انطلقت رسميا أمس الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين للاستقلال من سيدي فرج، بإشراف رئيس الجمهورية وحضور ضيوف الجزائر ومدعويها الذين جاءوا يقاسمونها الأفراح ومسيرتها الحافلة بالنجاحات. وتميز الحفل، الذي أختير له هذا الموقع التاريخي الذي اقتحم منه الجيش الاستعماري سنة 1832 الجزائر لغزوها واحتلالها لمدة 132 سنة، بتقديم عرض فني ضخم بعنوان «صناع المجد» شارك في إنجاحه، 800 شخص يتوزعون بين فنانين ومؤطرين وتقنيين، تحت إشراف الكوريغراف اللبناني عبد الحليم كراكلا إلى جانب عروض للألعاب النارية. ولعل اختيار سيدي فرج، لإنطلاق الإحتفالات الرسمية بخمسينية الإستقلال، لم يكن اعتباطيا من قبل السلطات، التي تعمل جاهدة على لم شمل جيل الثورة والإستقلال مهما العراقيل والصعاب، وكيد الأعداء، فقد سبق جيل الثورة منذ الإستقلال جيل اليوم إلى الاحتفال بهذا التاريخ الذي رفع خلاله، ولأول مرة مجاهدون من جيش التحرير الوطني المجيد العلم الوطني بسيدي فرج هذا الموقع الرمزي. وبين حفل نظمه بعجالة مواطنون وجنود وضباط من جيش التحرير الوطني وهم عائدون من الجبال بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب ضد القوة الرابعة في العالم، وحفل الانطلاق الرسمي لبرنامج حفلات ستقام على مدار سنة واحدة أعد بمناسبة الخمسينية، سيكون بإمكان الجزائريين معاينة المسار الذي انتهج منذ السنوات الأولى للاستقلال من أجل تحسين ظروفهم المعيشية وإعطاء معنى حقيقي لكفاحهم التحرري. وشهد الحفل الأول الذي نظم يوم 5 جويلية 1962، مشاركة عدة ممثلين من جيش التحرير الوطني التابعين لعدة ولايات تاريخية، مثلما سبق وأن صرح به قائد الولاية التاريخية لخضر بورقعة في حديث نشر في 3 جويلية 2011، فقد توجهت الوفود من كل حدب وصوب في ساعة مبكرة إلى سيدي فرج الموقع الذي دخلت منه القوات الفرنسية 132 سنة من قبل، كان من بين المشاركين في الاحتفال بورقعة، رفقة العقيد محند أولحاج (الولاية الثالثة) والعقيد صوت العرب (صالح بوبنيدر) بالنسبة للولاية الثانية و قاضي بوبكر (الولاية الخامسة)، العقيد سي حسان بصفته قائد للولاية الرابعة، كما كان محمد بوسماحة وأحمد بن شريف من بين ضباط الولاية الرابعة. يتذكر الجميع الخطاب الذي ألقاه يومها محند أولحاج بصفته الأقدم، كما يتذكرون جيدا كيف هدم نصب تذكاري كبير شيده الجيش الاستعماري، بعد الإستعانة بجرارات وآلات قدمها فلاحون من المزارع المجاورة، ومحاولات المظليين الفرنسيين منع الجنود من القيام بذلك، ليسمح لهم في الأخير بهدم رمز الاستعمار هذا، الذي شيد سنة 1930 بمناسبة مئوية الاستعمار التي احتفل بها المعمرون و الإدارة الاستعمارية بمشاركة منتخبين جزائريين كان يطلق عليهم اسم «بني وي وي». وبين هذا الاحتفال الذي أقيم بسيدي فرج، الموقع الذي كان ممنوعا على الجزائريين وكان يخضع لمراقبة مظليي الجيش الاستعماري، والبرنامج الواسع الذي خصص للاحتفال بخمسينية الاستقلال، الذي أعطيت إشارة انطلاقه، ليلة أمس، بهذا الموقع الرمزي في جو بهيج، تكون الجزائر السيدة قد خطت خطوات جبّارة على درب التنمية والتقدم .