طبي: المحكمة ليست درجة ثالثة للتقاضي أكد وزير العدل حافظ الأختام، بلقاسم زغماتي، أمس، أن مسار رئيس الجمهورية للخروج من الأزمة الحالية يشكل طوق النجاة. وشدد على الانتخابات التشريعية المقبلة، ستضمن استعادة البلاد لعافيتها. في المقابل اعتبر نسبة الطعون أمام المحكمة العليا مرتفعة جدا وتقوض تحسين نوعية القرار القضائي. دعا زغماتي إلى التمسك بمسار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لإخراج البلاد من الأزمة، باعتباره «طوق النجاة»، مشيرا إلى استحقاقات تجديد المجلس الشعبي الوطني المقررة في 12 جوان المقبل، تدخل ضمن هذا المسار. جاء ذلك لدى افتتاحه اليوم الدراسي المخصص لمناقشة تقنيات الطعن بالنقض في المواد المدنية والجزائية في القانون الجزائري والفرنسي، الذي احتضنته على مدار يوم كامل المدرسة العليا للقضاء بالقليعة. وقال زغماتي: «إن التشريعيات المقبلة ستعمل، لا محالة، على استعادة البلاد لعافيتها التي نحن بحاجة إليها أكثر من أي وقت مضى»، ليؤكد في السياق على الدور المحوري الذي يلعبه القضاء في حماية المسار الانتخابي بما أوتي من آليات قانونية بما في ذلك الآليات الجزائية. حرص على حماية أصوات الناخبين ويشير بذلك، إلى حرص القضاة على المساهمة القوية في حماية أصوات الناخبين واستعداد القضاء لتأمين العملية الانتخابية، وتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قانون الانتخابات الجديد، ضد كل من يعرقل المسار الانتخابي في أي مرحلة من مراحله. وأفاد المتحدث: أن «القضاء الجزائري يملك في إطار القانون، كل القوة والعزم لحماية صوت المواطن، كأمانة غالية وكوديعة ثمينة». وأشاد بالدور الذي قام به القضاة في الماضي في الدفاع عن هذا الصوت قائلا: «ألم يجازفوا بسلامتهم الجسدية لهذه الأمانة؟ ألم يخاطر العديد منهم بمسارهم المهني بصمودهم إزاء التهديدات التي كانوا ضحية لها وتعرضوا بسبب ذلك لأشكال التعسف المختلفة؟». ليتوجه وزير العدل إلى المواطنين الجزائريين، بالدعوة إلى تلبية نداء الوطن، والمشاركة بقوة في الانتخابات التشريعية المقبلة. عدد هائل من الطعون وبالنسبة لموضوع الملتقى، اعتبر وزير العدل أن أعداد الطعون بالنقض، سواء في المادة المدنية أم الجزائية، «إشكالية». وأوضح أنه مهما بلغت درجة احترافية أطراف الخصومة المدنية أو الجزائية في التحكم في تقنيات الطعن بالنقض، «تبقى الجهات القضائية العليا ترزح تحت وطأة العدد الهائل من الطعون». واستدل الوزير، بإحصائيات السنوات الثلاث الماضية (2018-2019-2020)، حيث بلغ عدد القضايا المطعون فيها بالنقض في المادة الجزائرية 20,99 بالمائة أي خُمس القضايا المفصول فيها. ولنفس الفترة، تبين أن نسبة الطعون بالنقض في المادة المدنية بلغ 15,11 بالمائة، مما يجعل الفصل في الآجال المعقولة «أمرا صعب المنال ويقوض جهود تحسين نوعية القرارات»، يؤكد زغماتي. هذه الوضعية تضع المحكمة العليا أمام تحدي تسيير هذه الأعداد والفصل فيها. «علما أن الفصل في الأجل المعقول أصبح من المبادئ التي يقوم عليها نظامنا القضائي»، يفيد الوزير، الذي دعا إلى اقتراح تدبير للخروج من «هذه الوضعية غير العادية». ودعا إلى الاهتمام بالتكوين المستمر لجميع المعنيين بتحرير أوجه الطعن إلى جانب قضاة المحكمة العليا ومجلس الدولة. السهر على تطبيق القانون الرئيس الأول للمحكمة العليا عبد الرشيد طبي، حرص على التوضيح بأن الطعن بالنقض «ليس درجة ثالثة من درجات التقاضي»، وإنما طريقة من طرق الطعن غير العادية، ما يجعل المحكمة العليا ملزمة ببذل عناية خاصة والتركيز على مهمتها الأساسية المتمثلة في السهر على حسن تطبيق الجهات القضائية للقانون وتوحيد تطبيقه. وأكد حرص المحكمة العليا على التوفيق بين معياري الوقت والنوعية، منبها إلى أن حرص المتقاضي على الفصل في قضيته في آجال معقولة لا ينبغي أن يكون على حساب «الجودة». وأوضح أن اللجوء إلى الطعن بالنقض بشكل كبير في الجزائر، ناجم عن عوامل اقتصادية، تتمثل في فرض مصاريف معقولة. وتشريعية تتعلق بعدم وجود آليات لترشيد استعماله. واجتماعية تتمثل في ترسخ ذهنية لدى المتقاضي بوجوب الوصول بالنزاع إلى غاية المحكمة العليا. 5 تشكيلات مصغرة للفصل في الطعون وأفاد بأن المحكمة العليا بادرت بإيجاد حلول عملية للحد نسبيا من الطعون التي يكون عدد كبير منها غير مؤسس وأحيانا تعسفيا ويهدف فقط لإطالة أمد النزاع، حيث جرى استحداث العمل ب5 تشكيلات مصغرة للفصل في الطعون الجزائرية، مما سمح بالوصول إلى الفصل في الملفات المسجلة خلال سنة 2019. وسجلت المحكمة عدة حالات لعدم القبول، والتي تم الفصل فيها بأمر صادر عن رئيس الغرفة أو من يفوضه طبقا لقانون الإجرائية ما مكن خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية فرز أكثر من 5636 قضية تم الفصل في 1164 منها. ومن أبرز المساعي التي قامت بها المحكمة العليا، نشر قراراتها في إطار توحيد الاجتهاد القضائي، لتكون في متناول الجميع، وإصدار دليل بحث في مجلة المحكمة يتضمن جميع مبادئ القرارات المنشورة منذ عددها الأول الصادر سنة 1989. وجرى الملتقى بحضور رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش، ومستشار رئيس الجمهورية للشؤون القانونية بوعلام بوعلام، ومشاركة الرئيسة الأولى لمحكمة النقض الفرنسية شنتال أرنس.