تسعى وزارة التجارة من خلال مشاريعها الخاصة الى احتواء الفوضى التي تميز القطاع حيث انتشرت الأسواق الموازية اكثر فأكثر وزادت متاعب المستثمرين المحليين والمؤسسات الاقتصادية العمومية والخاصة المنتجة ما عجل بغلق العديد من المؤسسات وافلاس بعضها البعض نيجة لغياب الرقابة وسيطرة مافيا الاستيراد على دواليب الاقتصاد الوطني. يعكس تأخر مفاوضات الجزائر للانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة الواقع المزري للقطاع التجاري الذي يعتبر نتيجة لتحرير السوق دون تحضير الأرضية والنتيجة يعرفها الجميع ومازاد في مآسي القطاع التجاري ببلادنا هو العشرية السوداء التي شغلت الدولة بالحفاظ على الجمهورية من الارهاب الذي لم يبق ولم يذر يعكس تأخر مفاوضات الجزائر للانضمام الى المنظمة العالمية للتجارة وامتدادها لأكثر من 15 سنة الوضع الصعب لبلادنا في الميدان التجاري والذي يقف وراء النهوض بالاقتصاد خارج قطاع المحروقات حيث يسيطر القطاع الموازي على كل شيئ وتتحدث بعض التصريحات من خبراء اقتصاديين على سيطرة القطاع الموازي على أكثر من 60 بالمائة من أموال الاقتصاد الوطني المحلي الذي يبقى رهين الاستيراد والسلع المقلدة التي تغزو بلادنا من كل جانب وهو الأمر الذي أثار غضب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في الكثير من الأحيان غير أن القائمين على قطاع التجارة لم ينجحوا في التقليل من حظور القطاع الموازي في السوق الوطنية ولم تقتصر المعالجة الا على الجانب الأمني حيث يتحمل مختلف أعوان الشرطة مسؤولية مطاردة الباعة الفوضويين بينما لم يسجل أعوان الرقابة لوزارة التجارة أية نتائج ملموسة. وما يحدث في أسواق محور المسيلة, سطيف,بريكة دون الحديث عن الحميز, والحراش, والعلمة ومغنية وعين الحجل وتاجنانت وعين أمليلة ومقرة الخاصة بمختلف أنواع السلع والمنتجات الوطنية والدولية والبعيدة كل البعد عن الرقابة فالزائر لدائرة مقرة الواقعة بين المسيلةوبريكة يلمح أسواق قطع الغيار المستورة والمنتشرة بقوة والتي تتم في ظروف غامضة وهو ما قد يعكس حوادث المرور الكثيرة بالنظر لعدم مطابقة قطع الغيار للمواصفات الدولية ونفس الأمر ينطبق على سوق الحميز للآلآت الكهرومنزلية وسوق دي 15 بالحراش الذي يعرف انتشار بيع الألبسة بالجملة شانه شان سوق عين الحجل بينما تنتشر بعين أمليلة وتاجنانت بأم البواقي وميلة محلات بيع قطاع الغيار أما سوق' العلمة المعروف بسوق دبي فالجميع يتحدث عن توفر السلع من جميع مناطق العالم ووصل الأمر بالحديث عن وجود كل شيئ الا "أبوك وأمك" وهي وقائع تعكس غموض التجارة في الجزائر. وما يزيد في اغراق الأسواق هو ارتفاع عدد المستوردين من 21 الى 25 ألف مستور بين سنتي 2007 و 2008 والعدد مرشح للارتفاع أكثر وبالتالي المزيد من الفوضى والتجاوزات. حتى أسواق الخضر والفواكه لم تنج دخلت اسواق الخضر والفواكه اهتمامات المستوردين حيث استغلو دخول الجزائر منطقة التبادل الحر العربية وشرعوا في تسويق المنتجات الزراعية المغاربية على غرار البرتقال والطماطم في انتظار اكتشاف مناطق استيراد جديدة لاغراق السوق الوطنية ومنه اجهاض محاولات النهوض بالزراعة وانعاش الاقتصاد خارج قطاع المحروقات على الأقل للتقليل من فاتورة الاستيراد وخاصة المتعلقة بالمواد الغذائية والتي وصلت في السنوات القليلة الماضية الى أكثر من 8 ملايير دولار. وما حدث مؤخرا مع مادة البطاطا ووصولها الى 100 دج للكيلوغرام بالرغم من الاجراءات التي اتخذتها مختلف القطاعات الوزارية على غرار الفلاحة التي تحدثت السنة الماضية عن خطوات لضمان تمويل السوق بالكميات اللازمة للحفاظ على أسعار متوسطة في صالح المواطن غير أن جميع تلك الخطابات ذهبت أدراج الرياح وبقيت مافيا الأسواق متحكمة في كل شيئ والدليل هو بعد نهب جيوب المواطن برفع سعر البطاطا اتجه هولاء حاليا الى مادة الطماطم التي تصل الى وصلت الى أكثر من 80 دينارا في انتظار رفع أسعار بعض المواد وهو ما يجعل الجبهة الاجتماعية دائما على صفيح ساخن في ظل غموض ضبط الأسواق الوطنية وتحديد أسعار مناسبة تراعي التاجر والقدرة الشرائية للمواطن. وسئم المواطن من تحميل المضاربون في كل مرة مسؤولية التهاب الأسعار,بدلا من ايجاد الحلول الناجعة لارساء ثقافة تجارية تأخذ بعين الاعتبار دخول الجزائر في اقتصاد السوق وتمنح الثقة للمستثمرين الأجانب للمجي الى الجزائر من خلال اظهار امكانية محاربة المظاهر السلبية التي ظهرت مع اقتصاد السوق كالتهريب وانتشار السلع المقلدة واتساع ظاهرة الأسواق الموازية التي باتت خطرا يهدد استقرار المجتمع من خلال بروزها كمكان لتبييض الأموال وتمويل نشاطات غير مشروعة وصلت الى تمويل الجماعات الارهابية التي تبين بأن لها نشاطات تجارية بمختلف مناطق الوطن لضمان تمويل نشاطتها وهو ما يجب التفطن له والتشديد على الفوضى التي تميز النشاط التجاري. وامتدت الفوضى التجارية الى حرمان الخزينة العمومية من ملايير الضرائب التي تعتبر عامل موازنة للخزينة العمومية لضبط الميزانية والتقليل من المديونية الداخلية لتحمل تبعات مختلف الميزانيات المتعلقة بالخدمة العمومية وتحسين مستوى معيشة المواطن. وتعرف الجزائر نشاط أكثر من مليون تاجر ومؤسسة وطنية وأجنبية تعاني من الكثير من المشاكل أهمها انتشار السوق السوداء والتهريسب وانتشار السلع المقلدة وهي السلبيات التي لم نسجل فيها الا نشاط الشرطة والدرك والجمارك بينما تبقى الاجراءات المتخذة من قبل الوزارات بعيدة كل البعد عن ديناميكية تلك البارونات التي تنخر الاقتصاد الفوضني أكثر من السرطان وفوق ذلك خلقت العديد من المشاكل الأخرى خاصة انتشار الأمراض حيث أكد السيد مسدور فارس الخبير الاقتصادي ل "الشعب" أن هناك علاقة بين ارتفاع استيراد السلع المستوردة وانتشار الأمراض وهو ما يعني التحامل على أموال الاقتصاد الوطني المتأتية من النفط لنهبها لفائدة المستوردين. وعليه فاستمرار فوضى التجارة في بلادنا قد يؤدي الى تأجيج الجيهة الاجتماعية وجعلها في صفيح ساخن وهو ما يجعل الاستقرار السياسي والاجتماعي مهددا.