كشف المدير العام للصيدلية المركزية للمستشفيات، علي عون، أنّ 100 دواء من قائمة تشمل 120 صنف لعلاج مرضى السرطان دخلت إلى مخازن الصيدلية، ويجري حاليا توزيعها على مختلف المستشفيات، مؤكدا في لقاء صحفي، الخميس، حضرته «الشعب»، أنّ «أزمة انقطاع التموين بأدوية علاج السرطان ستنتهي كلية باستلام كميات أخرى جديدة من مختلف الأصناف بما فيها أدوية موجهة للأطفال المرضى مع أواخر جوان الجاري وخلال شهر جويلية المقبل. أكد علي عون أنّ «كابوس أدوية» مرضى السرطان انتهى بفضل عودة الوضع إلى مساره الطبيعي في تموين المستشفيات، مشيرا أنّ الفضل يعود إلى قرار الدولة القاضي بمرافقة الصحة العمومية، من جهة، والتزام إطارات وعمال «المركزية للمستشفيات» بتطبيق ورقة طريق تم رسمها من أجل تصحيح المسار وإعادة الاستقرار لسوق الأدوية الموجهة للمستشفيات. وأضاف قائلا «إنّنا نعمل ليلا ونهارا لإنهاء حالة انقطاع بعض الأدوية» مؤكدا أنّ أكثر من 90 بالمائة من مختلف الأدوية المدرجة في القائمة المعتمدة موجودة اليوم في مخازن الصيدلية المركزية ويجري توزيعها على المستشفيات. مسؤولية رؤساء المصالح بالمستشفيات وعن أسباب الانقطاع في التموين ما استغله البعض لشنّ حملة تخويف المرضى، أوضح علي عون بلغة مناجيريالية أنّ تداعيات جائحة كوفيد 19 طيلة سنتين، أبرزها الإغلاق، تسببت في إفراغ مخازن الدواء عبر العالم وتوقفت المصانع عن الإنتاج. وقدم مثالا عن مشتقات الدم (موجهة لمرضى فقر الدم والأطفال المصابين بمرض السرطان) التي مستها الندرة أيضا في العالم وارتفعت بذلك أسعارها من 25 أورو ل 1 غرام إلى 125/130 أورو ما يظهر ثقل التحديات القائمة. وفي قراءته للمؤشرات، دعا المدير العام للصيدلية المركزية رؤساء المصالح الاستشفائية إلى المساهمة في مرافقة جهود إعادة بناء مخزون الدواء عن طريق انتهاج أسلوب نبذ تسويق التوتر، من خلال الضغط على المريض بداعي ندرة أدوية، مطمئنا المرضى بأنّ المعركة قائمة من أجلهم وسوف ينتهي هذا الكابوس. وهنا عبر بوضوح قائلا «أعمل من أجل المريض وليس لغيره». هناك من يطلب دواء من خارج القائمة ولتقويم المسار، أجاب ذات المسؤول بلغة صريحة «منذ أربعة أشهر من تولي إدارة المؤسسة بدأت تظهر ملامح التغيير وإزالة الاختلالات بفضل التطبيق الصارم لخارطة الطريق بمساهمة الإطارات والعمال، حيث أنّ المناقصة التي كانت عالقة منذ 2021، خضعت لمقاربة عملية؛ إذ بعد 25 يوما من العمل المتواصل على مستوى اللجان المختصة لم تثمر، كون الإجراءات المعتمدة على مستوى وزارة الصناعة الصيدلانية عطلت العملية». وأوضح عون أنّ الانفراج حصل، اليوم، بعد أن تدخل الوزير الأول موجّها، الأربعاء الماضي، بتقديم التسهيلات وتحرير العملية، ما أمكن من تجاوز الصعوبات. غير أنّ الطريق لا يزال طويلا، يضيف محدثنا، قائلا «توجد مدونة أدوية تشمل 1700 صنف، لكن هناك من يطلب دواء من خارج القائمة، أمر يستغله البعض لإثارة حالة ندرة يستثمر فيها البعض، وهناك من يحرر وصفات بأدوية غير مسجلة (التسجيل مسألة جوهرية) فيما مخابر تعمل لترويج أدوية عبر مندوبين من أجل تسجيلها كأمر واقع. ومن أجل تأطير استعمال الأدوية ومكافحة التبذير أو سوء الاستعمال، أصبح يشترط تسجيل اسم المريض المستفيد من تلك الأدوية باهظة الثمن، ممّا يسمح بتتبع الاستعمال والتضييق على أعمال منافية للأخلاقيات، ذلك أنّ الأمر بتعلق بالأمن الصحي للمواطنين وحماية موارد الدولة المالية، علما أنّ هناك على سبيل المثال حقنة يبلغ سعرها 80 مليون سنتيم وعلبة دواء تتضمن 30 حبة بسعر 380 مليون سنتيم ويمكن تصور حجم المسألة. وقالها صراحة إنّ المركزية للمستشفيات ليست بقرة حلوب، إنّما تعمل وفقا للاحتياجات، علما أنّ الدولة تنفق 1.2 مليار أورو سنويا لتموين المستشفيات. مرافقة وتنسيق مع المستشفيات وعن سؤال ل الشعب حول ما إذا كانت هناك صفقة لإنتاج أدوية محليا بدل استيرادها، أوضح عون أنه تم تجسيد وعد بطرح مناقصة موجهة للمنتجين في الجزائر، بإعلانها في الصحافة، نهاية الأسبوع الأخير، مشدّدا على ضرورة الالتزام بمعايير الجودة وشروط الأسعار والآجال. وأضاف «يندرج هذا الخيار ضمن توجيهات رئيس الجمهورية لتشجيع الإنتاج المحلي، وهو ما يقود إليه العمل الجاري تجسيده». هذا التوجّه سيضع الجميع أمام مسؤولياتهم مبديا تفاؤلا بتحقيق مكاسب إضافية. وعن العلاقة مع مدراء المستشفيات (زبائن الصيدلية المركزية) أكد عون أنّ العلاقة قائمة على المرافقة والتنسيق. ومنذ بداية جوان الجاري، يقوم رؤساء ملحقات الصيدلية المركزية بتنظيم لقاءات مباشرة مع مدراء الصحة ومسيري المؤسسات الاستشفائية حول ضبط أسلوب العمل وتكوين الصيادلة في مناهج التحكم في الاحتياجات. للإشارة، أبلغ ديوان الصيدلية المركزية لدى المؤسسات الاستشفائية 225 مليار دينار متراكمة منذ سنة 2017، ومن شأن تطهير الوضع المالي بتسديد الديون أن يسمح بمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، وفقا لمعادلة ترشيد الموارد والتوظيف العقلاني للميزانية. وقد تم الشروع في هذا لتغيير المشهد من أساسه، ذلك أنّ التفاف كلّ الإرادات حول المصلحة الوطنية وخدمة المريض يقود إلى برّ الأمان. الحياة تعود لمخازن الصيدلية وعلى مستوى المخزن الرئيسي للمؤسسة، لوحظ توفر الأدوية خاصة الموجهة لمرضى السرطان وقد شرع في توزيعها. وأوضحت مديرة التخزين والتوزيع، طاوس عبد اللي، أنّه بعد مراقبة النوعية والتدقيق في الكمية، يتم التوزيع عبر ملحقات المركزية للمستشفيات على أساس طلبيات مسبقة، ويجري العمل على مدار الأيام. وترتب عن الوفرة حالة ارتياح، ذلك أنّ تحسين الوضع أمر جيّد ينعكس إيجابا على المرضى، كما أضافت محدثتنا. هكذا إذن تثمر المقاربة التصحيحية التي يجري تطبيقها وسوف تحقق نتائج أكثر إذا انخرط فيها كافة المتدخلون في سوق الأدوية، بدءا من ضبط الطلبيات بدقة ومكافحة التبذير وإضفاء الأخلاقيات على السلوكات. أمر مؤكد أنّه يتحقق طالما أنّ القائمين على القطاع في خندق عنوانه «المصلحة الوطنية خط أحمر».