اعترف التقرير الوطني لحقوق الإنسان للسنة الفارطة بشكل صريح أن الزيادات التي استفاد منها العمال والموظفون منذ سنة 2004 لم تنعكس بأثر إيجابي على تحسين الحياة المعيشية للجبهة الإجتماعية، لأن الزيادات المرتفعة في الأسعار، التي تتزامن مع إقرار كل زيادة في الأجور وأحيانا قبل دخولها حيز السريان بأشهر عديدة تتسبب في تدهور القدرة المعيشية ومعاناة الأسر ذات الدخل الضعيف، واقترح ذات التقرير تخفيض معدل الضريبة على الدخل في أجور العمال الذين يتقاضون دخلا ضعيفا. رافع التقرير السنوي لحقوق الإنسان على ضرورة اقتصار الدعم الحكومي للمواد الواسعة الإستهلاك على غرار الفرينة على أصحاب الدخل المحدود والضعيف حتى لا يسري على ميسوري الحال، وتوجه الإعانات إلى من يحتاجها. ولم يخف التقرير بلغة الارقام الفارق البين المسجل في الزيادة في الأجر الوطني الأدنى المضمون بين سنة 2004 و2011 ب50 ، 37٪، بينما الارتفاع في أسعار المواد الإستهلاكية ب38 ، 141٪، وذهب إلى التأكيد في هذا المقام، أن الزيادات التي كانت تدخل حيز التنفيذ لم تتحسسها الجبهة الإجتماعية، لأنها كانت مرفوقة بزيادات مضاعفة في المواد، في ظل ما وصفه التقرير بالنقص المسجل في المراقبة المنتج او المصدر والمستهلك والتي تحتاج إلى تعزيز، مع دعوته إلى إعادة تقييم وتفعيل قنوات التسويق، خاصة ما تعلق بتوزيع المنتجات وتنظيم سوق الجملة والتجزئة لوضع حد لجشع المضاربة. وتم استعراض سقف التطورات في اسعار المواد الإستهلاكية وعكس ارتفاعها في السوق عدم توافقها والزيادات التي إستفاد منها العمال والموظفون، وخلص التقرير إلى التأكيد في هذا المقام أن الفارق بين اسعار السلع واسعة الإستهلاك والأجر الوطني الأدنى المضمون ناهز نسبة ال50 ، 37٪ وعكف التقرير الوطني لحقوق الإنسان على تشريح الإحتجاجات الاجتماعية، وموجات التململ والغضب التي عرفتها الجبهة الإجتماعية خلال السنة الفارطة، وقال أن مردها الزيادة في أسعار المواد الواسعة الإستهلاك، محاولا التقليل من آثارها مقارنة بتلك التي حدثت في بلدان عربية، على اعتبار انها بقيت في إطارها الإجتماعي والإقتصادي. ويذكر أن احتجاجات وإضرابات شنها الموظفون في عدة قطاعات على غرار الصحة والتربية للمطالبة بالزيادة في الأجور، ومراجعة نظام المنح والتعويضات، وتمكن رئيس الجمهورية بقراراته الصارمة من تهدئة الوضع في العديد من القطاعات. ويتوقع التقرير أن تلعب الوكالة الوطنية للأمن الغذائي دورا جوهريا في ضمان ومراقبة المخزون الإحتياطي للمواد الغذائية الأساسية، ومتابعة الاسعار على المستوى الوطني والدولي والوقوف على نوعية المنتجات الغذائية المستوردة، إلى جانب الوقوف على أي وضعية احتكارية تحاول المس بهذه المنتجات. وتبقى المضاربة سيدة تتحكم في اسعار السوق والتوزيع. كما اعترف التقرير، في ظل غياب الرقابة، التي لم تتمكن من تغطية ولو جزء محدد من أسواقنا، لأن حضور الرقابة عبر أسواقنا شبه منعدم، وجيوب المواطن في قبضة المضاربين، والدليل على ذلك التهاب الأسعار القياسي الذي صارت الجبهة الإجتماعية تواجهه خاصة في المواسم والأعياد.