من منا لم يسمع بسد تاقصبت الذي يعد من أكبر السدود على المستوى الوطني، فهو يزود العديد من بلديات ودوائر ولاية تيزي وزو إضافة إلى ولايتي الجزائر العاصمة وبومرداس بالمياه الصالحة للشرب، ناهيك عن كونه واحد من أروع المواقع السياحية، يمزج بين جمال أعلى جبال جرجرة ومياهه العذبة الممتدة على مساحة 550 هكتار، لكن وللأسف الشديد فهو مهددة منذ سنوات بخطر التلوث جراء تراكم أكوام من القمامة على حوافه، ما ينبئ بخطر وبائي محتمل. سد تاقصبت يقع بمنطقة واد عيسي على بعد 10 كلم جنوب شرق مدينة تيزي وزو و، يعد احد فروع واد سيباو، تقدر سعته ب 175 مليون متر مكعب، يتربع على مساحة لا تقل عن 550 هكتار، يتغذى من مياه الأمطار وذوبان الثلوج التي تغطي جبال جرجرة، يحتوي على محطة لمعالجة المياه ومحطة ضخ وأنفاق تضم أنابيب طولها عشرات الكيلومترات، تسمح بنقل 150 مليون متر مكعب سنويا من الماء الصالح للشرب نحو مدن وقرى ولاية تيزي وزو، وكذا بومرداس والجزائر العاصمة. وفي الوقت الذي يأمل العديد من المواطنين الاستفادة من مياه السد وربط منازلهم بقنوات نقل المياه انطلاقا من تاقصبت لتوديع أزمة العطش الخانقة التي تتربص بهم منذ سنوات والقضاء على شح حنفيات منازلهم ئنهائيا، إلا انه وبسبب الإهمال أصبح محاطا بالمفرغات العشوائية، يتعمد عمال النظافة رمي النفايات المنزلية التي تجمع بالشاحنات وتفريغها بأعالي الجبال المتواجدة على حواف السد وبين الحين و الآخر فان إمكانية اختلاط مياه السد وهذه النفايات غير مستبعد في ظل مواصلة رمي الكم الهائل من القاذورات ما سيؤثر سلبا على صحة المواطنين. حواف السد مفرغة للنفايات كل البلديات المطلة على السد على غرار بلديات بنى دوالة، الأربعاء ناث ايراثن، اواسيف، عين الحمام، وادي حياس، ماشتراس، إرجن، آيت عيسي وآيت يحي تقوم حاليا برمي نفاياتها المنزلية في المنحدرات المطلة على السد، ومع استفحال الظاهرة وتفاقم الوضع الذي بات يثير قلق المواطنين والمسؤولين على حد سواء بادرت السلطات إلى نصب عدة وحدات تطهير إلا أن ذلك لن يشفع في تلوث مياه السد في حال واصل هؤلاء إلقاء نفاياتهم فيه. ومازاد الطين بلة أن العديد من مدمني الكحول يتخذون من الموقع السياحي لسد تاقصبت ذي المنظر الفريد من نوعه مكانا لاحتساء شتى أنواع الخمور، وان كان هذا عاديا فان المشكل يكمن في تراكم أعداد هائلة من قارورات وزجاجات المشروبات الكحولية على حواف السد بعد أن يتركها هؤلاء، ما أضفى على هذا الموقع السياحي منظرا يثير الاشمئزاز بسبب تجمع كميات كبيرة من الزجاجات وبمجرد هبوب الرياح تجرف معها كل النفايات لتطفو فوق المياه التي تزود حاليا العديد من المنازل بالمياه الصالحة للشرب. لم يتوقف الوضع عند هذا الحد حيث أصبح موقعا تمارس فيه العديد من الجرائم في ظل عدم تواجد مصالح الأمن بالمكان حيث انتشلت عدة مرات جثث لشباب ومواطنين من مياه السد وتبقى أسباب وفاتهم بالمكان غامضة ولا يعرف إن كانت تعود لتصفية حسابات أو غرق أو غيرها. لكن الأبشع من كل هذا، الواقعة الأخيرة التي سجلت بالسد والتي أصبحت على لسان جميع السكانئألا وهي وفاة حمار بالقرب من حافة السد وبقي هناك لعدة أسابيع حتى أضحت جثه في درجة متقدمة من التعفن ولم تنتشل الجثة من المكان، وإذا تساءلنا عن سبب ذلك فانه راجع إلى عدم المراقبة وتخصيص حراس للسهر على حماية السد. العديد من قنوات الصرف الصحي تنحدر في بعض زوايا السد ما يجعل مياهه المجمعة تتلوث إلى جانب كون معاصر الزيتون بالدوائر المحيطة بالسد تطل مباشرة عليه، ومعظم هذه المعاصر تلقي فيه مادة المرجان المعروفة بالقبائلية ب ''أموراج''، مما ينذر بكارثة بيئية وبالرغم من أن هناك تقارير وبيانات تلقتها مديرية البيئة من عدة جمعيات وفعاليات مهتمة بالبيئة، تطالب باحترم المعايير المعمول بها في مجال تخزين النفايات وبقايا المواد المتلفة إلا أن ذلك غير مبرمج في أرض الواقع. السياحة منعدمة في محيط السد وفي هذا المقام يؤكد أحد مواطني بلدية الأربعاء ناث ايراتن ان السد الذي كان في الماضي القريب يستقطب السواح بفضل جماله الطبيعي، أضح حاليا عاجزا عن جلب ولا سائح واحد بسبب تشوه المحيط البيئي للمنطقة من جهة، وكذا غياب الأمن من جهة أخرى، ما يجعل المكان مهجورا وينبئ بحدوث كارثة بيئية سيما وأن غالبية الإفرازات المنزلية للعائلات تعرف نهايتها بضفاف سد تاقسبت. كما أعربت مجموعة من المواطنين ممن التقتهم «الشعب» عن امتعاضهم الشديد من تدهور الوضع البيئي، داعين السلطات إلى التعجيل بالتدخل لحماية السد من التلوث الذي باتت تحاصره القمامات، فأينما ولى الزائر وجهه يشمئز من المنظر الذي كان في الماضي القريب جنة صغيرة ذات جمال خلاب يثير الإعجاب ئفي مزيج بين المياه والجبال. نقلنا هذا الانشغال إلى بعض المسؤولين الولائيين، وحسب الحصيلة الأولية التي أعدتها مصالح الري بالتنسيق مع مديرية البيئة ومسؤولي البلديات المطلة على حوض السد فان حجم النفايات المتراكمة على حواف السد يقدر بآلاف الأطنان، وهو ما يهدد سلامة المياه المجمعة والتي تنتظرها العديد من العائلات التي عانت كثيرا، فهي موجهة لتموين أزيد من 249 ألف نسمة. رؤساء البلدية يطالبون الوالي بالتدخل عن إمكانية توقف مصالح البلدية عن رمي النفايات المنزلية بالقرب من السد أكد رئيس بلدية الأربعاء ناث ايراثن في لقاء خص به «الشعب» أن عمال النظافة بالبلدية لا يملكون مفرغة منظمة من شأنها احتواء النفايات المنزلية التي تجمع يوميا وأمام هذا الوضع فهم مجبرون على تفريغ القمامات بأعالي السد، والتي من المؤكد حسب محدثنا إذا لم يتم احتواء الوضع في اقرب الآجال فمن المؤكد ستختلط المياه الصالحة للشرب بهذه القمامات، مضيفا أنهم قاموا في عدة مناسبات بإخطار المديرية المعنية، وحتى والي الولاية لكن كل نداءاتهم، على حد تعبيره، باءت بالفشل. وبخصوص مشكل قنوات الصرف الصحي التي تصب بالقرب من السد أفادت مصادر من مديرية البيئة أنها قامت بتنظيم حملات تحسيس للصالح العام تحث السكان على ضرورة ربط قنوات الصرف بشبكة الصرف الصحيئوعدم اللجوء إلى الحفر العشوائي لجمع مياه الصرف، وهي الطريقة التي تضر بالمياه الجوفية التي تمون السد والأودية، إلى جانب التوقف عن رمي النفايات وتركها بحواف السد أثناء التجول. برامج بقيمة 6 ملايير دج لتطهير مياه تاقصبت لن تنقذ السد تماشيا مع ذلك برمجت مديرية الري لولاية تيزي وزو بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية مشاريع إنجاز تسعة محطات لتطهير المياه على مستوى المنابع الرئيسية الممونة لسد تاقصبت، وذلك خلال المخطط الخماسي المقبل بين 2010 و2014 بعد تأكد تلوث كمية معتبرة من المياه المجمعة بالسد، بسبب إلقاء الفضلات المنزلية السائلة والصلبة مباشرة في السد من طرف بعض التجمعات السكنية القريبة منه. وقد استفادت ولاية تيزي وزو من غلاف مالي بقيمة 6 ملايير دج موجه لإنجاز مجموعة من المشاريع لحماية السد من التلوث، حسبما علم من مديرية الري بالولاية. وأوضح ذات المصدر في هذا الشأن أن عملية حماية حوض هذه المنشأة تتضمن جملة من المشاريع، منها إنجاز محطات تطهير المياه بالمناطق الواقعة بأعالي السد التي تصب مياهها المستعملة مباشرة في هذه المنشأة. وسيتم في هذا الإطار إنجاز ستة محطات لتطهير المياه في كل من الأربعاء ناث إيراثن وعين الحمام وسوق الجمعة وواضية وتصافت وواسيف، استنادا إلى نفس المصدر. يذكر أن سد تاقصبت تصب فيه كميات معتبرة من المياه المستعملة والنفايات الواردة من القرى المطلة عليه، إضافة إلى إفرازات الوحدات الصناعية (محطات غسل السيارات والتشحيم ومعصرات الزيتون). وحسب مديرية البيئة، فإن معصرة الزيت تعالج ما يعادل 120 طنا من الزيتون خلال موسم الجني ما يخلف أكثر من 400 لتر من النفايات في شكل سائل أسود. وقد اتخذت مديرية البيئة إجراءات لمراقبة هذه الوحدات وإلزامها بإنجاز أحواض تصفية السوائل الناتجة عن نشاطاتها، مشيرة إلى أن أي إخلال بهذا الإجراء سيؤدي إلى اتخاذ قرار بغلق الوحدات المتسببة في التلوث. وامام هذا وذاك فان سد تاقصبت الذي يعد من بين اكبر السدود يحتاج لإجراءات جد صارمة والتفاتة حقيقية من خلال توظيف عمال لمراقبته وحمايته، وكذا تشديد الحراسة من طرف أعوان الأمن للسهر على ضمان الأمن لاسترجاع هذا الموقع السياحي الذي يثير الفضول لاكتشافه لكن الخوف يحول دون ذلك.