بالأمس القريب أصدرت فرنسا الاستعمارية قانونا يمجد الاستعمار والجرائم التي ارتكبها في حق الشعب الجزائري الأعزل، ورغم ردود الفعل الصادرة عن السلطات الرسمية الجزائرية ومنظمات الأسرة الثورية والمجتمع المدني، التي طالبت بسحب القانون إلا أن فرنسا أصرت وتعنتت ولم تول اهتماما لكل الأصوات التي ارتفعت هنا وهناك، وأصبح القانون أمرا واقعا ساري المفعول، ومع ذلك لم نسمع أو نقرأ في صحيفة مثل «دايلي تيليغراف» البريطانية وغيرها من الصحف والوكالات الغربية، تدين القانون الفرنسي الممجد لجرائم الاستعمار، ولم تعتبره عنصريا أو منافيا للقوانين والأعراف الدولية التي تنبذ الاستعمار بكل أشكاله! ومقابل ذلك اعترف الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند بما تعرض له اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية من معاناة وتهجير، كما قال..! فلماذا هذا التمييز والكيل بمكيالين؟ وهل الجرائم الوحشية التي ارتكبها الجيش الفرنسي في الجزائر من تقتيل وتهجير وتفقير وتجهيل وإبادة جماعية في حق النساء والأطفال والشيوخ لا تدخل في باب الجرائم الإنسانية ولا تستحق الاعتراف والاعتذار؟ صحيفة «دايلي تيليغراف» البريطانية، لم تشذ عن قاعدة «العداء للثورة الجزائرية»، حيث أساءت في مقال لها للنشيد الوطني الجزائري، رمز السيادة الوطنية، وصنفته ضمن الأناشيد الوطنية «الأكثر عدوانية»، لاسيما تجاه فرنسا الاستعمارية..! لكن الاحتجاج شديد اللهجة، الذي تقدمت به الجزائر لدى مدير نشر الصحيفة التي نشرت الخبر، جاء بنتيجة إيجابية وسريعة، حيث قامت الصحيفة بسحب المقال من موقعها الإلكتروني واعتبرته مقالا «هزليا»، وهو عذر أقبح من ذنب، تأسفت للذين صدمهم المقال، لكنها لم تعتذر..! ونحن نتساءل أيهما أكثر عدوانية، النشيد الذي يحكي تاريخ ثورة مجيدة وإصرار شعب على التضحية من أجل استرجاع سيادته الوطنية المسلوبة، أم القانون الذي يمجد و«يفتخر» بالجرائم الإنسانية وطرق التنكيل والتعذيب التي مارسها المستعمر الفرنسي في حق الأبرياء، إضافة إلى التجارب النووية في صحراء الجزائر التي مازالت آثارها قائمة إلى اليوم؟! إننا كجزائريين وطنيين، نتمنى أن يكون رد فعل السلطة الجزائرية قويا وسريعا كلما تعرضت الرموز الوطنية إلى التدنيس أو المساس بالسيادة الوطنية من أي جهة كانت، لتبقى الجزائر واقفة مهابة الجانب كما كانت.