يصدر عن دار خيال للنشر والترجمة مولود سردي قصصي للكاتبة والفنانة التشكيلية، حليمة بريهوم، يحمل عنوان: «مشاعر افتراضية»، وهو عنوان مجازي يعكس العلاقات الانسانية في العوالم الافتراضية التي أصبحت بديلا، اليوم، في حياتنا الاجتماعية، انطلاقا من الممارسات بين الافراد في المجتمع، بل امتدت الى داخل الاسرة الواحدة. تُبحر الكاتبة حليمة بريهوم عبر 22 نصا قصصيا في عوالم متباينة امتزجت فيها المشاعر والأحاسيس الواقعية والفلسفية حيث أشار الاستاذ مشعل العبادي في مقدمته لذات المجموعة القصصية ان هذه التّجربة تعتبر الأولى للكاتبة «يظهر فيها طغيان المهارة ووضوحها في استخدام عناصر القصّة القصيرة من أساليب صياغة وحبكة وانتقاء الفكرة أيضاً، تُشَرْعِنُ حضورها الموهبة وعمق الرّؤية وصدقها الأهمّ والأعلى قيمة». جاءت لوحة الغلاف عبارة عن رسم لقلب انسان ينبض بأدوات العالم الافتراضي حيث اختارت المبدعة بريهوم ان تكون أشكال الخفقان مختلفة بحسب نوعية النصّ الذي ينشره صاحبه على جدار صفحته، ومستويات التفاعل التي يخلفها من طرف القراء المبحرين، وهي ردود بين الحزن، التعجب ،الموافقة والإعجاب، مثلما يظهر على لوحة الغلاف الذي اختارته الكاتبة ليكون سفيرا حقيقيا عن عنوانها: «مشاعر افتراضية». أشار مشعل العبادي أنه «بالرّغم من ارتباط اللّوحات الفنيّة ل «بريهوم» ارتباطاً وثيقاً وضمنيّاً بسرديّاتها الأدبيّة، وميل أعمالها الفنيّة نحو النّزعة الفلسفيّة التي تبدو في ظاهرها «تجريديّةً بحتة»، إلّا أنّ قصص «بريهوم» هنا تميّزت بالقدرة على التعبير عن روح العصر، والنّطق بلغته، والإفصاح عن همومه، وحفرت بحذر وبقوّة على جدار قضاياه الاجتماعيّة والسياسيّة والفكريّة والمعاشيّة أيضاً». أُرْجِعُ كاتب المقدمة مشعل العبادي، أن هذا «المزج بين الفلسفيّ والحسّيّ لدى «بريهوم» يشبه ما وصفه النّقّاد الأكاديميون المعاصرون بالتطوّر المنشود لفنّ القصّة، بل واعتباره موروثاً مهمّاً لتطوّر القصّة القصيرة، ومن ثمّ تمكّن الكتّاب من العبور بها إلى مرفأ القصّة الحديثة، التي تطوّرت أيضاً من خلال الانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر النشر الرقمي والالكتروني فقفزت القصّة قفزة -نوعيّة- من مجرّد الرّصد الوجدانيّ إلى التّصوير النّفسيّ والنّقد الاجتماعيّ، بل والتأمّل الفلسفيّ، وإلى التأمّل الكونيّ والوجوديّ، وصولاً بها إلى الكتابة الرمزيّة والسرياليّة». اثنان وعشرون قصّة، استطاعت خلالها الكاتبة التقاط الصّورة، أيّ « اللّقطة « القصصيّة المعبّرة، والتي ارتكزت فيها على تسليط الضّوء تجاه زمن خاص «غير محدّد»، وفكرة شفافة تكاد تكون غير مرئيّة، وعلى فئةٍ اجتماعيّة لها خصائص سيكولوجيّة خطرة. أوضح مشعل ان الكاتبة «تمتلك القدرة على أن تشي بوقائع معاشة لكثير من الفئات، مثل شخصيّة «رسمة على أطلال جدار» وفي «همسها تغلّب على الوجع»، «حلّق بصمت في فضاء غامض»، «كشّر عن أنيابه وأعلن الهجوم» و» الملاحظ أنّ معظم القصص جادت بالجرس الموسيقي الشعري، وهي مزيجٌ خاصٌّ من الإبداع السّرديّ، الذي ينبثق عن فكرة تبزغ ثم تتلمّس طريقها إلى التحقّق عن طريق اللّغة وأدواتها من مجاز وسجع واستعارات؛ لتغزل نصوصاً موازية، تكشف بدورها عن عالمٍ آخر، يُعرف ب «العالم الافتراضي»، الذي يتخطّى الواقعيّ في أغلب الظروف؛ فيقرض هذا الافتراضي الواقع قبلة الحياة، كما في قصة «عناق الروح «. للإشارة سبق وان أصدرت الكاتبة رواية ب «ليل وطيف» في 2017 ومجموعة نثريّة في عام 2018، بعنوان: «متى تعلن فطامي»، بالإضافة إلى مشاركات متنوعة وقيّمة في الكتاب الجماعي الأدبيّ الجزائريّ «مشاعل جزائريّة»، بالإضافة الى أنها أديبة فهي فنّانة تشكيليّة تعانق الريشة، كما تعانق القلم في ابداع تنطق حروفه وألوانه جمالا وإبداعا.