دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في المغرب إلى تنظيم تجمّعات احتجاجية أمام مقراتها على صعيد كافة التراب المغربي، غدا الأحد، احتجاجا على الارتفاع الفاحش للأسعار وتجميد الحوار الاجتماعي، مع تجاهل السلطات الحكومية لمطالبها المشروعة. قالت الكونفدرالية في بيان أنّ "الوضع الراهن بالمغرب يتّسم باستمرار موجة غلاء أسعار المواد الأساسية، وعلى رأسها المحروقات، مع إصرار الحكومة على تجاهل إعادة تشغيل مصفاة "لاسامير"، وعدم التفاعل مع مقترحات القوانين بهذا الخصوص". وقالت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إنّ "الحكومة لم تفعل ما يتيحه القانون من تدخل لتسقيف الأسعار أو تحديد هامش الربح من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين التي تضررت كثيرا، خاصة مع تداعيات جائحة كورونا"، منتقدة الوضع الاجتماعي "الصعب" الذي يعيشه المغرب. رفض الحوار الاجتماعي أشارت النّقابة ذاتها إلى أنّ الحكومة لم تفتح باب الحوار الاجتماعي ثلاثي الأطراف بالرغم من "ضرورته الموضوعية والمؤسساتية"، مؤكّدة أنّ واقع الحريات النقابية يعرف "تراجعا وتضييقا على الممارسة النقابية في مجموعة من مواقع العمل، في ضرب للدستور، وخرق لمدونة الشغل، دون تدخل من السلطات الحكومية". وطالبت الكونفدرالية باحترام الحريات النقابية المضمونة بموجب الدستور والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية، وفرض احترام حقوق العمال واستقرارهم الاجتماعي، ومعالجة النزاعات الاجتماعية، بالإضافة لسن سياسة اجتماعية لتشغيل المعطلين، وإرجاع كافة العمال المتوقفين عن العمل بسبب تداعيات الجائحة، ودعم عمال كافة القطاعات المتضرّرة نتيجة التدابير الاحترازية والقرارات الحكومية. وضع معيشي مزرٍ تتواصل موجة الاحتجاجات والانتقادات الموجهة الى الحكومة المغربية وسط الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها الفرد المغربي لا سيما تزويده بأدنى ضروريات الحياة كالماء والكهرباء، حيث ينظّم سكان أكبر جماعات أحواز بمدينة فاس (أقصى شمال شرق المملكة المغربية)، منذ أسابيع وقفات احتجاجية للمطالبة بتزويد مساكنهم بالماء والكهرباء، وكذا توفير البنية التحتية في المنطقة. وأوقف سكان المنطقة الأسبوع الماضي خطواتهم التصعيدية من أجل منح فرصة للمسؤولين للتدخل وتحقيق مطالبهم، غير أنّ تعنّت المسؤولين دفعهم لاستئناف احتجاجاتهم والخروج، صباح الخميس، في وقفة احتجاجية بجماعة "أولاد الطيب" تنديدا ب "الأوضاع المزرية" التي يعاني منها السكان، داعين الى ضرورة التدخل من اجل "رفع التهميش والظلم على ابناء المدينة". الفساد متجذّر في السياق، أكدت صحيفة مغربية، أنه " من الوهم الاعتقاد (بإمكانية) القضاء على الفساد والرشوة والنهب دون التخلص من النظام الذي يرعاه ويكرسه"، ودعت الى توحيد نضال جميع القوى في المملكة لبناء دولة ديمقراطية. جاء ذلك في افتتاحية نشرية "صوت العمال والكادحين" التي تصدر عن صحيفة حزب النهج الديمقراطي المعارض، تحت عنوان "لا تنمية حقيقية مع استشراء الفساد الاقتصادي والسياسي في المغرب". واستدلت في حديثها عن هدر المال العام بالمغرب، بالميزانية الخيالية التي رصدت لمشاركة المنتخب المغربي في كأس أمم إفريقيا بالكاميرون، والتي بلغت 80 مليار سنتيم، قائلة "ما هذا إلا مثال بسيط على حجم الاموال العمومية التي تم تبديدها بدون طائل، وفي غياب اي مراقبة او محاسبة تذكر". وأشارت في هذا الاطار الى التقارير الدولية وتقارير المجلس الاعلى للحسابات التي كشفت عن " المستوى الخطير للأموال العمومية المنهوبة أو المهربة من المغرب، والتي وصلت الى ارقام فلكية صادمة". تراجع شعبية نظام المخزن وجّهت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، انتقادات لاذعة لحكومة عزيز أخنوش، معتبرة أنها "انفصلت عن واقع المغاربة وطبعت مع الفساد وغلبت منطق الهيمنة والإقصاء". من جهته، أكّد المؤرخ والحقوقي المغربي معطي منجب أن شعبية نظام المخزن "تراجعت بشكل مهول" خلال السنوات الاخيرة، مستنكرا ما تتعرض له الاصوات الحرة من تجسس وقمع. وأوضح معطي منجب، أنّ سبب تراجع شعبية النظام يعود الى عدم وفائه بالوعود التي أطلقها عام 2011، مبرزا "التدهور الخطير لمستوى التعليم والصحة، وتفشي الرشوة وتردي الحريات في المملكة". الإصلاح أو السّقوط في تقييمه لعمل حكومة أخنوش بعد أربعة أشهر من تسلم مقاليد الحكم، قال معطي منجب: "لا جديد تحت شمس المغرب السياسي سوى أنّ حكومة أخنوش ترجعنا إلى زمن الحكومات اللاسياسية التي كانت سائدة في المغرب حتى أواسط التسعينيات". وفي ردّه على سؤال حول "إلى أيّ مدى بات النظام الحاكم مستقرا في المغرب؟"، قال الحقوقي المغربي إنّ "الأنظمة السلطوية مهددة بعدم الاستقرار"، كما أبرز أنّه "إن لم يكن هناك إصلاح ديمقراطي حقيقي قد يسقط النظام قبل نهاية هذا العقد".