تعوّد المشاهد الجزائري في رمضان على «صحوة فنية»، من خلال الأعمال الدرامية والحصص التلفزيونية التي يتسابق عليها مخرجون ومنتجون لأجل عرضها خلال هذا الشهر الفضيل على مختلف القنوات التلفزيونية الوطنية والفضائية، بعد أن بات التنافس هاجسهم الوحيد لاستمالة المتفرّج، على اعتبار أن البعض منهم يحوّل أنظاره إلى القنوات الجزائرية في رمضان للوقوف على جديد الفنانين والمخرجين الذين عوّدوا مشاهديهم على التميز والإبداع. أطلّ نخبة من الفنانين على المشاهد الجزائري بعدد من المسلسلات التي تراهن على إعادة المتفرج إلى القنوات الجزائرية، وعدم البحث عما يشبع فضوله في الفضائيات العربية، التي تعرف بدورها انتعاشا كبيرا للدراما والكوميديا وتحقق أعلى نسبة مشاهدة في الوطن العربي، لدى بعض المشاهدين الجزائريين الذين لا يفوّتون فرصة الاستمتاع بمختلف الأعمال الفنية العربية التي يصنع أصحابها التميز دون منازع. قنوات تتنافس لاستمالة الجمهور مختلف القنوات الجزائرية سارعت قبيل حلول الشهر الفضيل على تقديم العديد من الأعمال الفنية التي تحظى ببثها، من مسلسلات اجتماعية وكوميدية، «سيت كوم» وكاميرا خفية، وإبراز بعض المقتطفات منها، على أمل كسب ودّ المشاهد الجزائري الذي يعتبر الحكم الوحيد على مدى نجاح هذا العمل التلفزيوني من عدمه، لتنطلق المنافسة مع أول يوم من رمضان الذي تعوّدنا على أن تنتعش فيه الدراما الجزائرية وتكاد تغيب على مدار 11 شهرا. لا يمكن الإنكار أن نخبة من نجوم الفن والكوميديا الجزائرية، تمكّنت من حفظ ماء وجه المشهد التلفزيوني الجزائري، وصناعة البسمة على وجوه الجزائريين، من خلال أعمالهم الفنية، التي استطاعت أن تحقّق الفرجة والمتعة، وتجعل المشاهد الجزائري يغيّر وجهته بعد الإفطار ولو لسويعات نحو مختلف القنوات الجزائرية، بحثا عن إنتاج وطني مقبول. يقودنا الحديث هنا للتطرّق لبعض الأعمال التي تصنع التميز وتعرف إقبالا للمشاهد، بداية بمسلسل «يما» فبعد النجاح الذي حقّقه الجزء الأول، يواصل المخرج «مديح بلعيد» تألقه في الجزء الثاني، حيث يقف المتفرجون على مسلسل ذو حبكة درامية، وأحداث متسلسلة، أبدع في تقديمها نخبة من نجوم الدراما الجزائرية، من بينهم مليكة بلباي، سيد احمد اقومي، محمد رغيس ومروة بشوشة.. الذين كانوا في الموعد للمرة الثانية. «البديل» يتألق، طيموشة تمتع ومشاعر يصنع الفرجة وبالرغم من غياب عملاق الكوميديا صالح أوقروت عن الجزء الثالث من سلسلة «عاشور العاشر» والتي عرفت نجاحا كبيرا خلال الموسمين السابقين، إلا أن الفنان الكوميدي حكيم زلوم تمكن بحنكته وحضوره القوي من سد الفراغ الذي كان سيتركه غياب أوقروت، كما وفّق المخرج إلى حدّ بعيد في تغيير الشخصية بأسلوب فني وحبكة درامية كانت كافية لإقناع الجمهور به ومواصلة استقطاب المشاهد. سلسلة «طيموشة» أيضا في جزئها الثاني من بين الأعمال التي يمكن القول بأنها استطاعت كسب ود المتفرج الجزائري، بالرغم من أنها لم ترق إلى مستوى السلسلة الكولومبية الشهيرة المقتبسة عنها «léa la féa»، والتي عرفت إقبالا كبيرا في نسختها العربية «هبة رجل الغراب»، إلا أنه يمكن القول إن النسخة الجزائرية التي أدت فيه الفنانة الكوميدية مينة لشطر الدور الرئيسي تمكّنت من أن يلتف بعض المشاهدين حول القناة الجزائرية، وصنع الفرجة والابتسامة، من خلال المظهر الخارجي للفتاة وسذاجتها التي جعلتها تواجه صعوبات أو ما يعرف بالتنمر، لا سيما في محيطها المهني، لتتوالى الأحداث في قالب كوميدي هزلي أبدعت فيه لشطر إلى جانب عدد من الفنانين، خالد بن عيسى، عايدة عبابسة، نوميديا لزول وآخرون. كما أطل مسلسل «مشاعر» على جمهوره في موسمه الثاني، بعد أن شهد الموسم الأول نجاحا كبيرا وتألق نجومه حسان كشاش، وسارة لعلامة ونبيل عسلي، إلى جانب فنانين آخرين من تونس، حيث إن العمل عبارة عن دراما اجتماعية رومانسية تونسية جزائرية للمخرج التركي «محمد الجوك» الذي أبدع في تصوير مشاهد الفيلم الذي صوّر أغلبه في تونس، حيث لم يكن الجزء الثاني أقل مستوى من الجزء الأول، جعلته يتربع على عرش الدراما الجزائرية، حسب مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت اليوم بمثابة المنصة التي يحكم من خلالها الجمهور على الأعمال، والذين أثنى أغلبهم على «مشاعر» وعلى تألق الفنان الكبير حسان كشاش الذي عوّد جمهوره بأرقى المسلسلات. نجوم أولاد الحلال في ثوب آخر ويعود أبطال مسلسل «أولاد الحلال» إلى شاشة التلفزيون عبر «بابور اللوح» الذي اجتمع فيه مرة أخرى كل من عبد القادر جريو، مصطفى لعريبي، فضيلة حشماوي، محمد خساني، سهيلة معلم والمخرج نصر الدين السهيلي، الذي تفنن في تصوير وبطريقة محكمة واقعا اجتماعيا يعيشه بعض شبابنا معالجا ظاهرة الهجرة غير الشرعية. كما وقف الجمهور الجزائري على زخم من الأعمال الدرامية، مقارنة بالسنة الماضية، التي عرفت ندرة في الإنتاج بسبب جائحة كوفيد 19 ووقفت عائقا أمام ثراء الشبكة البرامجية، والتي قدمت أيضا خلال هذا الشهر مسلسل «بنت البلاد»، الذي يجمع عددا من المواهب الشابة، مسلسل «مليونير» مع حسن كشاش، «النفق»، «بوقاطو»،»دقيوس ومقيوس»، «عقلية حابسة فالتسعين»، من إخراج الفنان عبد القادر جريو، بطولة محمد خساني الذي أبدع أيضا في سلسلته الكوميدية «خالي 2»، ناهيك عن عودة بعض نجوم الكوميديا، على رأسهم الفنانة بيونة، كمال بوعكاز لخضر بوخرص وحكيم زلوم.. بهية راشدي: موجة شبابية اقتحمت الفن تعتبر الفنانة القديرة بهية راشدي من بين الفنانات اللواتي كانت لهن حضور قوي في هذا الموسم الرمضاني، من خلال المشاركة في عدد من الأعمال الدرامية.. وفي حديث «الشعب» مع الفنانة أكدت على ثراء البرامج التلفزيونية لهذا الشهر الفضيل، حيث اختلف فيه الإنتاج الدرامي بين الذي لا يرقى إلى المستوى المطلوب، وأعمال أخرى ذات مواضيع جيدة وحبكة درامية وتمثيل في المستوى بالنسبة للشباب الواعد، والتي لاقت صدى كبيرا وسط المشاهد الجزائري. وأضافت بأن العديد من الفنانين شاركوا بأكثر من عمل فني، وهو ما يبشر بالخير خاصة بالنسبة للتلفزيون الجزائري الذي أبدع هذه السنة بتقديم برامج ثرية، قائلة بأنه دليل على أن إدارة الإنتاج أعطت هذه السنة أهمية كبيرة للعمل الدرامي، مقارنة بالسنوات الماضية، مقدمة في هذا الإطار مثالا عن سلسلة «عاشور العاشر»، مؤكدة بأنه ولأول مرة في تاريخ مشوارها الفني تقف على تصوير عمل فني يهتم فيه المخرج بكل صغيرة وكبيرة دون استثناء، خاصة فيما يتعلّق بالمرافق المطلوبة لإنجاز فيلم ضخم، مضيفة بأن جعفر قاسم عمل على توفير جميع الإمكانيات لتقديم عمل، وكأنه ذو طابع تاريخي، وهو ما يجعل أيضا الفنان يتفرغ بدوره إلى الإبداع ويبحث عن التألق. وأشارت بهية راشدي إلى أن هناك مسلسلات تحضى بقيمة فنية رائعة، على غرار مسلسل «يما»، «الأيام» وأيضا «07 حجرات» هذا العمل تقول بهية راشدي كتبه شخص مختص في علم النفس والدراما، ولهذا فهم هذه القصة يتطلّب التعوّد على استهلاك هذا النوع من الأعمال الفنية، كما نوّهت الفنانة القديرة بهية راشدي في سياق حديثها بمختلف الأعمال التلفزيونية التي تعرض حاليا على القنوات التلفزيونية، على غرار السلسلة الفكاهية «دقيوس ومقيوس» والذي جاء هذه المرة بحسب المتحدثة بثوب جديد وبصمة شجاعة. وأضافت بأن العديد من المخرجين أبدعوا هذه السنة، وأثروا الشبكة البرامجية الرمضانية بإنتاج متنوع في مجال الدراما والكوميديا، وحصص ترفيهية ودينية، مؤكدة في إجابتها على سؤالنا إن كان هناك اهتمام بالكم على حساب النوعية وجودة الأعمال بأن كلا العنصران متوفران، حيث أن أغلب الأعمال تميزت بالجودة، وما أبهرها هو الموجة الشبابية الجديدة التي اقتحمت بقوة المجال الفني، مشيرة إلى أنهم يمتلكون طموحا كبيرا وإرادة وعزيمة على الرقي بالإنتاج الوطني، وبالتالي باتوا يبحثون عن الطريقة الصحيحة للتمثيل، خاصة العنصر النسوي الذي أبان عن تألقه وسعيه لتقديم الأفضل للدراما الجزائرية. وحول ظهورها في عدد من المسلسلات الرمضانية، منها عاشور العاشر 3، 07 حجرات، أحوال الناس 2، النفق وطوال اللسان، أكدت بهية راشدي أنه بالرغم من ظهورها المحتشم وتقديم بعض الأدوار الصغيرة إلا أنها سعت لأن تحمل بين طياتها قيمة ومغزى، حيث حاولت الإبداع فيها وتقديم عمل يرقى إلى تطلعات المشاهد الجزائري، قائلة بأنها قدمت ما هو مطلوب منها، ليبقى في الأخير الجمهور هو الحكم الأول على مختلف البرامج التي تبثها القنوات التلفزيونية، لا سيما في هذا الشهر الفضيل.