باشر المجلس الأعلى للشباب، مهامه، بشكل رسمي، منذ أمس، بصفته هيئة دستورية استشارية، على أن يكون إعداد الهياكل الخطوة الموالية للمصادقة على النظام الداخلي. في المقابل، أبدى أعضاءه تفاؤلا بالقدرة على رفع التحدي. سواء من حيث التركيبة أو آلية العمل، يجسد المجلس الأعلى للشباب، «برلمانا مصغرا»، يعنى بكل ما يتعلق بهذه الفئة الحية داخل المجتمع، لذلك سيقوم أعضاءه في الفترة القليلة المقبلة، بانتخاب 4 نواب للرئيس وتنصيب اللجان 8 برؤسائها ومقرريها. وعقب انتهاء مراسم التنصيب، التي أشرف عليها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بحضور كبار مسؤولي وإطارات الدولة بقصر الأمم، أجرى رئيس المجلس مصطفى حيداوي، أول اجتماع مع كافة الأعضاء البالغ عددهم 348 عضو، أين تمت تلاوة الأسماء والمصادقة على القانون الداخلي. وقبل ذلك، تحادث ممثلو الشباب مطولا مع كافة أعضاء الطاقم الحكومي، من مختلف القطاعات، على هامش مأدبة إكراميات أقيمت على شرفهم، بإحدى القاعات الكبرى للقصر. ومن العمل السياسي، إلى التنمية إلى التعليم بأطواره الأربعة، إلى العمل الجواري على المستوى المحلي، يدرك الشباب الذين نالوا عضوية الهيئة الدستورية، بالانتخاب أو التعيين، أن مهمة «متكاملة تنتظرهم»، ما يجعل الأمر بمثابة تحدي متعدد الأبعاد. في السياق، يوضح أحد الأعضاء ل «الشعب»، أن هناك وعي بأهمية المجلس الأعلى للشباب، «فبعد كل هذا المسار الدستوري والتأسيسي لهيئتنا، علينا أن نثبت أنه لن يكون هيكلا بدون روح». ولأن كلمة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تعتبر الإطار المرجعي لنشاط المجلس، فإن «دلالة ورمزية الدور المنوط بالهيئة في غاية الأهمية»، يضيف أحد الأعضاء. وعندما شدد الرئيس تبون، على ضرورة استعادة الثقة بين مؤسسات الدولة والمواطن «وتكريس الشفافية المطلقة والنجاعة في ممارسة المهام العمومية»، سيكون المجلس الأعلى للشباب في واجهة إنجاح هذا المسعى. وأول مهمة تقع على عاتق المجلس، باعتباره هيئة دستورية استشارية منصوص عليها في المادتين 214 و215 من دستور نوفمبر 2020، هو إقناع الشباب الجزائري كله بأنه «مؤسسة تمثله وتحمل همه وطموحاته». اهتمام كبير ووفق ما قدمه وزير الشباب والرياضة، فإن اهتمام الشباب بولوج هذه الهيئة كان «معتبرا جدا»، حيث أن الأرضية الرقمية التي أنشئت خصيصا لتسجيل الراغبين في العضوية عن طريق الانتخابات، عرفت 32 مليون زيارة. وأعلن في الوقت ذاته، عن تعرض المنصة إلى 200 ألف هجمة إلكترونية بغرض القرصنة، وهي أرقام تؤشر، إلى حد ما، إلى حساسية الهيئة وقيمتها لدى الراغبين في تمثيل أقرانهم من جهة والطامحين أيضا إلى تدمير هذه «اللبنة الأساسية في بناء الجزائر الجديدة». في السياق، شدد رئيس الجمهورية في كلمته على دور الشباب في تعزيز اللحمة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية. وقال: «إننا في هذا الظرف الذي يستدعي تضافر جهود كل الإطارات والأطياف من كل المشارب لتعزيز اللحمة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية، أمام ما يواجهنا من تحديات إقليمية صعبة ورهانات دولية معقدة، نراهن بكل ثقة على شبابنا الذي تشق به الجزائر طريقها إلى الرفعة والسؤدد». وذكر سبقاق، أن تركيبة المجلس، اعتمد فيها، ولأول مرة، مبدأ المناصفة (إثناء وذكور)، وسيتم العمل بذات المبدإ عند تنصيب الهياكل كنواب الرئيس واللجان. ويعتقد الوزير أن الهيئة ستساهم في تعزيز قدرة «الشباب الجزائري على بناء حاضره ومستقبله». الوفاء بالالتزام تنصيب المجلس الأعلى للشباب، يجسد أحد أبرز الالتزامات 54 لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ويؤكد أن الشباب الجزائري ممثل بهيئة دستورية ضمن البناء المؤسساتي الذي أعيد تجديده كليا بموجب دستور 2020. وقال الرئيس تبون في مستهل كلمته، إن تنصيب هذه الهيئة يعد المحطة الأخيرة في المسار الذي باشرناه معا وفاء للالتزامات التي تعهدنا بها أمام الشعب». وأوضح، أن المسار «انطلق بتعديل جوهري للدستور في نوفمبر 2020، مرورا بانتخابات تشريعية ثم محلية انبثق عنهما مجلس شعبي وطني ومجالس ولائية وبلدية منتخبة جديدة بمنطق انتخابي جديد لا غبار على نزاهته مع إبعاد المال الفاسد والمال بصفة عامة». ولا يعد إنشاء وتنصيب المجلس، الإجراء الوحيد الذي اتخذ لصالح الشباب، حيث تضمن قانون الانتخابات، مارس 2021، مواد تشجع وتحمي مشاركة الشباب في الحياة السياسة ووصولهم إلى المجالس المنتخبة محليا ووطنيا. وتعتبر الحرب الشاملة، التي شنت على المال السياسي وتحديدا المال السياسي، أكبر مكسب للشباب الراغبين في دخول العمل النيابي، ناهيك عن تكفل الدولة بمصاريف الحملات الانتخابية لهم. في المقابل، ينص المرسم الرئاسي المحدد لعمل المجلس، على أن يجتمع في دورة عادية مرتين في السنة باستدعاء من رئيسه، كما يمكن أن يجتمع في دورة استثنائية بدعوة من رئيسه أيضا. يذكر، أن المجلس يضم 16 عضوا ممثلين للجالية الوطنية بالخارج، من أصل 116 عضو يمثلون الهيئات والقطاعات العمومية، على أن يتم الانتخاب أو التعيين بنظام العهدة الواحدة القابلة للتجديد ومدتها 4 سنوات.