايا أكدت لنا بأنها كلما شعرت بان درجة حرارة طفلها مرتفعة زيادة عن اللزوم ينتابها فزع كبير فتسرع بنقله إلى المستشفى ولو في ساعة متأخرة من الليل . وأضافت فتيحة قائلة '':عندما يمرض طفلي أعيش معاناة نفسية كبيرة بحيث أصبح سريعة الغضب و لا أجد رغبة لا في الأكل ولا الضحك لأنه ''ما يحس بالجمرة غير لي كواتو مرضى محاصرون بين آلام المرض ومشقة البحث عن الدواء يشتكي مئات المرضى عبر مناطق مختلفة من الوطنئ من ندرة حادة في بعض الأدوية وغيابها عن الصيدليات رغم حاجتهم الملحة لهذه الأدوية التي من شأنها التخفيف من حدة المرض. الندرة حسب الصيادلة مست أصحاب الأمراض المزمنة على غرار مرضى الحساسية والربو وفي ظل الانتشار الواسع لهذا المرض عبر كامل تراب الوطن اذئ يضطر الكثيرون للبحث عن حاجتهم أياما متواصلة فيما يعاود البعض الاتصال بالطبيب المعالج لتغيير نوعية الدواء في ظل مشكلة انعدام الأدوية البديلة الأمر الذي أرغم البعض في التنقل حتى الى ولايات أخرى و للظفر بالدواء المطلوب، كما شملت الأزمة مرضى السكاري الذين يعانون من نقص مادة الأنسولين كذلك الأمر بالنسبة لمرضى القلب الذين يفتقدون لدواء دوقوكسيل بالاضافة الى مرضى الجلد والعيون وبعض الأمراض الأخرى الأمر الذي جعل بعض المرضى يبدون تذمرهم الشديد في ظل حاجتهم الضرورية لهذه الأدوية للتخفيف من حدة المرض مناشدين الجهات الوصية بضرورة السعي الجاد لتوفير ما يحتاجونه من الأدوية للتخفيف من معاناتهم مع المرض . فلم تعد آلام المرض تسبب قلقا للمريض بقدر ما أصبح البحث عن الدواء هو ''الداء'' المزمن للمرضى على حد سواء ، حيث يجد المريض نفسه محاصرا بين آلام المرض ومشقة البحث عن الدواء ، وهو ما دفع كثيرا من المرضي إلي إحضاره من الخارج مهما كلف ثمنه ، خاصة أصحاب الأمراض الخطيرة والمزمنة، و لا احد يعرف أين المشكل و من المتسبب فيه أمام المظاهر المؤسفة التي نلاحظها سواء على مستوى الصيدليات العمومية أو المركزية أم تلك التابعة للقطاع الخاص، المشكل يعود الى ندرة المواد الصيدلانية لاسيما و العديد منها يستورد من الخراج و يكلف خزينة الدولة غاليا ، و قد كان هذا العامل الفضاء المتاح لتجار الأدوية في استعمال المحاباة و المحسوبية في توزيع الدواء، وهو السؤال الذي طالما ردده المرضى و هم يعيشون حالة التذمر و الاستياء لمعرفة المسؤول عن غياب الدواء أو نقصانه و عدم توفره ، و إذا ما كانت حياة المواطن ستبقى بيد الوكلاء يتحكمون بها كما يشاءون ، بسبب تأخر وصول الكميات التي يقومون باستيرادها.