يعرض المشروع النهائي لقانون المالية 2022، للتصويت على مستوى المجلس الشعبي الوطني، بعد عدة أيام من المناقشة أخذت فيها مواد تتعلق بالدعم والضرائب والمواد الأساسية حيزا كبيرا من النقاش. يصوت، اليوم، نواب الغرفة السفلى للبرلمان على 42 مادة تُقدم للمناقشة من أجل إعادة النظر فيها قبل المصادقة عليها لتمرير مشروع القانون إلى مجلس الأمة. وأقر مشروع قانون المالية 2022 في مادته 187، وضع جهاز وطني للتعويضات النقدية لصالح الأسر المؤهلة. وجاء في وثيقة المشروع، أن الجهاز يُطبق عقب مراجعة وتعديل أسعار المنتوجات المدعمة والذي يتجسد في تحويلات نقدية مباشرة لصالح الأسر المؤهلة. وترصد الاعتمادات المخصصة في إطار الجهاز الوطني للتعويضات النقدية لصالح الأسر المؤهلة لفائدة الوزير المكلف بالمالية. وتحدد كيفيات تطبيق هذه المادة بنصوص تنظيمية، لاسيما قائمة المنتوجات المدعمة المعنية بمراجعة الأسعار، فئات الأسر المستهدفة، معايير التأهيل للاستفادة من هذا التعويض وكذا كيفيات التحويل النقدي. أسباب اقتراح المادة في عرض أسباب المادة، ضمنت الدولة الجزائرية من خلال سياستها الاجتماعية حماية القدرة الشرائية للطبقات الاجتماعية المحتاجة والفقيرة والهشة وبالنسبة للطبقات المتوسطة، وهذا بأجهزة للإعلانات المباشرة وغير المباشرة «دعم الأسعار، امتيازات جبائية، تخفيض معدل الفائدة«. لكن الخبرة المكتسبة أثبتت أن غالبية هذه الأجهزة المعممة مجحفة، بالنظر لأنها تخدم أساسا الطبقات الاجتماعية الميسورة ماديا. وجاء في العرض: «لهذا وبغية الانتقال من أجهزة الدعم المعممة نحو جهاز دعم موجه لصالح الأسر المحتاجة وبالتالي ضمان العدالة الاجتماعية والاستجابة لانشغالات الطبقة السياسية، لاسيما النواب، تم اقتراح هذه المادة لوضع جهاز توجيه إعانات الدولة لفائدة الأسر ذات الدخل الضعيف والمتوسط«. وعلى سبيل التوضيح، سجلت التقديرات الأولية لمستوى الدعم في المتوسط بين 2012-2017 مبلغا يقارب 3250 مليار دينار سنويا، أي حوالي 19,3٪ من الناتج الداخلي الخام، ما يمثل ما بين 30 و41 مليار دولار، حسب تغيرات سعر الصرف. وبحسب التقديرات، تمثل الإعانات غير المباشرة، المتكونة لاسيما من إعانات للمواد الطاقوية وإعانات ذات طابع جبائي، حوالي 80٪ من مجموع الإعانات. أما الإعانات المباشرة فتمثل خمس مجموع الإعانات، أبرزها دعم أسعار المواد الغذائية والسكن. وسيسمح هذا الجهاز على الصعيد الميزانياتي، بالتحكم في الاعتمادات المرصودة سنويا بعنوان مختلف أشكال الدعم والتعويض (الخبز، الفرينة، الدقيق، الحليب، الزيت، الكهرباء، الغاز والماء) وكذا المساهمة في تخفيض التبذير والاستهلاك المفرط. مقترحات بخصوص المادة 187 وكشف عضو اللجنة المالية، علال بوثلجة، ل«الشعب أونلاين«، تلقي اللجنة ل3 مقترحات بشأن المادة 187، منها 2 تدعوان لإلغاء المادة من مشروع القانون حتى يتم إيجاد الآليات الضرورية، وتستهدف الأخرى تعديلها. وأشار إلى استهداف التعديل ضرورة تطبيق المادة بشكل تدريجي، حيث تتم مراجعة وتعديل الأسعار تدريجيا بعد إنشاء الجهاز الوطني للتعويضات لصالح الأسر المؤهلة للاستفادة من التحويلات النقدية المباشرة. وأضاف: «تحجج مقترحو الإلغاء بضرورة توفر الآليات من أجل تطبيق المادة، حيث يرى أصحاب المقترحين إرجاء تفعيل المادة والعمل بها إلى حين توفير الدولة لهذه الميكانيزمات اللازمة بقصد تفعيلها وإثبات نجاعتها». وشدد عضو اللجنة، على أن تطبيق المادة المثيرة للجدل، سيكون مقيدا، حسب اقتراح وزارة المالية، بإيجاد الآليات لتجنب النقائص وتطبيقها سيكون تدريجيا، مضيفا: «لكن رفع الدعم يجب أن يتم بسرعة والانطلاق فيه والعمل على تحويل الدعم إلى مستحقيه مباشرة». 187 لن تُطبق في جانفي ولا يتوقع الخبير الاقتصادي، عمر هارون، تطبيق المادة 187 من مشروع قانون المالية، بسبب عدم توفر الآليات الضرورية من أجل تحويل الدعم بشكل مباشر لمستحقيه، أو على الأقل «لم يتم الإعلان عنها لحد الساعة». ويرى هارون، في تصريح ل «الشعب أونلاين»، أنه كان الأجدر للنواب مناقشة الآليات والميكانيزمات الضرورية من أجل تطبيق المادة عوض التركيز على فرضية تطبيقها أو لا. وأكد أنه مع رفع الدعم عن المواد واسعة الاستهلاك، ثم إعادة توزيعه عن طريق بطاقيات على مستحقيه، لاسيما أن توجيه 17 مليار دولار يتوجب وجود معايير ضرورية تتبع لمنح الدعم النقدي للعائلات ومن هم الفئات المعوزة وكيف ستحدد. وأضاف: «تقنيا، كم يلزمنا من الوقت لفتح حسابات جارية للمعوزين أو تقديم بطاقات خاصة لإتمام العملية؟». وعن الآليات الواجب توفرها لتطبيق المادة 187، قال: «أظن أن هذه الأسئلة ينبغي أن يجيب عنها مشروع قانون المالية لسنة 2022 حتى نستطيع فهم استراتيجية الحكومة». وواصل الخبير: «أقترح تعديل المادة لتكون كبداية لفتح ورشة عمل حول الموضوع ليكون التنفيذ في آفاق 2024». بن عبد الرحمن يطمئن من جانبه أكد الوزير الأول ووزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن، الحفاظ على دعم الدولة للفئات المعوزة، قائلا في رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني، بخصوص مشروع قانون المالية 2022، السبت، إنه يجب إعادة توازنات حسابات الدولة وضمان استمرارية الميزانية. وشدد الوزير الأول ووزير المالية، على أن الدولة مستمرة في الدعم الاجتماعي للطبقات الهشة ولن تتخلى عن دورها الاجتماعي. وواصل: «لن نقبل أن يتوجه الدعم إلى أناس لا يستحقونه وأناس يواصلون نخر الاقتصاد الوطني، ونستهدف توجيه الدعم إلى الصحة والتعليم وتحسين الأجور». وأشار بن عبد الرحمن، إلى أن الدعم بطريقته الحالية، هو لصالح الأسر الميسورة التي تستفيد أكثر من العائلات ذات الدخل الضعيف، حيث تستفيد الأسر الميسورة من 100 مليار دينار سنويا، في حين تستفيد العائلات المعوزة من 76 مليار دينار سنويا.