يعرف سوق الأدوية في الجزائر مشاكل كبيرة جدا شانه شان المجالات التجارية الأخرى حيث يبسط الاستيراد سيطرته على السوق الذي عرف في الأونة الأخيرة جدلا كبيرا يعكس حالة الفوضى والصراع غير المعلن بين المستوردين والمستثمرين هذا في الوقت الذي تتضاعف فيه مبالغ استيراد الأدوية في الجزائر من سنة لأخرى كنتيجة لانتشار مختلف الأمراض في مجتمعنا بنسب تدعو للقلق. استوردت الجزائر السنة الماضية حوالي 5,1 مليار أورو من الأدوية بعد أن كانت حوالي 900 مليون دولار في 2005 وتؤكد هذه الأرقام وجود خلل ما في سوق الأدوية الجزائرية التي تشهد منافسة شرسة بين مختلف المخابر الناشطة في مجال المواد الصيدلانية والمستوردين الذين لا يعترفون إلا بالأرباح وطفت للسطح عدة تساؤلات عن القوانين التي تحكم هذه السوق التي تسيل لعاب العديد من بارونات الدواء. ولعل قضية الشركة الوطنية صيدال مع المستوردين تعتبر مفتاح اللغز، فالمؤسسة الوطنية التي تمكنت من الصمود في وجه التفتح الاقتصادي ودخلت عالم المنافسة من بابه الواسع وضمنت تمويل السوق الوطنية بالأدوية بأكثر من 35 بالمائة الأمر الذي لم يعجب بعض المتعاملين الآخرين الذين يفضلون الاستيراد بدلا من الاستثمار بالرغم من أن القانون واضح في هذا الشأن فالمستورد وفقا للقانون الجزائري يجب أن يقيم استثمارا منتجا بعد 3 سنوات من مباشرته التصدير وهو ما يتجاهله مختلف المستوردين وجعل شركة صيدال تدخل في صراع كبير للتحسيس بمخاطر استمرار الاستيراد دون الاستثمار لأن ذلك سيرهق الشركة العمومية لأنها تفضل المصلحة العليا للوطن من خلال خلق الثروة وتوفير مناصب العمل بدلا من التركيز على الربح. وتعرضت شركة صيدال في العديد من المرات الى مضايقات وتهديدات وصلت الى حد محاولة إحراق مصنع الأنسولين بقسنطينة الذي دشنه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وتلقى شروحات كبيرة عن واقع صناعة الأدوية ما جعله يأمر بفتح تحقيق قضائي في محاولة إحراق مصنع قسنطينة للأنسولين قبل سنتين كإجراء لكبح مافيا الدواء التي لا تتوقف عن خلق الفوضى وإثارة المشاكل. وللتقليل من الفاتورة الضخمة للأدوية وتعويضات الضمان الاجتماعي شرعت بلادنا في الاستثمار في الأدوية الجنيسة التي باتت المطلب الأول في سوق الدواء بالنظر لانخفاض تكاليف إنتاجها ووفرتها في الأسواق وهو ما زاد من حدة المنافسة وفتح مجال آخر لصراع غير معلن بين المتعاملين الوطنيين والأجانب المستثمرين والمستوردين في ظل صعوبة التحكم في سوق الدواء الذي يحتاج الى سلطة ضبط صارمة لوقف جميع التجاوزات من الإنتاج والاستيراد الى التوزيع والبيع في التجزئة في الصيدليات. ويتزامن ارتفاع فاتورة الدواء مع انتشار مخيف للأمراض المزمنة في الجزائر، فمرضى السكري وصل الى 3 ملايين شخص منهم مليون شخص يستعمل الأنسولين مع وجود مليون مختل عقليا و 10 ملايين يعانون من ارتفاع الضغط الدموي ناهيك عن 25 ألف حالة سرطان جديدة كل عام دون الحديث عن مختلف الأمراض الأخرى التي سترشح فاتورة الاستيراد الى أرقام قياسية في السنوات القليلة القادمة وهو ما يجعل الدولة تراجع حساباتها في هذا الجانب وفرض الاستثمار على المستوردين من جهة، ومن جهة أخرى تمكين الاقتصاد الوطني من قيم مضافة ولما لا الوصول الى تصدير كميات معتبرة من الأدوية نحو الأسواق الإفريقية التي تعتبر أسواقا واعدة. ------------------------------------------------------------------------