سلطات ضبط لإرساء قواعد تقنية ومهنية مستدامة يعرض مشروع القانون العضوي ومشروع قانون السمعي البصري، في اجتماع مجلس الوزراء المقبل، للمناقشة والمصادقة، ومن ثم إحالتهما على البرلمان بغرفتيه. ويعول على النصين لإنهاء الفوضى الحاصلة في القطاع، وإعادة تنظيم المهنة على أسس تقنية ومهنية وأخلاقية جديدة. بعد دراستهما في 30 أوت الماضي، على مستوى مجلس الوزراء، وفي ظل التعليمات التي أسداها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تقرر إعادة بعث مسار تعديل مشروعي القانونين المتعلقين بالإعلام (عضوي) والسمعي البصري العادي، عبر الطريق العادي، بدل الأوامر الرئاسية. استمعت الحكومة، أول أمس، لعرض قدمه وزير الاتصال، عمار بلحيمر، حول المشروعين، ليرفعا في وقت لاحق إلى مجلس الوزراء ومنه إلى مكتب المجلس الشعبي الوطني ثم مجلس الأمة للنقاش والمصادقة. إعادة مسار تعديل القانونين الحيويين لقطاع الإعلام في الجزائر، إلى الطريق العادي، يأتي بعد انطلاق الدورة البرلمانية العادية، مطلع سبتمبر الماضي، في وقت تمت دراستهما قبل هذا موعد في فترة العطلة البرلمانية، والتي يعطي فيها دستور البلاد لرئيس الجمهورية صلاحية التشريع بالأوامر. وقرر الرئيس تبون، عرض النصين على نواب غرفتي البرلمان، من أجل الإثراء والمناقشة، وإسهام الخبراء والمختصين بالتحاليل حول مضمونهما من خلال المواكبة الإعلامية. وقال رئيس الجمهورية، إن مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام ومشروع القانون المتعلق بالسمعي البصري "نصان أساسيان مرتبطان مباشرة، بمشروع توافق بين القرار الديمقراطي وعلى الحفاظ على الأمن القومي للبلاد". هذه المقاربة تأتي بالتزامن، مع تهديدات خطيرة، تسلسلت إلى البلاد عبر تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة، وفي ظل تراجع غير مفهوم للمحتوى الوطني أمام المحتويات الأجنبية التي غزت الفضاءات الافتراضية وتروج لمواد مسمومة. في وقت سجلت وزارة الاتصال، "تدفقا هائلا للهجمات السيبرانية ضد الجزائر، بالتوازي مع انتهاك صارخ للحقوق الرقمية للجزائريين، قبل إدارات بعض مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها فايسبوك". وعلى ضوء حالة الارتباك التي طالت أمام الانتقال نحو التعددية الإعلامية للسمعي البصري، والانتقال الرقمي للصحف التقليدية، والذي تغذيه مقاومة شرسة مرتبطة باعتبارات ذاتية، يقع الرهان على النصين، من أجل إنهاء حالة الفوضى ووضع أسس ممارسة إعلامية محترفة. وسبق لوزير الاتصال، أن أكد أهمية الوصول إلى أداء مهني للصحافة وفق قاعدة "الحرية والمسؤولية"، مشددا على أن ذلك بات في المتناول، بفضل المكاسب الجديدة التي جاء بها دستور 2020، خاصة في مادته 54. وكان الوزير بلحيمر، قد كشف عن الأهداف الأساسية للمشروعين، والمتمثلة في: "التكفل بالفراغات القانونية لتفادي الفوضى والتجاوزات المحتملة في الممارسة الإعلامية ونشاطات السمعي البصري العمومي والخاص كالاحتكار والمخالفات المالية والجبائية، تعزيز دور الصحافة وحقوق ممارسيها في إطار الازدواجية المتلازمة حرية/ مسؤولية، توطين القنوات الخاصة في الجزائر، ضمان حق الشفعة للدولة، اعتماد دفاتر شروط عامة وخاصة". وفي حوار سابق مع موقع "الجزائر اليوم"، أشار الوزير إلى أن القانونين سيتضمنان هيئات ضبط تضطلع بمهام تنظيم القطاع ووضع استراتيجيات استشرافية لمواكبة التحولات الحاصل في الحقل الإعلامي. وعلى رأس هذه الهيئات، السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي- البصري، إذ ستحدد علاقتها التعاقدية مع مؤسسات السمعية البصرية الخاصة. إلى جانب المجلس الوطني للصحافة، بصفته هيئة استشارية تساهم في اتخاذ القرارات حول السياسات والاستراتيجيات الهادفة إلى تطوير الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية. وبالإضافة إلى لجنة آداب وأخلاقيات المهنة، التي ستشكل حصريا من الصحافيين، سيتم استحداث الهيئة متساوية الأعضاء، تشكل من شخصيات وخبراء مستقلين يضطلعون مهام مرصد وطني "للتفكير وتقديم الاقتراحات الضرورية للسلطات العمومية". ويلاحظ من خلال هذه النصوص العريضة الرئيسية للمشروعين، إلغاء سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي ينص عليها قانون الإعلام الحالي الصادر سنة 2012، وبقيت حبرا على ورق لصعوبة التجسيد وسيضطلع بمهامها المجلس الوطني للصحافة. وينتظر أن يتم اعتماد القانونين الجديدين قبل نهاية السنة الجارية.