تواجه وهران، بالرغم من تميزها في مجال إمدادات المياه الصالحة للشرب، مخاوف طبيعية وأخرى من صنع الإنسان، يتصدرها التطور الاقتصادي والعمراني والاجتماعي، موازاة مع تراجع معدل التساقطات المطرية والانخفاض المستمر في منسوب المياه العذبة. يؤكد مدير الموارد الموارد المائية موسى لبقع، «للشعب ويكاند»، التزام قطاعه بضمان خدمة عمومية ناجعة، وفق برنامج مضبوط، بالتنسيق بين المديرية ومؤسسة «سيور» للمياه والتطهير. وكشف لبقع عن تحديات متعددة الجوانب من أجل تعزيز الأمن المائي، عن طريق المحافظة على الموارد المائية السطحية منها والباطنية والعمل على تطوير المصادر غير التقليدية، من خلال موازنة الاحتياجات الحالية مع احتياجات الأجيال القادمة. وقال، إن «الإستراتيجية الوطنية للمياه، تهدف إلى اعتماد تحلية مياه البحر، وعيا بالتحديات المطروحة والمرتبطة أساسا بضرورة البحث وتعبئة موارد أخرى لسد العجز المسجل في تغطية الحاجيات المتزايدة من هذه المادة الحيوية، وخاصة بالمدن الساحلية». وأضاف: «الجزائر قطعت أشواطا مهمة في مجال تحلية مياه البحر، بالاعتماد على محطات ذات طاقة عالية، ومن ذلك محطة «المقطع»، المتواجدة بشرق عاصمة ولاية وهران، والتي تم تدشينها في يوم 10 نوفمبر 2014. وتعتبر هذه المنشأة من بين أكبر المحطات في إفريقيا التي تعتمد نظام الأسموز العكسي في تحلية مياه البحر، وتقدر طاقتها الإنتاجية ب500.000 متر مكعب من المياه في اليوم، توجه حاليا لتلبية احتياجات ولايتي وهران ومعسكر. 65% من مياه الشرب مصدرها البحر تساهم مياه البحر المحلاة بنسبة 65% في التزويد بالمياه الشروب بنفس الولاية، تليها المياه السطحية بنسبة 30%، ثم المياه الجوفية بنسبة 5%، كما تحتل المراتب الأولى وطنيا في الربط بنسبة 97%، فيما يقدر طول شبكات (الجر والتوزيع) ب4269 ألف كيلو متر من القنوات، وتناهز سعة التخزين 774.370م³، وفق نفس المصدر. واستنادا إلى المصدر ذاته، فإن عدد سكان هذه المدينة، تجاوز مليونين و600 ألف نسمة؛ تقدر احتياجاتهم من المياه الشروب بحوالي 500 إلى 600 ألف متر مكعب يوميا، فيما لا يتعدى الإنتاج الإجمالي حاليا من 430 ألف متر مكعب إلى 450 ألف متر مكعب يومي، الموزع كالآتي: المياه المحلاة: 150 ألف متر مكعب يومي تأتي من محطة المقطع، 52 ألف متر مكعب يومي تأتي من محطة «كهرما»، 95 ألف متر مكعب يومي من محطة شط الهلال بولاية عين تموشنت، 2000 متر مكعب يومي من محطة أحادية الكتلة (الكثبان وبوسفر)، المياه الجوفية: 23 ألف متر مكعب يومي (الأنقاب، الآبار ومحطة بريدعة)، من المياه السطحية: 110 ألف متر مكعب من «الماو». تعديل برنامج التوزيع توزيع هذه الحصص المائية كان بصفة منتظمة وطبيعية، قبل تفاقم المشاكل التي تسببت فيها عدّة عوامل؛ أبرزها ظاهرة الجفاف وانخفاض المخزون الجوفي ومنسوب المياه السطحية، ناهيك عن قدم الشبكات بوسط المدينة، والأسباب التقنية بمحطة المقطع المتواجدة في الجهة الشرقي. وهو الأمر الذي دفع الجهات المعنية إلى مراجعة أنماط التوزيع واعتماد نظام التناوب، من أجل تعزيز المخزون المائي، والمحافظة على الموارد المائية من الهدر والاستنزاف، وبحسب ذات المسؤول فإن برنامج التوزيع المعتمد حاليا من طرف شركة المياه والتطهير»سيور» كالآتي: نسبة 88% 1/2 يوم والباقي 12% بمعدل 1/3 وأكثر، وقد تمت برمجة تعديل وتحسين برنامج التوزيع خلال هذا الأسبوع. ولأن وهران مقبلة على تنظيم حدث رياضي هام، يتعلق بألعاب البحر الأبيض المتوسط 2022، شهر رمضان وموسم الاصطياف، فإن مديرية الموارد المائية، بالتنسيق مع مؤسسة «سيور» للتسيير، وضعت مخططا لتدعيم برنامج توزيع المياه، وذلك بالاعتماد على 03 سيناريوهات: 1- حجز كمية زائدة من نظام «الماو» لتدعيم تموين مدينة وهران بالمياه الصالحة للشرب. 2- الإنتهاء من أشغال تأهيل محطة المقطع لترتفع نسبة الإنتاج من 250 ألف متر مكعب إلى 370 ألف متر مكعب يومي. 3- في حالة توقف محطة المقطع سيتم تعويضها بنظام «الماو» وخزان دزيوية، التابع لولاية عين تموشنت. وتعرف وهران ظاهرة لون مياه الحنفيات المائل إلى البني، أرجعها مدير الموارد المائية إلى تدهور حالة القناة «شلف قرقر «34 في 2 ذات طابع فولاذي، المنجزة خلال سنوات الثمانينيات والتسعينيات» من القرن الماضي؛ ما استدعى، بحسبه، برمجة مشروع، سينطلق قريبا، لإعادة تأهيل جزء من القناة على طول 13 كلم ذات قطر1200مم، لاحتواء هذا المشكل، ورفع قدرة التحويل، لاسيما وأن التحاليل أظهرت ارتفاع نسبة اللون بين 50 إلى 200مغ/ل وهي تفوق النسبة المسموح بها طبقا للمرسوم 14/96 والتي تتمثل في 15مغ/ل، وفق ما أشير إليه. محطة جديدة للتحلية لتأمين الجهة الغربية وأدت هذه الوضعية، من جهة أخرى، إلى هشاشة نظام تأمين التزويد بالمياه الصالحة للشرب، مع تسجيل نقص حساس وكبير في الموارد المائية، خاصة بالجهة الغربية للولاية، التي يقدر سكانها بأكثر من 600.000 نسمة. لذلك تم تسجيل عملية إنجاز محطة تحلية البحر ذات سعة 300.000م³/يوم بمنطقة الرأس الأبيض، بلدية عين الكرمة، دائرة بوتليليس، والتي ستنطلق الأشغال على مستواها قريبا، مع التحويلات التي تعتبر ضرورة قصوى، كما قال نفس المسؤول. توسيع التحويل بدائرة وادي تليلات فيما يخص مناطق بلدية طفراوي - 16.200 نسمة، أكد محدثنا «أنها لا تزال تعرف نقصا حادا في التزويد بالمياه الصالحة للشرب؛ حيث يتراوح برنامج التزويد يوميا بين 1 يوم/3 إلى يوم/7 بدوار سيدي غالم؛ ما استوجب إدراج مشروع آخر لتوسيع التحويل المنجز في إطار عملية تدعيم مناطق دائرة وادي تليلات بالمياه الصالحة كضرورة ملحة لتلبية حاجيات مناطق طافراوي، سيدي غالم، الموالك، المهدية، الشقاليل، الكحايلية، القرايدية، طافراوي، حمو علي، وكذا مناطق النشاطات على طول 63 كلم بمختلف الأقطار (710مم- 630مم- 160مم). البرنامج التنموي في معرض حديثه عن الجهود المتواصلة، تطرق أيضا إلى البرنامج التنموي في مجال المياه الصالحة للشرب؛ حيث تم مؤخرا الانتهاء من أشغال تحويل المياه الصالحة للشرب من خزانات 2*5000م³ حي بوعمامة بلدية وهران ب(02) مضختي دفع وخزان مرفوع و(02) كاسري طاقة على طول 27 كلم، وذلك بهدف تزويد سكان ناحية جبل مرجاجو بالمياه الصالحة للشرب. كما استفادت الولاية من إنجاز وتجهيز وتركيب الكهرباء ل1000 متر طولي من الأنقاب، من بينها: إنجاز نقب بمهدية في أقليم بلدية وادي تليلات وآخرين بسيدي غالم وسعادلة، التابعتين لبلدية طافراوي، وكذا على مستوى حي الهاشم ببوتليليس، بهدف تدعيم هذه المواقع بالمياه الصالحة للشرب، ناهيك عن إنجاز نقب ببلقايد لتدعيم حاجيات المركب الرياضي الجديد بكافة مرافقه. الحفاظ على الموارد مسؤولية جماعية وجدد لبقع، التأكيد أن «هذه الجهود المتواصل تدخل في إطار الاستراتيجية الوطنية للمياه التي تنتهجها الجزائر، وتضع في أولوياتها ثلاثة محاور رئيسية هي: تحلية مياه البحر وتصفية المياه المستعملة وترشيد الاستهلاك…». كما شدد على أهمية تعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين في مجال التوعية والتحسيس، لتشكل التوجيه الأمثل لتكريس ثقافة الترشيد والابتعاد عن سلوكيات الإسراف والتبذير للموارد الحيوية وضمان استدامتها للأجيال الحالية والقادمة نحو تعزيز الحق في العيش الكريم، مستطردا بالقول: «يجب أن يتحمل كل فرد المسؤولية في حل الأزمات والمشاكل وتحقيق الطموحات والأهداف المسطرة لصالح الوطن وشعبه».