شرعت الجزائر في أولى إجراءات التقشف وخفض الاستيراد من خلال دعوة المخابر الأجنبية الناشطة في مجال الأدوية الى الاستثمار في الجزائر من خلال توجيه جزء من أرباحها التي تفوق 5,1 مليار دولار سنويا الى الاستثمار المنتج بدلا من التركيز على الاستيراد وإغراق السوق الوطنية بالسلع والمنتجات الصيدلانية، وينتظر أن تأخذ السلطات التي شرعت في تجسيد ملاحظات وتوجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة التي تحدث عنها في خطابه أمام المنتخبين المحليين الصائفة الماضية والتي أكد فيها ضرورة مراجعة الأجانب لتعاملتهم الاقتصادية في بلادنا. وتسعى الجزائر لتصحيح مسارها الاقتصادي من خلال مراجعة بعض القوانين والتشريعات بعد التغيرات الكبيرة الحاصلة على الساحة العالمية وظهور بوادر أزمة مالية عالمية تفرض علينا حماية اقتصادنا من جميع الهزات للحفاظ على المكاسب وتصحيح الاختلالات لأن خصوصية اقتصادنا المعتمد على المحروقات يحتم علينا التصدي للانخفاض المحسوس لأسعار الذهب الأسود الذي فقد أكثر من 80 دولارا منذ جويلية 2008 أين وصل الى 148 دولار للبرميل في حين سجل أول أمس 64 دولارا كمتوسط في مختلف البورصات العالمية. وبما أن الاقتصاد الوطني يعتمد على 97 بالمائة من العائدات بالعملة الصعبة المتأتية من المحروقات ستكون العواقب عليه وخيمة، لأن الاستثمارات العمومية التي فاقت ال200 مليار دولار بحاجة الى مداخيل مرتفعة للحفاظ على وتيرة النمو والانجاز وإلا سنقع في فخ ارتفاع تكاليف المشاريع الضخمة على غرار الطريق السيار شرق - غرب وكهربة السكة الحديدية وانجاز مختلف مشاريع النقل. ويعتبر فرض الاستثمار المنتج على مختلف المستوردين إجراء صائب من جهة للحفاظ على العملة الصعبة هنا بالجزائر ومنه رفع قيمة الدينار وتشجيع التصدير وخفض فاتورة الاستيراد التي من المنتظر أن تصل الى 33 مليار دولار وهو ما يقلق كثيرا السلطات حيث أصبح التحكم في فاتورة الاستيراد صعب للغاية فمن 14 مليار دولار في 2002 أصبحنا اليوم في عتبة الثلاثين مليار دولار وهو ارتفاع يجعل المخاوف كبيرة على مستقبل الاقتصاد الوطني. وكان رئيس الجمهورية قد أبدا قلقه من تركيز الأجانب على الاستثمار في الخدمات والتجارة مع تركيزهم على تحويل أرباحهم نحو بلدانهم الأصلية وعدم تحويل أجزاء منها لتوسيع الاستثمارات بالجزائر وخلق مناصب عمل وقيم مضافة للاقتصاد الوطني وما كان على الدولة إلا مراجعة نظام وامتيازات الاستثمار في الجزائر من خلال رفع الضرائب على الأرباح الموجهة للخارج كما حدث مع الشركات البترولية التي فرضت عليها الدولة ضرائب عند تجاوز أسعار النفط مستويات قياسية. وكان رئيس الحكومة السيد أحمد أويحيى قد وجه عدة تعليمات للهيئات الحكومية يأمرها فيها بتقليص النفقات في شراء العتاد الكمالي والسيارات كما تضمنت التعليمات إنقاص أكبر قدر ممكن من السفريات والمهمات نحو الخارج وهو ما يؤكد حرص الحكومة على مكافحة الفساد والتبذير غير المبرر للحفاظ على الموارد المالية الوطنية واستغلالها أحسن استغلال في أمور التنمية المستدامة.