يتفق خبراء على أن منحة البطالة، المقرر دخولها حيز التنفيذ بعد صدور المرسوم التنفيذي الخاص بها، خطوة مهمة لصون كرامة الشباب العاطل عن العمل والتكفل بشريحة مهمة من المجتمع، يضطر بعضه إلى الانحراف أو الهجرة غير الشرعية بسبب وقوعه تحت طائلة الضغوط النفسية والاجتماعية، تجعل منه فريسة سهلة بين يدي مافيا التهريب وعصابات الاتجار بالبشر وبارونات المخدرات. هو إجراء ظرفي اعتمدته السلطات في انتظار توفير منصب دائم للشباب البطال يسمح لهذه الفئة بالاندماج في سوق الشغل ويحولهم إلى فئة نشطة تدعم الاقتصاد الوطني وتساهم في نموه. وعوض أن يكون الشاب العاطل ينتظر منحة، يصبح فاعلا في المجتمع باستغلال قدراته العلمية وكفاءته المهنية في تطوير النشاطات التي تشكل أولوية في عمل الحكومة. قرار شجاع دخول منحة البطالة حيز التنفيذ الأيام المقبلة، تجسيد لوعد قطعه رئيس الجمهورية للتكفل بأكثر من 800 ألف بطال، أقصى أحلامهم منصب شغل دائم، حيث وصف منحة البطالة ب «قرار شجاع وستدخل حيز التنفيذ بداية من 2022». وكشف الرئيس عبد المجيد تبون، في 26 نوفمبر الماضي، خلال مقابلة مع ممثلي الصحافة الوطنية، أن منحة البطالة ستكون شبه مرتب، لحين تحصل البطال على عمل، مؤكدا أنها ستكون «قريبة من الحد الوطني الأدنى للأجور». وكان الرئيس قد أكد في أوت الماضي، تكفل الدولة بانشغالات كافة المواطنين، لاسيما الشباب، معلنا أنه قرر رفع قيمة منحة البطالة. فيما صرح في أكتوبر 2020 بأن رفع منحة البطالة لصون كرامة الشباب الجزائري، موضحا أن صرف هذه المنحة «يتطلب آليات ورقابة» حتى يستفيد منها البطالون الحقيقيون. وتم إدراج منحة البطالة في قانون المالية 2022، الذي صدر في العدد 100 من الجريدة الرسمية، حيث تنص المادة 190 على استحداث منحة البطالة، وتمنح للبطالين المسجلين لأول مرة في الوكالة الوطنية للتشغيل، على أن تحدد شروط وإجراءات منحها لاحقا في التنظيم. وأثارت منحة البطالة جدلا واسعا بشأن الشروط والفئة المستفيدة، حيث كثرت التكهنات بخصوصها، منهم من ذهب إلى القول بأنها تشمل أصحاب الشهادات الجامعية فقط العاطلين عن العمل، وفيهم من أثار إمكانية استفادة الزوجة صاحبة الشهادة الجامعية العاطلة عن العمل، حتى أن عضو مجلس الأمة عبد الوهاب بن زعيم سارع إلى نشر شروطها عبر صفحته بالفايسبوك، موضحا أنه «تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية وبعد رصد 152 مليار دينار في قانون المالية 2022، تم وضع مرسوم تنفيذي على طاولة الوزير الأول وزير المالية للمراجعة النهائية من طرف مصالح الحكومة والإمضاء عليه بعد استيفائه كل الشروط القانونية، من بينها: التسجيل في الوكالة الولائية للعمل في منطقة مسكن المعني، أن يكون التسجيل على الأقل ستة أشهر بعد صدور المرسوم التنفيذي تسجيل جديد، منحة البطالة لستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة لستة أشهر أخرى. وأن يقبل العمل في أي مكان توجهه وكالة التشغيل، أن يقبل التكوين في أي مكان ترسله له وكالة التشغيل لتحسين مستواه العملي. إذا كان تحصل على عمل في قطاع خاص أو عام يفقد منحة البطالة. إذا رفض المعنى عرضي عمل من الوكالة؛ بمعنى عرض عليه منصبان للعمل ورفضهما تسقط منحة البطالة. السن 19 إلى 40 سنة. أن لا يكون مسجلا في أي مؤسسة أو جامعة ليستفيد من منحة أخرى، تقدر منحة البطالة ب13 ألف دينار للجميع عبر كامل التراب الوطني وبدون احتساب المناطق. حملة تضليلية وفي تصريحات إعلامية سابقة، فصل المدير العام لوكالة التشغيل في شروط المنحة والمعنيين بها، حيث أكد أنها ستمس حاليا حوالي 800 ألف بطال، فيما ستتراوح قيمتها بين 8000 دج و15 ألف دينار جزائري. رافق الإعلان عن منحة البطالة حملة تضليلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تنتحل صفة الوكالة الوطنية للتشغيل، حذرت منها وزارة العمل وقالت في بيان لها إنها تنشر معلومات مغلوطة حول المنحة تهدف إلى قرصنة الملفات، داعية المواطنين الى التحلي بالحذر من خلال التأكد من الشارة الزرقاء للصفحة الرسمية للوكالة عبر الفايسبوك. فيما تبرأت الوزارة من كل الصفحات والحسابات الوهمية التي تستخدم شعار واسم الوكالة الوطنية للتشغيل وكل ما يُنشر فيها من معلومات مغلوطة تهدف إلى تضليل الرأي العام. «صون كرامة» ويعتبر مختصون اجتماعيون منحة البطالة قرارا مهمّا سيكون له أثر إيجابي على العاطلين عن العمل، لتخفيفها من معاناة الشباب بسبب البطالة التي وصلت نسبتها الى أزيد من 11٪، ما كان له انعكاس سلبي على المجتمع كان وراء ظهور آفات أثرت على بنائه وتماسكه. ولعل بروز هاجس الهجرة غير الشرعية «الحرقة» بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، صورة واضحة وجلية عن انتحار جماعي لشباب يشعرون بطمس كرامتهم بسبب بقائهم عاطلين عن العمل. رحلة البحث عن «مدينة الذهب» في أوروبا والأحلام المستحيلة سراب جعلته البطالة حقيقة في أعينهم، لذلك ستكون منحة البطالة متنفسا لأولئك الذي يشعرون بانتقاص في عضويتهم الاجتماعية رجلا كان أو امرأة.