تزامن تعيين الحكومة الجديدة التي يقودها الوزير الأول عبد المالك سلال مع العديد من الأمور الايجابية التي ستساعده على فتح ملفات الجبهة الاجتماعية بأريحية أكثر،ومنه التفرغ لتجسيد بقية الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في خطابه الذي قدمه للأمة في أفريل 2011 . وسيلعب الاستقرار الأمني الذي تعرفه الجزائر دورا كبيرا في إبعاد الضغط عن الحكومة الجديدة حيث ستكون مطالبة فقط بمعالجة مختلف ملفات الجبهة الاجتماعية لتعزيز السلم والاستقرار الاجتماعي والسياسي وتقوية حصانة البلاد من أي ضغوط أو تدخل أجنبي. ومن حظ الحكومة الجديدة أنها ستملك الكثير من هامش المناورة للتكفل بالمطالب الاجتماعية عند مناقشة قانون المالية ل 2013 وستتحدد قدرة الحكومة من خلال قدرة النواب على تمرير تعديلات ومقترحات من شانها أن تخلي الساحة من كل الشوائب التي تقف عائقا أمام تعديل الدستور الذي سيكون أكبر امتحان للجهاز التنفيذي الجديد بالنظر للظروف والتحولات الإقليمية والدولية بصفة عامة والجزائر بصفة خاصة. ومن المؤشرات الايجابية هو الترحيب الواسع لكل التيارات السياسية بشخصية عبد المالك سلال وطاقمه والذي بدوره لم يفوت الفرصة لمطالبة الشعب الجزائري بعدم التسرع في الحكم علة الحكومة ومنحه بعض الوقت في صورة تؤكد الثقة المتبادلة وتفهم كل طرف لظروف الآخر. وبالموازاة مع ذلك سيكون لهذه التحولات دورا ايجابيا في إنجاح المحليات التي ستنظم في 29 نوفمبر القادم من خلال التركيز على مشاركة قوية لاختيار جماعات محلية في المستوى تكون عونا وقاعدة صلبة للجهاز التنفيذي مستقبلا للتعامل مع مشاكل المواطنين الجوارية على أن تتفرغ الحكومة للملفات الكبرى خاصة وأن قانوني البلدية والولاية الجديدين يحملان من المواد ما يعطي دفعا قويا للجماعات المحلية للتكفل بمشاكل التنمية والدخول بقوة في ساحة المشاركة في تسيير شؤون البلاد لإحداث توازن وتخفيف الضغط على الحكومة المركزية . وستتكفل الحكومة الجديدة بقضايا قطاعات الصحة والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي ومشاكل البطالة والسكن ومحاربة الإجرام والفساد والسوق الموازي لامتصاص غضب الشارع وجعله أكثر قابلية لتبني ملفات المستقبل والانخراط بقوة في عملية البناء الديمقراطي. ويبقى على مختلف النقابات والمجتمع المدني تحضير نفسها للمساهمة في عملية البناء وعدم حصر دورهم في الانتقاد والمطالبة بالحقوق فقط. التهديدات الأمنية على الحدود في صلب الانشغالات ستجد الحكومة الجديدة نفسها أمام ملف شائك وهو قضية التهديدات الأمنية عبر الحدود بعد المشاكل التي عرفتها دول الجوار كتونس وليبيا ومالي وحتى موريتانيا والنيجر. ويملك عبد المالك سلال تجربة في الجنوب الجزائري من خلاله مروره على وزارة الداخلية ورئيس دائرة بولاية تمنراست وهو ما يعني امتلاكه للكثير من المعطيات والمعلومات حول تسيير هذه المناطق وكيفية التعامل معها وإيجاد الآليات اللازمة للحفاظ على مصالح الأمة. كما أن إشرافه على انجاز مشروع تحويل المياه من عين صالح إلى تمنراست جعله يطلع ميدانيا على الصحراء الجزائرية في صورة مهمة للمشاركة في تعزيز هذه المناطق بالتنمية والعمل على اعمارها من خلال إستراتيجية تنموية تكون مكملة للإستراتيجية الأمنية التي أتت ثمارها