من ظلمة الليل يتبق نور الفجر ليرسم بأطيافه اشراقة الأمل، ومن ركام الألم وعذابات السجون ووجع الفراق، تشمخ السنابل، تخطو إلى سلم المجد تتلعثم الكلمات وتخجل الحروف، فمهما جادت الأقلام ونسخت لن توفيهم حقهم ، لن تستطيع الكلمات التعبير عن قوة التحدي وقهر السجان ،الذى تهاوى وسقط أمام صمود عمالقة النضال الذين سطروا اروع ملامح النضال هي ترنيمة الوجع المتلفع،بالاعتزاز والشموخ والكبرياء التي يعزفها الأسرى الأبطال على أوتار القلوب المتعبة بعذابات السجون البغيضة وصمت الجدران والقضبان الصلبة التي تنطق بصمود ماهر يونس البطل، ماهر الذى لم يكسر السجن شوكته ولم تضعف عزيمته من خلف قضبان الظلم والقهر يرمقنا الأسير بشموخه وقوة إرادته ولسان حاله يقول لا حياة إلا بك يا فلسطين ونحن باقون وعصابات القتل راحلون لنقترب من هذا العملاق ونبحر في سفينته في التاسع من كانون الثاني في العام الف وتسعمائة وخمسين استقبلت الدنيا الصرخة الأولى لماهر عبد اللطيف عبد القادر يونس ،وكانت لحظات فرح وبشر لميلاد طفل عظيم سيكون له شان عظيم ولد ماهر وسط أسرة مناضلة في قرية عارة فى فلسطينالمحتلة ، عانت من ويلات الظلم الذى يمارسه الاحتلال الأسود، احتلال اقتلع شعب من جذوره وشرد أصحاب الارض الشرعيين وسط صمت العالم الذى يتشدق ليلا ونهارا بحقوق الإنسان نما ماهر وترعرع وعاش طفولته البريئة كبقية اطفال فلسطين الذين حرموا من أبسط حقوق الأبطال،. وتمضى الأيام ويكبر ماهر ويشتد عوده ويغدو شابا قويا ،ولم ينس الظلم الذى يتعرض له شعبه ،وظل يفكر في صمت كيف يدافع عن شعبه ،فهداه تفكيره إلى الالتحاق بصفوف الحركة الوطنية ، لم يدع أي مناسبة وطنية الا وشارك فيها ،يقارع الاحتلال بقوة وصلابة ، وتمضى الأيام ويعتقل ماهر في الثامن عشر من يناير في العام الف وتسعمائة وثلاثة وثمانين ،حيث تعرض لتعذيب تنوء من حمله الجبال، وتحكم عليه المحكمة العسكرية الغير شرعية حكما بالإعدام شنقا حتى الموت ،وبعد تدخلات قانونية وحقوقية افضت إلى تخفيف الحكم إلى المؤبد أربعين عاما فى مشهد يدل على ظلم المحتلين الغزاة لم تجد استغاثة المستغيثين ولا مناشدات الأمهات، فبات ماهر ومعه الأبطال داخل الأسر يتلفعون بأوجاعهم ،خاضوا الإضرابات المتكررة عن الطعام أملا فى جرعة دواء مسكن او حاجات إنسانية عادية ويزداد الليل حلكة، وبرد الزنازين ينخر في عظامه ويضعف جسده ،لكن العزيمة لا تلين ماهر وابن عمه القائد الكبير كريم يونس الذى دخل عامه الثمانية والثلاثين وكل أبطالنا الأسرى سيظلوا مداد القلب وفى القلوب والأرواح هي محطات لأبطال صنعوا من صمودهم مشاعل يستضاء بها الدروب ليظلوا منارات الحرية