يظهر أن صيف هذه السنة سيكون حارا على الساحة السياسية من خلال بروز مؤشرات كثيرة تهدد استقرار الكثير من الأحزاب وبعد أن كانت حركات العصيان والتمرد أو الحركات التصحيحية كما يختصرها البعض مقتصرة على بعض الأحزاب بات الفائز في الانتخابات أكبر المهددين وما تعيشه أحزاب حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية إلا دليل على أن شيئا ما ليس على ما يرام. ويستعد حزب جبهة التحرير الوطني لعقد اجتماع اللجنة المركزية المقرر منتصف جوان الجاري وهو الذي تم تأجيله ل15 يوما بعد أن كان مقررا بداية الشهر الجاري مثلما أعلن عنه بلخادم في الندوة الصحفية التي أعقبت إعلان النتائج الأولية لتشريعيات في 11 ماي. ويظهر أن فوز الحزب العتيد بالانتخابات التشريعية التي تعتبر حاسمة وفاصلة قد جعل فرص التقارب بين التقويميين وأنصار بلخادم أكثر من إمكانيات التنافر من أجل وضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، ومراجعة بعض الأمور التي من شانها القضاء على نقاط الاختلاف خاصة في ظل الرهانات التي تنتظر الهيئة التشريعية بمراجعة الدستور ومناقشة القوانين التطبيقية للسمعي البصري وإنشاء سلطة ضبط الصحافة المكتوبة وهو ما يتطلب جوا سياسيا ايجابيا. وستعقد اللجنة المركزية اجتماعا عاديا بعد أن طلب التقويميون بقيادة عبد الحميد عبادة اجتماعا طارئا بعد أن أكدوا جمعهم للتوقيعات اللازمة بينما قاد أنصار بلخادم هجوما معاكسا بجمع لائحة تأييد، وهو ما يؤكد تمسك كل طرف برأيه. وسيدخل بلخادم الاجتماع من مركز بقوة بحكم نتائج التشريعيات وفوز الجبهة برئاسة المجلس الشعبي الوطني والمنصب الثالث في هرم السلطة بالإضافة إلى إمكانية ترأس الكثير من لجان المجلس التي ستعزز مكانة الأمين العام الحالي الذي كان وراء ترشيح معظم القوائم، ومنه زيادة الولاء داخل اللجنة المركزية وإقناع الكثيرين بضرورة العودة إلى صفوف الحزب. «الأرندي» يعيش نفس مشاكل تشريعيات 2002 عادت مشاكل تشريعيات 2002 إلى بيت التجمع الوطني الديمقراطي بعد أن تشكلت لجنة من داخله بقيادة نورية حفصي وبعض الغاضبين من الذين لم يقبل ترشحهم للتشريعيات السابقة، وأخرجوا الحزب من حالة الصرامة والانضباط التي كان يعيشها بعد عقد دورة المكتب الوطني أول أمس . ولم تكن نتائج تشريعيات العاشر ماي هي السبب الوحيد للتحرك في الأرندي بل بعض التوجهات العامة التي جعلت من الحزب يلعب دور إحداث التوازنات من خلال تخندقه مع الأفلان في معظم الملفات الهامة والحاسمة وحفاظه على الاستقرار من خلال تغليب المصلحة العامة . الأحزاب الإسلامية و«الأفافاس» في مفترق الطرق وفشلت الأحزاب الإسلامية في إقناع الشعب الجزائري بمنحها فرصة لإحداث التغيير ووقعت في فخ استنساخ تجربة مصر وتونس والمغرب بدرجة أقل وإسقاطها على الجزائريين الذي عاقبوا القيادات الإسلامية وأكدوا أن خطابهم المبني على انتقاد ما هو موجود والدعاية لأمور فوق طاقهم لم يعد يجدي نفعا في عالم يحكمه الاقتصاد والعولمة والكثير من المعطيات المغيبة في مختلف البرامج. وما حدث في بيت حركة مجتمع السلم عند تنصيب المجلس الشعبي الوطني إلا دليل على عدم اقتناع الكثير من الأعضاء القياديين بتوجهات الحركة بصفة عامة وخاصة عمار غول الذي رد على رئيس الحركة أبو جرة سلطاني بطريقة خاصة من خلال رفضه الانصياع لأمر الانسحاب من جلسة تنصيب المجلس الشعبي الوطني. ويظهر أن التوجه العام لحركة مجتمع السلم التي انسحبت من التحالف الرئاسي وهي تفتقد للقوة التي تجعلها قطبا معارضا قد تجعل من الرأي العام يضغط لتزكية عمار غول لرئاسة الحركة في ظل القبول الكبير لشخصه في الانتخابات التشريعية. وحتى الأفافاس الذي حقق نتائج باهرة في التشريعيات لم ينج من الانشقاقات والاختلاف من خلال تجميد وتوقيف عضوية الكثير من القياديين الذين أكدوا رفضهم المشاركة في التشريعيات على غرار كريم طابو في صورة تؤكد رغبة الحزب في تصحيح أخطاء الماضي الذي كلفته البعد عن الساحة السياسية كما كان لتوجيهات «الدا حسين» أثرا بالغا من خلال تأكيده على الانخراط في إعادة بعث نشاط الحزب والتركيز على المشاركة الايجابية والمعارضة من داخل الهيئات حتى تكون النتائج مؤثرة .