يتميز الفنان التشكيلي صادق أمين خوجة بأعمال تبرز الاحتراف الذي وصله بعد مشوار طويل قضاه مع الريشة فهو من مواليد مدينة سيرتا سنة 1949 ويشغل حاليا منصب مدير المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بقسنطينة متحصل على شهادة دكتوراه في تاريخ الفن المعاصر من جامعة باريس، مشواره الفني بدأ سنة 1972 ولا يزال يبحث حتى الآن في آفاق هذا الفن ذي البعد العالمي مع استغلال كنوز تراثنا الثقافي الجزائري. «الشعب» التقت بالفنان امين خوجة خلال الأيام التكوينية للمعاهد الفنية بمزفران زرالدة فكانت هذه الدردشة الشيقة معه. * الشعب: ماهي الميزة التي تحملها اعمالك التي شكلتها طيلة مشوارك؟ الصادق أمين خوجة: ما يميز اعمالي هو الانطباع الشخصي المستوحى من تجربتي في الحياة واقوم بعرضه بصورة تسمح للغير بالمشاركة فيه من خلال عملية التخيل، هم اللوحات التي اعرضها في مختلف المعارض هي لوحات «تركيب» متعددة التقنيات والمواضيع، منها واحدة يستعرض فيها العلاقة الحميمية للإنسان بشكل فلسفي ووجودي راق جدا. بعيدا عن «التركيب» بالاضافة الى محاولة تعرية الظواهر البيولوجية والاجتماعية، وأيضا رفع الستار عن الذكريات، وذلك باستعمال الرمز القادر على ترجمة هذه القيم. حيث احاول من خلال تمكني من تقنيات الفن الحديث، أن اضع أمام الجمهور مفاتيح للولوج إلى عمق اللوحة وبالتالي قراءتها وإدراك أطروحاتها الإبداعية كما احاول ان استعين بالتقنية لتقديم إبداع خاص. كما يغلب على لوحاتي الإحساس المرهف والتجربة الذاتية والطابع الثقافي التراثي المميز، واحاول التملص من الأسلوب الواحد فإن الحرية في الفن مطلوبة. * كيف ترون الفن التشكيلي بالجزائر؟ @@ نحن اليوم نحتفل بخمسينية الاستقلال و نلاحظ ان هناك تطورا مهما في هذا المجال خاصة وان الساحة الفنية في الجزائر تزخر بكم هائل من الفنانين الذين سخروا محيطهم خدمة للفن التشكيلي الذي يحظى بمكانة مرموقة على المستوى العالمي و هذا بشهادة الخبراء في هذا المجال بل استطيع ان اقول ايضا ان فنانينا اصبحوا مرجعية تقتدى بها المدارس الفنية في الخارج ،باعتبار الافكار الجديدة التي يحملونها خاصة لدى فئة الشباب الذين لديهم مستوى عالي في الفن التشكيلي الجديد المعاصر بالاضافة الى التكوين الذي يتلقونه و كذا اكتساب خبرة من رواد الفن التشكيلي بالخارج . * اذا كيف تحددون مستوى تكوين الفنانين التشكيليين في الجزائر فهل يرتقي الى العالمية و الاحترافية والمدارس والمعاهد؟ @@ استطيع أن اقول انه بطبيعة الحال هناك تطور ملحوظ خاصة من ناحية الكم و الكيف فبعد الاستقلال كنا نملك مدرستين للفنون الجميلة في العاصمة ووهران و حاليا لدينا 14 مدرسة عبر الوطن ،و بالتالي فان خريطة التكوين الفني مقبولة جدا خاصة و انهم موزعين على مختلف الولايات من جهة اخرى اثمن جهود وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي التي تبذل جهودا جبارة للرقي بهذا الفن و ايصاله الى اعلى المستويات. * هل يتمتع الفنانون التشكيليون بالجزائر بروح عالية المستوى؟ @@ في الجزائر والبلدان المجاورة كتونس و المغرب استطيع ان اقول ان المستوى الجمالي والدولي موجود وعلى المستوى الدولي هناك الروح الثقافية والشخصية الابداعية التي تتأثر بالمستوى الجمالي لرواد الفن التشكيلي العالمي والتي تجعل الفنان موجود بحق خاصة وان الاجانب يعترفون بمجهود المبدع الجزائري الذي جلب اليهم اشياء جديدة قادرة على خلق انقلاب ايجابي وثورة فنية رائعة مفعمة بالاحساس الغير منتهي ، فالفن المعاصر اصبح اليوم فنا تكنولوجيا والفنان الجزائري دائما يجلب الشئ الجديد قد يكون فنا «غريبا» على الاجانب لانهم غير متعودين على رؤية اصالة فنية ممزوجة بالتقاليد الجزائرية العريقة . * كيف تحددون الميكانزمات الفنية التي تتحكم في الرؤية الفنية التشكيلية في الجزائر؟ @@ اذا تحدثت عن مستوى فني و كشخصي و ايضا بالنسبة لاصدقائي فان اهم شئ يمكن التطرق اليه هو عملية «البحث» الذي يعد اول شئ يميز اعمالي ما يعني ايضا الابداع على مستويين منها الروح الوطنية المفعمة بالثقافة الجائرية و على المستوى الدولي هو البحث ايضا على تشريف الاعمال الفنية ما تجعل الفنانين بالخارج يبهرون باعمالنا. تخرجت من المدرسة العاليا للفنون الجميلة بباريس تخصص فن التصوير لديا 68 سنة و انا في هذا الميدان منهم 43 سنة خدمة للفن التشكيلي ، 20 سنة عملية ابداعية و هو نفس الامر بالنسبة لزملائي الموجودين على المستوى الوطني و الخارج من بينهم الفنان الهاشمي نور الدين من مدينة وهران اما في العاصمة فهناك عدد كبير خاصة الشباب. * الى اي سبب يعود نقص الاقبال على الاروقة الفنية في الجزائر؟ @@ هناك مشاكل عديدة تعيق الاقبال الكبير على الاروقة الفنية في الجزائر خاصة و ان مجال تكوين متخصصين في الفن التشكيلي ناقص نوعا ما منها مثلا فيما يخص تكوين الصحفيين في مجال الفن التشكيلي اذ يجب ان نجد في كل جريدة صحفيين يكتبون في الفن التشكيلي و لديهم تكوين في معارف هذا الفن بالاضافة الى ان الجزائر اليوم اصبحت تزخر بمعارض عديدة في السوق الفني منها مثلا قاعة راسم و التي يتشرف الفنان في عرض اعماله فيها و كذا المتحف الوطني للفنون الحديثة والمعاصرة «الماما» بالعاصمة والذي يعرض اعماله في «الماما» يكون له شرف كبير باعتبار انه ممكن ان يقارن بمتحف جورج بانبيدو بباريس والذي يتساوى مع «الماما» من الناحية التقنية و حتى الجمالية. * هل لكم ان تعرفوننا على المدرسة الجهوية للفنون الجميلة التي تترأسونها؟ @@ تعتبر أول مدرسة للفنون الجميلة تدشن في الجزائر بعد الاستقلال «المدرسة الجهوية للفنون الجميلة» بحي بوصوف في قسنطينة. تأجل الافتتاح الذي طال انتظاره إلى بداية 2010 واستغرق بناء هذه المدرسة عشرية بالتمام كما يعد إنشاء مدرسة خاصة للفنون الجميلة خطوة إيجابية بالغة الأهمية في تاريخ قسنطينة الفني ، والذي يعد تشريف كبير للمدينة التي حظيت أيضا بمعهد موسيقى جديد حيث تم إنجاز الشق الأول من بناء المعهد الذي يتربع على مساحة كبيرة و يتكون من جناحين ، جناح إداري ، يتوزع على الطابق الأرضي والطابق الأول والذي يحتوي على المكاتب البيداغوجية التي تحيط رواق الاستقبال الذي زين بمنحوتات من إبداع طلاب المعهد و أساتذته ، أما الجناح البيداغوجي فيتوزع على كل المبنى، و يحتوي على حوالي 22 قاعة درس و ورشات فنية متنوعة منها قاعة نحت كبيرة، قاعة للرسم، قاعة الألوان، قاعة السيراميك، قاعة النجارة الفنية، قاعة الفن الجداري وقاعة الاتصال البصري . تقع مكتبة المعهد في الطابق الثاني وهي مجهزة بقاعة أنترنت تحتوي على تسع أجهزة كمبيوتر جديدة، يعمل مختصون على ترتيب مؤلفاتها الفنية و الأدبية المهمة التي تمثل 90 بالمئة من الكتب التي يحتاجها طلبة الفنون الجميلة في كافة مجالات دراستهم من أجل تنمية ثقافاتهم العامة : فلسفة الفن، علم الجمال، علم الاجتماع. * ما هي الكلمة التي توجهونها لقراء «الشعب»؟ @@ اتمنى ان تجسد الاشياءالجميلة في الواقع وادعو من خلال جريدة «الشعب» الى ضرورة تخصص الشباب من الصحافيين بالميدان الثقافي و مختلف الفنون الاخرى لالمام القارئ بالمعارف الفنية واعطاء صورة لامعة للحياة الثقافية المعاصرة بالجزائر.