من ركام الألم، ومن رحم المعاناة، تشمخ سنابل فلسطين وقاماتها العملاقة، لتنير دروب الأحرار في كل بقاع الأرض، حقاً: تقف الحروف حيارى، عاجزة على أن تنتظم بمديح يليق بمقامكم يا شهداءنا الأبطال، أنتم الرجال الرجال، أنتم الرجال، الذين عزّ نظيرُهم، أنتم نبض البطولة وأنشودة التضحية والفداء، حملتم الوطن في عقولكم وقلوبكم وعيونكم، غادرتم لكن تبقى كل تفاصيل حياتكم خالدة في عقولنا وقلوبنا. ترجّل الأبطالُ وذهبوا إلى عليين، وبقيت سيرتهم العطرة تفوح في أرجاء الدنيا، فمهما عبّرنا عن تضحياتهم وشجاعتهم لن نوفيهم حقهم، تزاحمت الكلمات على بوابة مجد فلسطين العظيم، تاهت الحروف، اختنقت الأصوات ألماً وحزناً ووجعاً، ذرفت العيون الدموع، ذبلت الم0قي، تلعثم اللسان، لكن ضوء الشمس أشرق، لنغوص في بحور العزة والكرامة والحرية. من جنين وغزة ونابلس والخليل ورفح وكل فلسطين، نستذكر سيرتهم العطرة، دائما لنغرس في كل الأجيال قيم الثورة وروحها، حمل الشهداء الأبطال هموم الوطن في نفوسهم، والتحقوا بميادين الشرف يذودون عن أبناء شعبنا المظلوم بكل الوسائل، وظلوا يقارعون المحتلين الغزاة، حتى غادروا شهداء في عليين، بعد ما حفروا على جدار فلسطين بصمات مشرقة، نهتدي بها ونسير على خطاها. كانت حياة هؤلاء الأبطال حافلة بالانتصار للفكرة والحلم والعودة إلى فلسطين ضد المحتلّ الغاصب، إذ تجسّدت فيهم كل القيم والمُثل في أعماق قلوبهم وكانت بمثابة ثورة وقوة وعنفوان، جعلتهم ينتصرون لدموع الأطفال الذين قتلتهم من حمم الطائرات الصهيونية (الأمريكية الصنع)، تلك التي تدمِّر البيوت على رؤوس ساكنيها، ليحوِّلها إلى ثورة ضد القتلة من عصابات وقطعان المستوطنين الذين يحرقون البشر والشجر. كان الألم يمزِّق قلوبهم، والوجع يخيِّم عليهم، لكن الليل لن يطول وأن الحلم سيتحقق بإذن الله والقدس ستعود لتعانق كل المدن وتتربع على عرش الأصالة والجمال وتحتضن أبناءها. أيها الأبطال يا من غادرتم أحراراً، أنتم قناديل فلسطين المشرقة دوماً، الطريق شاق وطويل، لكن الصبح قريب بإذن الله، إنها دروب الأحرار والشرفاء، سنضمّد جراحاتنا، وسنمضي، نقف أمام العواصف والأنواء شامخين، متسلحين بالإيمان وبحتمية العودة، لأن الغاصبين سيسقطون في القاع المظلم، وإن طال الزمن. رحمكم الله يا شهداءنا الأبطال، وستظل سيرتكم ومسيرتكم تثري الإنسانية، وكل دروب المظلومين والمضطهدين، سلام عليكم، وسلام لكم وقد رسمتم على جبين الوطن أسمى معاني الوفاء، والتضحية والفداء، وسلام لكم بعد أن زرعتم سنابل الحصاد وغادرتم، وبعد أن حفرتم أسماءكم في سجلّ الخالدين.