لا بديل عن التعبئة الجماعية للقضاء على الوباء طمأنت مديرية الصحة والسكان لولاية وهران مواطنيها بخصوص حملة التطعيم الوطنية ضد فيروس كورونا المستجد، والتي لا تزال تثير الجدل وسط الجزائريين، بسبب المخاوف التي تساور البعض حول جدوى اللقاحات المطوّرة حديثا، معتبرة أنها معلومات خاطئة ومزيّفة هدفها التشتت والشرود عن الحقائق. ناقشت «الشعب» هذا الموضوع مع الدكتور بوخاري يوسف، المكلف بالإعلام ورئيس مصلحة الوقاية بذات المديرية، حيث استهلّ تدخّله بالتحذير من التضليل الإعلامي وخطاب التهويل المعتمد في معالجة المعطيات المتعلقة باللقاحات المضادة ل «كوفيد19»، مشدّدا على أنّ «الطريق الحقيقي للقضاء على الوباء هو التعبئة الجماعية، وجعل مصالح الوطن والمواطنين تسمو فوق كل اعتبار». ودعا الرأي العام إلى التخلي عن الأفكار الخاطئة والمساهمة الإيجابية في تحقيق الغايات والأهداف المتوخاة من هذه الحملة، لأنه ببساطة لا يوجد حاليا أي علاج، ما عدا التطعيم، كما أن استراتيجية الجزائر في مكافحة الوباء لها هدف واحد، يندرج في حماية سلامة المواطن، وتوفير أقصى درجات الأمن الصحي»، مبينا في الوقت ذاته أنّ «اللقاحات الجديدة المضادة لفيروس كورونا المستجد، كغيرها من الأدوية والمنتجات الصحية الأخرى لها فوائد وأضرار، وإيجابياتها أكثر من سلبياتها». وبخصوص الأدوية الأخرى المستخدمة في علاج أعرض الفيروس الوبائي، أوضح قائلا: «وهران أجرت تجربتين اثنتين، كلاهما حقق نتائج إيجابية؛ الأولى تتعلق ببروتوكول الكلوروكين، بينما اعتمدت الأخرى على متابعة المصابين من دون أي أدوية أو عقاقير»، وهو ما جعل محدثنا يؤكد مرة أخرى «أهمية التلقيح في وقاية المجتمع ككل، ولاسيما الفئات الأكثر عرضة للإصابة بهذا المرض…». وطمأن في هذا الصدد بأنّ دواء «الكلوروكين» آمن ويتواجد في السوق الجزائرية منذ أكثر من 50 سنة، ويستخدم في الوقاية من داء «الملاريا» أو «البالديزم» في الصحراء والهضاب العليا، ناهيك عن الأمراض المزمنة الأخرى، على غرار أمراض العظام والمفاصل كالهشاشة المفرطة والروماتيزم. كما أفاد المتحدث بأن هذا النوع من الأدوية، يتم وصفه لمدة أقصاها 10 أيام للحالات الحادة فقط داخل المراكز المخصصة، مع إخضاع المريض لاختبارات ومراقبة طبية صارمة، فيما توصف علاجات أخرى للشباب والفئة الحاملة للفيروس بدون أعراض، على غرار الزنك، فيتامين «سي»، خافضات الحرارة، إضافة إلى المضادات الحيوية في حالة وجود العلامات السريرية للعدوى كالسعال والبلغم الملون، مثلما تطرقت إليه «الشعب» في أعدادها السابقة. وأوضح بخصوص لقاحات «كوفيد-19»، بأنه توجد ثلاثة أنواع مرخصة، منها «موديرنا» الذي يمكن تخزينه في درجة حرارة تتراوح من 2 إلى 8 درجات مئوية، وذلك لمدة 30 يوما، وبدرجة حرارة ناقص 20 درجة مئوية إذا فاقت مدة التخزين 6 أشهر، بينما يحتاج لقاح «فايزر» إلى 70 درجة تحت الصفر، فيما تكمن إحدى مزايا مضاد «سينوفاك» الصيني في إمكانية تخزينه في درجة حرارة تتراوح بين 2 و8 درجات مئوية، وفق ما أشير إليه. وعاد الدكتور بوخاري ليؤكّد بأن الجزائر سجلت طلبياتها ضمن منظومة «كوفاكس» للشراء المجمّع للقاحات المضادة لكوفيد-19، وذلك في إطار الاتفاقية المبرمة مع منظمة الصحة العالمية، موضحا أن «الجرعات ستوجه أساسا إلى الفئات التي يهددها الفيروس بشكل مباشر، على غرار كبار السن، الأطقم الطبية والشبه الطبية وذوي الأمراض المزمنة». الأطفال يتلقّون 11 نوعا من اللقاحات أبرز في سياق متصل، أنّ «الجزائر من الدول الرائدة في مجال التطعيمات العامة، وذلك منذ بداية الستينات من القرن الماضي يضيف نفس المصدر وهو ما يعكس ويؤكّد التزامها بالقضاء نهائيا على عدّة أمراض فتّاكة من قبيل شلل الأطفال والطاعون والديفتيريا والتيتانوس. وأوضح أنّ «الجزائر مرشّحة لنيل شهادة القضاء على مرض «الحصبة» في سنة 2018، لولا الضجّة الإعلامية التي أحدثتها بعض وسائل الإعلام حول اللقاح المضاد للبوحمرون (MMR) كلقاح مدمج ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، باعتبارها من الأسباب التي أدّت إلى عزوف الأولياء عن تلقيح أبنائهم خلال تلك الفترة، فعاد هذا المرض الفيروسي من جديد». من جانب آخر، اعتبر يوسف بوخاري أنّ «الجزائر من الدول التي تعرف تأخرا كبيرا في حملة التلقيح ضد فيروس كرونا الذي يواصل فيه الوباء حصد الأرواح، ناهيك عن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة»، مشيرا في هذا الصدد إلى عديد الدول التي تمكّنت في ظرف شهر من تلقيح زهاء 30 بالمائة من شعوبها، على غرار أمريكا وروسيا، إضافة إلى بعض الدول الإفريقية، ومنها جمهورية أنغولا، وغيرها من الدول السباقة. سيناريوهات محتملة بوهران عن استعدادات ثاني أكبر مدن الجزائر لحملة التلقيح الوطنية ضد «كوفيد-19»، قال: «وهران على أتم الجاهزية لمباشرة العملية، نظرا لتوفرها على مختلف الوسائل اللوجيستية اللازمة لتخزين ونقل وحفظ اللقاحات المضادة لكوفيد-19»، معلنا في الوقت نفسه عن انخراط بعض الخواص لتدعيم سلسلة التبريد، وخاصة غرف التبريد السالبة». وأضاف أنّ «الولاية وضعت اثني من السيناريوهات المتوقعة لتأطير العملية، الأول قائم على تسخير الأماكن العامة في حال كانت الحملة الوطنية ضخمة، على غرار قصر المؤتمرات احمد بن أحد، وكذا قصر المعارض بالمدينة الجديدة على مستوى البلدية الأم، ناهيك عن تسخير القاعات الرياضية المغلقة المنتشرة عبر مختلف البلديات المشكلة للولاية». وتابع أنّ «السيناريو الثاني يسير على خطى الدول السباقة في التعامل مع لقاح كورونا، وذلك من خلال تسخير 54 عيادة متعددة الخدمات مجهزة بمساحات استقبال كبيرة ورواق خاص للتكفل بمرضى كوفيد-19، وكذا أجهزة ووسائل التبريد، ناهيك عن المولدات الكهربائية لضمان جودة وفعالية اللقاحات في حال انقطاع الكهرباء، وهو السيناريو المتوقع اعتماده في حملة قد تستمر لمدة عام كامل، وفق منظمة الصحة العالمية». كما كشف عن استعدادهم لإنشاء برنامج Logiciel عن طريق تحديد موعد وإعلام المعنيين عبر الرسائل النصية القصيرة، وذلك في حالة تسجيل إقبال كبير من المواطنين، معلنا في الوقت نفسه عن تخصيص طاقم طبي خاص لمرافقة حملة التلقيح بالولاية، يتكون من 14 مختصا في العناية المركزة و146 طبيب عام و336 عون تلقيح، بالإضافة إلى سيارات الإسعاف والأدوية المضادة. وفي الختام، أكد رئيس مصلحة الوقاية مجدّدا دور وسائل الإعلام في توعية المجتمع ومواجهة حملات التضليل الإعلامي والإلكتروني، ولاسيما في هذه الفترة الصحية التي تعيشها البلاد، موضحا أنّ «فئة الأطفال في الجزائر تخضع ل 11 نوعا من اللقاحات من سن الولادة حتى ست سنوات، ولم تتسبّب لهم في أيّة مضاعفات».