عقب أزمة محتدمة استمرت أكثر من عام، نجحت الكتل السياسية العراقية في إنهاء الجمود السياسي في البلاد، وذلك بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، هو الدكتور عبد اللطيف رشيد خلفاً للدكتور برهم صالح، وتكليف محمد شياع السوداني الوزير الأسبق وعضو البرلمان رئيساً للوزراء. ومع انجلاء الأزمة التي هددت الاستقرار وعطلت معظم مرافق التشريع والبناء في البلاد، يعتلي الأمل مجدداً لدى الأوساط العامة بأن تكون تلك بداية لمسار يبعث على التفاؤل والتغيير المنشود، بتصحيح الأخطاء وتدارك الأوضاع العامة من الانهيار. واستطاع مجلس النواب، الخميس، وعبر جولتي تصويت من انتخاب عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، عبد اللطيف رشيد، رئيساً للجمهورية وتكليف الكتلة النيابية الأكبر بتقديم مرشحها لتشكيل الجهاز التنفيذي. وتأتي هذه الانفراجة، بعد تحركات دولية ساعدت القوى السياسية في العراق على تجاوز خلافاتها عبر الحوار وتقديم التنازلات من أجل المضي باستكمال تشكيل الحكومة وتجنيب البلاد نهايات مفتوحة تنذر بضياع النظام السياسي وشيوع الفوضى. من هو عبد اللّطيف رشيد؟ انتخب مجلس النواب العراقي، أول أمس، عبد اللطيف رشيد رئيساً للجمهورية، بعد حصوله على أغلبية الأصوات بالجولة الثانية من عملية التصويت التي تنافس فيها مع المرشح برهم صالح. عبد اللطيف رشيد، 78 عاما، رشح نفسه كمستقل، رغم أنه عضو سابق في الاتحاد الوطني الكردستاني، ووزير سابق في حكومة إقليم كردستان، ولد في عام 1944 بمدينة السليمانية، وهو حاصل على الدكتوراه عام 1976 في الهندسة من جامعة مانشستر. بدأت مسيرته السياسية في ستينيات القرن العشرين، عن طريق انضمامه إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وكان له دور بارز في هذا الحزب، ولديه شبكة واسعة من العلاقات مع مختلف الأطراف العراقية. تم اختياره ليكون وزيراً للموارد المائية من عام 2003 ولغاية نهاية عام 2010. وفي ديسمبر 2010، عُين مستشاراً أقدم لرئيس جمهورية العراق وما زال مستمرا في منصبه. ترشح رشيد لرئاسة الجمهورية في 2018 عن الاتحاد الوطني الكردستاني، لكنه لم يحظ بالأصوات الكافية لنيل المنصب، وفي جانفي الماضي عاد مرة أخرى ليترشح للمنصب نفسه. من هو محمد السوداني؟ في أول قراراته الرئاسية، أعلن الرئيس العراقي الجديد، عبد اللطيف رشيد، اختيار محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة. وعقب اختياره، أعرب السوداني من البرلمان عن أمله بتشكيل حكومة بأقرب وقت. وفور القرار هنأ مصطفى الكاظمي، رئيس حكومة تصريف الأعمال، السوداني باختياره لتشكيل الحكومة الجديدة. ودعا الكاظمي، كل القوى السياسية إلى التعاون والتكامل، متمنياً لخلفه التوفيق في مهمّة تشكيل الحكومة من أجل تحقيق تطلعات الشعب العراقي، فمن هو محمد شياع السوداني؟ محمد شياع صبار حاتم السوداني، سياسي عراقي، ولد بغداد عام 1970، بدأ حياته السياسية ما بعد 2003، كُلف بوزارة حقوق الإنسان بعد تشكيل حكومة المالكي الثانية في ديسمبر عام 2010 وفي انتخابات برلمان 2014 حاز السوداني على 7584 صوت عن ائتلاف دولة القانون. وما بين (2014- 2017)، تسلم السوداني منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة حيدر العبادي وكذلك وزيراً للصناعة بالوكالة منذ عام 2016، وشغل لفترة منصب وزير التجارة بالوكالة. السوداني عضو في مجلس النواب لثلاث دورات متتالية 2014، 2018، 2021 عن محافظة بغداد. وفي عام 2019، وعقب اندلاع الاحتجاجات الشعبية العارمة، استقال من ائتلاف دولة القانون وأسس تيار الفراتين وهو تيار سياسي قدم نفسه كتكتل مدني يدعو إلى حقوق المواطنة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع العراقيين. الانتخابات أول مهمة في أول تصريحاته السياسية، وعد رئيس الحكومة العراقية المكلف، بالسعي لإجراء انتخابات محلية ونيابية في أجواء حرة ونزيهة. كما وعد السوداني بالعمل على إجراء الانتخابات التي تطالب بها الأوساط السياسية في العراق «في ظل نظام انتخابي شفاف يطمئن كل المتنافسين». كما شدد رئيس الحكومة العراقية المكلف على أنه «لن نسمح بالتدخل في شؤون بلادنا الداخلية ويجب احترام سيادة أراضينا». ولدى السوداني 30 يوما لتقديم تشكيلته الوزارية إلى البرلمان لمنحها الثقة. بانتظار حلول بالرغم من أهمية الخطوة التي قطعها العراق بانتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة، يرى مراقبون أن ذلك لا يعني مغادرة الأزمة، لأن الخروج من الانسداد مرهون بشكل وتركيب الحكومة المقبلة وقدرتها على التعامل مع المشكلات الرئيسة والجوهرية بينها السلاح المفلت والفساد والبطالة والفقر وغيرها. ويضيفون، أن «القوى السياسية باتت أمام مواجهة ميدانية مباشرة مع الجماهير الساخطة من الأوضاع العامة في البلاد والتي كانت دائما ما تسوق قصورها أمام المواطنين بذرائع الأزمة وعدم وجود حكومة مخولة لنزع الإشكاليات والبت في المعالجات الملزمة إزاء الكثير من القضايا». ويخلص هؤلاء المراقبين إلى أنه «على رئيس الوزراء محمد السوداني التحرك وفق تلك المعطيات بجلب شخصيات كفؤة ذات إمكانات إدارية وقيادية تتوازى مع تلك التحدّيات وبخلاف ذلك فإنه لن يكتب لتلك الحكومة أن تستمر أكثر من شهور».