تعديل قانون الانتخابات يقود إلى جعل لعبة رأس القائمة تجارة بائرة، بعد أن يصبح للناخبين الإمكانية والحق في اختيار قائمته ومنها انتقاء أسماء المترشحين الذين يتوسم فيهم، إلى أن يختبرهم في الواقع، الصدق والالتزام بخدمة المواطن على مستوى المجالس المنتخبة. أخلقة الحياة السياسية وإنهاء تغوُّل المال الفاسد وغيره، ضمانة لتكريس ممارسة سليمة للإرادة الشعبية، من بوابة انتخابات ترتكز على قواعد منصفة وديمقراطية لا مجال فيها لبيع وشراء الذمم وإقصاء الكفاءات وتهميش الذكاء بفعل آلية القائمة الموحدة المغلقة التي أصبحت في الماضي القريب سجلا انتخابيا بامتياز. النظام الانتخابي المغلق القائم على القائمة المغلقة، أثبت فشله وأفقد الديمقراطية طعمها وأفرغ الإرادة الشعبية من سلطتها المكرسة في الدستور. ولذلك يستوجب الإصلاح، إعادة ضبط هذه الحلقة باعتماد نظام انتخابي مفتوح، يكون للمواطن فيه القدرة على ممارسة اختيارين في نفس الوقت؛ القائمة التي يريد والأشخاص الذين يمنحهم الثقة مصدر كل مصداقية للمؤسسات المنتخبة. هناك من يرفع حججا ومبررات لإعاقة هذا التحول الجوهري الذي يرافق بترتيبات مراجعة نظام الدوائر من أجل انتخابات أكثر جوارية بالنسبة للبرلمان، الأمر الذي يرفع، بلا شك، من وتيرة الحماس والإقبال على المواعيد الانتخابية، حيث تتقاطع التطلعات التي عبر عنها الحراك مع الآمال المشروعة للأجيال في بناء مؤسسات منتخبة، تشتغل بمعايير شفافة ولها فعالية في تجسيد الإرادة الشعبية، بما يعزز البنية الديمقراطية المؤسسة في الدستور، واضعا المواطن في قلب التغيير، هو الغاية والوسيلة. كل مسار سياسي جديد قادر على الاستجابة للحجم الهائل من المطالب والتطلعات، يمكن أن يتحقق من خلال ترقية الأدوات القانونية التي تؤطر ممارسة حق الانتخاب الذي يترجم روح المواطنة، خلافا لما كان في السابق بكل ما أنتجه من عزوف وعدم اهتمام، لأن اللعبة كانت مغلقة من الأساس، فأغلقت معها الآفاق. قبل أن تفتح من جديد على واقع مغاير، مايزال فيه صراع خفي بين إرادة التغيير وتلك التي تخشى فقدان مصالح مغشوشة وخسارة جاه مزيف وضياع نفوذ، كلها ممارسات كلفت الوطن الكثير ولا يمكن أن تستمر في المشهد.