نظم، أمس، المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بمساهمة مركز البحث في الاقتصاد المطبق من أجل التنمية، يوما تكريميا للرّاحل الدكتور أمحمد بوخبزة بالمدرسة الوطنية للإدارة بحيدرة، حيث تمّ فتح نقاش حول «التخطيط الاقتصادي في فكر الراحل بوخبزة»، قابله تقديم بحوث حول موضوع أي تخطيط اقتصادي للجزائر». أوضح محمد قرنة مدير مركز البحث في الاقتصاد المطبق من أجل التنمية، في مداخلة له بالمناسبة، أن «التخطيط الاقتصادي في الجزائر يحتاج إلى عدة عوامل لتحقيقه، إلى جانب ضرورة الاجتهاد وتجديد البحوث النظرية الجامعية، ومطابقتها على أرض الواقع». واعتبر الباحث أن التخطيط يبدأ من تكوين الإطارات والكفاءات الجزائرية، لما لهم من دور هام في إنتاج المعرفة، موضحا أن «الجزائر عرفت منذ سنوات السبعينيات سياسات اقتصادية عديدة غير ثابتة، لذلك وجب اليوم الوصول إلى إنتاج المعرفة بالاعتماد على عدة نقاط، أهمها تكوين الإطارات والجامعيين والكفاءات الشابة وتحيين هذا التكوين مع التطورات الحاصلة في الجزائر وعلى جميع الأصعدة، اقتصاديا، سياسيا واجتماعيا، خاصة وأن المجتمع الجزائري في تطور مستمر، وذلك من خلال تحسين التكوين ومواكبته للظروف المحيطة بالبلد، إلى جانب تكييفه في الجامعات والمعاهد والمدارس العليا مع المشاكل الحالية». النقطة الأخرى التي يراها الباحث ضرورية، تتعلق بتقريب الدراسات النظرية إلى الواقع، خاصة وأن الطلبة يصطدمون بالواقع، فالنظري في الميدان لا علاقة له بالواقع العملي، فضلا عن إعادة النظريات الاقتصادية وتكييفها مع المتغيرات الحاصلة دوريا، يقول المسؤول ذاته. من جهته، يعتقد زميله في المركز عزالدين بلقاسم، أن الجزائر لم تعرف تخطيطا اقتصاديا من قبل، إنما كل ما كان يحصل عبارة عن وضع برامج، قسمها على عدة مراحل، بدءا من المرحلة التي حددها بين سنتي 1964 الى 1986، ومرحلة (1988 - 1991)، ومرحلة (1993 إلى 1998)، وصولا إلى الفترة المحددة بين سنتي 2010 و2014، حيث عرف الاقتصاد الجزائري تغيرات، حسب التطورات الحاصلة في ذلك الوقت، بدءاً من أزمة الثمانينيات، مرورا بأزمة التسعينيات، ووصولا الى الألفية الثانية. وأكد الخبير الاقتصادي، أن «اقتصاد البلاد يعتمد على المحروقات، حيث وصلنا إلى البحبوحة المالية سنة 2008، عندما وصل سعر البرميل إلى 150 دولار، وهو ما حذرنا منه سابقا من الاعتماد الكلي على الريع النفطي»، مشددا أنه «للوصول إلى تخطيط اقتصادي محكم، يجب توفر الإرادة السياسية والشفافية، الأداء والتقييم أيضا». وبالمناسبة، قال رضا تير، رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والإجتماعي والبيئي، إنّ اختيار موضوع التخطيط الاقتصادي في الجزائر «قناعة منا أنه موضوع ذا أهمية بالغة، وخاصة في المرحلة الراهنة التي تمر بها الجزائر لبناء جزائر جديدة، تقوم على التخطيط كآلية لإرساء دعائم وأسس الحوكمة الاقتصادية في بلادنا»، موضحا أن «التخطيط الاقتصادي له علاقة مباشرة بالتنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في الجزائر». وشددّ تير، على أن «بناء اقتصاد الغد على أسس متينة من أجل مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، إنما يبنى في أساسه على الاهتمام بموضوع التخطيط، وبكل ما يرتبط به من سياسات تنموية على المستوى الوطني وخاصة على المستوى المحلي، لما له من ارتباط قويّ بالحياة اليومية للمواطن وانشغالاته الآنية والمستقبلية». وأضاف المسؤول ذاته أن الاهتمام بموضوع التخطيط الاقتصادي، إنما هو الاهتمام بالاستغلال العقلاني للموارد وخيرات البلاد، من أجل ضمان الرفاهية لمواطن اليوم، مع ضمان حق أجيال المستقبل في خيرات وثروات البلاد، وهو الشرط الأساسي الذي يقوم عليه مفهوم التنمية المستدامة المعتمد لدى غالبية دول العالم». ووعد رئيس الهيئة الاقتصادية، بإعطاء كامل الأهمية للأعمال والأبحاث التي قدمها المفكرون، خاصة تلك المرتبطة بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، مؤكدا أن «المجلس سيواصل في تنظيم مثل هذه اللقاءات والتطرق إلى مواضيع أخرى يقدم فيها مفكرون جزائريون أفكارا وإسهامات مفيدة لحاضرنا ومستقبلنا الاقتصادي والاجتماعي». ويُعتبر الراحل امحمد بوخبزة، من مصاف النخبة المثقفة الأولى في الجزائر المستقلة، وأحد المفكرين البارزين الذين تناولوا بإسهاب في أعمالهم موضوع التخطيط الاقتصادي.