سلّط المناضل بفيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا محمد غفير المدعو موح كليشي الضوء على أحداث ال17 أكتوبر 1961 المأساوية، والتي خلّفت العديد من الضحايا من المهاجرين الجزائريين بسبب سياسة البوليس الفرنسي القمعية، وذلك في كتابه الحامل عنوان: ''خمسينية ال17 أكتوبر 1961 بباريس حق الاستحضار والذكرى ''، والذي يعد شهادة حقيقية لمجاهد عايش الأحداث بتفاصيلها، ونجا منها كونه كان ينشط بمقاطعة كليشي وعلى اتصال بمناضلي الجبهة والمهاجرين الجزائريين. ومن الأسباب الرئيسة التي دفعت بصاحب المؤلف لإصدار هذا الكتاب هو إيمانه القوي بضرورة الإدلاء بشهادته ونقلها للأجيال الصاعدة، كي نحافظ على ذاكرة الأمة الجزائرية، وعدم كتمها مثلما فعل بعض من رفقائه في النضال الذين غيّب الموت البعض منهم ورحلت أسرارهم معهم إلى القبر، وقد استشهد في ذلك بالآية القرآنية من سورة البقرة التي تقول بعد بسم اللّه الرحمان الرحيم: ﴾ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فهو آثم قلبه واللّه بما تعملون عليم﴿، صدق اللّه العظيم. وقد تضمن الكتاب الذي جاء في 380 صفحة، تقديم من طرف البرفسور جون لوك اينودي والبرفسور بوعلام عيدون اللذان أشادا بنضال محمد غفير ووطنيته، وإصراره على تدوين شهادته كي لا تبقى طي النسيان. ولم يفوت المؤلف تقديم الشكر والاعتراف لأصدقاء الجزائر، من الفرنسيين والفرنسيات الذين ساندوا قضيتنا ودعموها بكل الوسائل مثل شبكة جونسن وكوريال وآخرون، دون نسيان شهدائنا الذين ألقي بهم في نهر السين، والبعض الآخر عذبوا، وعلى رأسهم الشهيدة الطفلة فطيمة بدار. قسم هذا الإصدار الى ستة أجزاء، كل جزء تناول بالتفصيل ما تعلّق بتاريخ الهجرة الجزائريةبفرنسا ومظاهرات ال17 أكتوبر 1961، حيث تناول الفصل الأول دور الهجرة قبل الفاتح نوفمبر1954 في إطار الحركة الوطنية، والأحداث المهمة المسجلة منذ عودة الجينرال ديغول للسلطة سنة 1958 مع بعض تصريحاته القصيرة المتعلقة بالجزائر وغيرها من المواضيع. وتطرق الفصل الثاني إلى التسلسل التاريخي حول الجريمة ضد الإنسانية لمأساة ال17 أكتوبر والذي تم إرفاقه بوثائق ملاحق تحتوي على تعليمة اللجنة الفيدرالية لجبهة التحرير الوطني بفرنسا بتاريخ ال10 أكتوبر 1961، وصور للشهداء منهم فطيمة بدار التي خصص لها فصلا كاملا التي تعد رمز لتضحيات المرأة الجزائرية، هذه الأخيرة خصص لها أيضا فصل للحديث عن مساهمتها في المظاهرات وتلبية نداء جبهة التحرير. وكذا صور للوحات التذكارية التي وضعها رئيس بلدية باريس بارتران دولانو عند جسر سان ميشال تخليدا لذكرى العديد من الجزائريين الذين قتلوا أثناء القمع الدموي للمظاهرات السلمية التي قاموا بها. بالإضافة، إلى نسخ من جرائد تحدثت عن مظاهرات ال17 أكتوبر، وقائمة بأسماء الشهداء الذين سقطوا في هذه الأحداث المأساوية ومنهم المجهول أسمائهم. حيث استعان ''موح كليشي'' بكتاب ''جون لوك اينوندي '' الذي اعتمد على أرشيف بلدية باريس، ومقبرة تياس ووزارة العدل الفرنسية وكذا أرشيف مستشفيات مدينة باريس وأرشيف فيدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني.