لن يكون للمال عموما مكانٌ في الانتخابات التشريعية المسبقة المرتقبة في غضون أسابيع، ولا يهم إن كان نظيفا، لأن استخدامه لأغراض سياسية كفيل بأن يحوله لمال فاسد. قطع الرئيس تبون الشك باليقين، عندما تحدث عن المال والانتخابات التشريعية المقررة العام 2021، ما من شأنه إنهاء عهد استمر واقترن فيه المال بالانتخابات لفترة كافية لضرب جذوره في عمق الممارسة السياسية، وتميزت أساسا باللهث وراء النفوذ لتحقيق المصالح. وفي نهاية المطاف لا يهم إن كان المال نظيفا أم لا، لأن العبرة بالنتيجة، ووحدها الغاية تحدد طبيعته، وما دام يوجه لشراء رأس القائمة أو مرتبة أخرى، فإنه حتما مال فاسد، ولا مجال للحديث عن استجداء أصوات شعب، لأن المنتخب غير مكترث بانشغالات المواطنين. ولعل أكبر التحديات اليوم، هل نتخلص من كابوس المال في السياسة، وتقترن المرحلة بالفترة التشريعية التاسعة، مؤسسة لتمثيل شعبي حقيقي، يعيد الثقة للناخب، بعودة السياسي إلى ممارسة السياسة، وترك عالم المال لرجال الأعمال، على أن يستعيد المواطن دوره وتكون البداية بالمشاركة في اختيار ممثليه، وإنهاء إقصاء ذاتي يكلف ممثلين ليسوا في مستوى تطلعاته. المال في السياسة دفع ثمنه الجميع، فلا المواطن استطاع وضع ثقته في ناخبين عاقبهم بحرمانهم من صوته، وعاقب نفسه بحرمانها من تمثيل فعلي، ولا الأحزاب السياسية استطاعت أن تحافظ على قاعدتها الانتخابية، بعدما استبدلت الناخب وصوته بأوراق نقدية تضمن لها تأشيرة ولوج البرلمان من باب غرفته السفلى. مهما يكن فإن الآمال كبيرة في عهدة تشريعية جديدة، لا يقترن فيها الحديث عن المجلس الشعبي الوطني، بالحديث عن «الشكارة» ولا «المصالح الخاصة» ولا «الحصانة»، برلمان يستعيد فيه الشعب كلمته، تماما كما استعادها في حراك فيفري العام 2019، ينقل انشغالاته بكل أمانة.