مخزون المواد الأولية كاف، ولا داعي للإفراط في الشراء.. اقتطاع الضريبة على المواد المدعمة من هامش الربح وليس من رأس المال إنتاج المواد الواسعة الاستهلاك يفوق الطلب ب50 % حاليا.. تشديد الرقابة يضمن عودة الأمور إلى نصابها في أقرب الآجال.. أرجع أحمد مقراني، مدير تنظيم الأسواق والنشاطات والمهن المقننة بوزارة التجارة، في حواره مع «الشعب»، عمليات المضاربة التي مست مادة الزيت بصفة خاصة، إلى عزوف التجار عن العمل بنظام الفوترة، مما أثر على التموين المنتظم للسوق، وقال إن الدولة منحت ضمانات وامتيازات للتجار، في قانون المالية التكميلي، موضحا أن اقتطاع الضريبة على المواد المدعمة، يكون من هامش الربح وليس من رأس المال، وهو ما يهوّن خوف البيع بالفاتورة، واعتبر محدّثنا أن عودة التموين المنتظم للأسواق بالمواد الاستهلاكية المدعمة، مسألة وقت، بعد رفع قدرات إنتاج شركة «اغروديت» ودعم سلاسل انتاج مجمع «سيفيتال»، وتكثيف الرقابة وتشديد العقوبات على المضاربين، محصيا تسجيل 93 جنحة تتعلق بالمضاربة بمواد مدعمة في ظرف 9 أشهر، تم تحرير 86 محضر متابعة قضائية، بالإضافة إلى تسجيل أكثر من 30 قضية في قطب سيدي امحمد الأسبوع المنصرم، كما تم حجز أواخر سبتمبر 4046 طن من المواد المدعمة بقيمة اجمالية تقدر ب219.65 مليون دينار جزائري. - الشعب: ما هي الإجراءات الاستعجالية التي اتخذتها وزارة التجارة لتنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية المتعلقة بتشخيص الاختلالات المسجلة في تموين السوق بالمنتجات الغذائية الواسعة الاستهلاكية ومحاربة المضاربة؟ مقراني: تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية، تم تشديد الرقابة على مختلف سلاسل إنتاج وتوزيع المواد الأساسية لاسيما ذات الاستهلاك الواسع والمدعمة، على غرار السميد، الفرينة، الزيت والسكر، والحليب، فقد لاحظنا أن عمليات المضاربة تخص المواد المدعمة دون غيرها، وبالتالي، عملنا على تطبيق أحكام قانون 21-15 المتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة. قبل القيام بعمليات الردع، كنا قد نظمنا عمليات تحسيسية بالتنسيق مع الاتحاد العام للتجار والحرفيين والسلطات القضائية على مستوى كل ولاية، لشرح مضمون هذا القانون لكل المتعاملين الاقتصاديين والمنتجين، وضرورة التصريح الاجباري بكل المخازن، وغرف التبريد، وهذه آلية إجبارية تجعل التجار والمتعاملين في منأى عن المتابعات القضائية؛ لأننا لاحظنا، من خلال تدخل مصالح الرقابة التجارة والمصالح الأمنية، وجود العديد من المخازن غير مصرح بها، ومتعاملين لا يملكون أي سند قانوني أو سجل تجاري أو بطاقة فلاح تشير إلى طبيعة النشاط القانوني الممارس. هذه العمليات التحسيسية، مكنتنا من وضع بطاقية وطنية لغرف التبريد والمخازن، على المستوى الوطني، تسمح لكل متعامل اقتصادي سواء كان منتجا أو مستوردا أو تاجر جملة، أو حائزا على مخازن مصرح بها، بأن يكون في منأى عن المتابعات القضائية.. أما عمليات الرقابة المشدّدة على المنتجات التي شنت الأسبوع المنصرم، فقد أثبتت – للأسف - استمرار إخفاء بعض التجار السلع في مناطق غير مصرح بها، وحيازة منتوجات كبيرة دون فوترة، وعلى هذا الأساس، اتخذت إجراءات مشددة ضدهم، نظرا لأن المضاربة أخذت منحى خطيرا، وأصبحت تؤثر على ديمومة التموين، بالرغم من مجهودات الدولة الكبيرة لضمان التموين المنتظم للسوق وتخصيص مبالغ ضخمة لدعم المنتوجات الأكثر استهلاكا.. الحليب، السميد، الفرينة، الزيت، والسكر الأبيض، لضمان استمرارية الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية. - هل صحيح أن عمليات المضاربة في مادة الزيت راجع لعدم توفر مخزون كافي للمواد الأولية؟ سجلنا – مع الأسف - استمرار لجوء بعض الأشخاص إلى عمليات المضاربة، والدولة عن طريق مصالح التجارة والمصالح الأمنية تصدت بكل قوة لردع هذه الممارسات. ولقد بلغ عدد التدخلات في ظرف 9 أشهر الأولى من سنة 2022، 74222 تدخل على مستوى محاربة المضاربة غير المشروعة، مكنت من تسجيل 93 جنحة، وتحرير 86 محضر متابعة قضائية، دون احتساب حصيلة التدخلات الأخيرة المسجلة في هذا الأسبوع، التي أعلن عنها الهيئة القضائية أكثر من 30 قضية في قطب سيدي امحمد، وإلى غاية نهاية سبتمبر حجزنا 4046 طن من مختلف المواد، أغلبيها مواد مدعمة بقيمة اجمالية تقدر ب219.65 مليون دينار جزائري. عملية الرقابة المشددة مستمرة، على مستوى كل شبكات التوزيع سواء سلسلة الإنتاج، التوزيع بالجملة، والتجزئة، وفرق مصالح التجارة مسخرة يوميا وفي عطلة نهاية الأسبوع، لمراقبة مسار المنتوج المدعم، وفق شبكة توزيع رقمية أو أرضية رقمية، تتبع مسار الحليب المدعم، انطلاقا من 124 ملبنة منخرطة في نظام الدعم، وشبكة الموزعين المعتمدين، وكذلك شبكة تجار التجزئة.. نفس الشيء بالنسبة لمادة الزيت النباتي، فقد تم وضع نظام مراقبة خاص بها، إثر التذبذبات التي شهدتها بعض الولايات؛ وذلك بقصد تتبع مسار كل شحنات مادة الزيت، بالتنسيق مع مديريات التجارة، وأصبحت السلع التي تخرج من مصنع سيفيتال ببجاية، معلومة الوجهة، والولايات المعنية بوصول هذه الشحنات، تكون مصرحا بها، وتتم متابعتها إلى غاية توزيع المنتوج على المستهلكين، ولا يختلف الأمر بالنسبة للسميد والفرينة والسكر، وهذه المواد المدعمة، كل المؤشرات التي بحوزتنا، تؤكد توفر مخزونات جد كافية من المادة الأولية التي تدخل في صناعتها، سواء القمح الصلب أو اللين، أو مسحوق الحليب، أو السكر الأحمر، أو الزيت الخام.. مخزون المواد الأولية يكفينا بكل أريحية، فلا داعي للقلق، والسلطات العمومية اتخذت كل التدابير لضمان هذه المخزونات التي تكفي لمدة تتراوح بين 3 و 6 أشهر.. تبقى إشكالية التموين والتذبذبات فقط، وهو ما نعمل، مع كل المتدخلين، من أجل تجاوزه لإعادة الاستقرار إلى السوق، وقد رأينا في 48 ساعة الأخيرة، عودة بعض المنتوجات، خاصة الزيت إلى المحلات، بعد الإمكانات الكبيرة التي قامت بها وحدة «أغروديت» لتوفير زيت «صافية»، ودعم خطوط إنتاج شركة سيفيتال لإعادة تدعيم السوق بالزيت وبكميات كافية. نراقب يوميا السوق وفق منظومة تقنية، ونتابع مستويات الأسعار، على مستوى أسواق الجملة والتجزئة، ونراقب الوفرة، وقبل الساعة 11 صباحا، تكون كل مؤشرات السوق متوفرة لدى وزارة التجارة، ووفقها، يمكن التدخل بكل أريحية لإعادة ضبط السوق أو المنطقة التي فيها خلل لإعادة التوازن إليها، ونحن نعمل بالتنسيق مع قطاع الفلاحة الوصي على الدواوين العمومية المكلفة بالضبط والتوزيع، عن طريق اللجان لمتابعة كل العمليات المرتبطة بضبط السوق وتأطير عمليات الاستيراد؛ لأن العديد من المواد الأولية مستوردة، وبالتالي، نحن نعمل على جانبين.. نضمن تموينا منتظما على مستوى كل الولايات ومن جهة، ونسهر على الحفاظ على الموارد المالية للدولة عن طريق ترشيد واردات هذه المنتوجات، ونعمل في إطار التضامن الحكومي، من أجل وصول المنتوجات الواسعة الاستهلاك والمدعمة إلى المواطنين بكل أريحية ودون تذبذب. - إذا كان مخزون المادة الأولية متوفر ويكفي عدة أشهر، ما هي العوامل التي تقف وراء عودة ظاهرة المضاربة في المواد المدعمة فقط؟ انطلاقا من الملاحظات الأولية، فإن التذبذبات التي شهدتها مادة الزيت في الآونة الأخيرة، ترجع لعدة عوامل أولا، كونها تزامنت مع الدخول الاجتماعي، وبالتالي، عودة كثير من النشاطات التجارية التي كانت في فترة عطلة، كالجامعات، مراكز التكوين المهني، المطاعم المدرسية، وهذا أدى إلى ارتفاع الطلب، وثانيا، ظاهرة التهافت أو الاقتناء المفرط للمنتوجات من قبل المواطنين، بالرغم من تطمينات السلطات بتوفر المنتوج وضمان تموين السوق بهذه المادة بانتظام، مع العلم أن الإنتاج الحالي يفوق الطلب ب50 بالمائة أحيانا، وبالتالي يوجد فائض نعمل على تنظيمه على مستوى سلسلة التوزيع. كذلك، من بين أسباب المضاربة عزوف تجار التجزئة عن العمل وفق نظام الفوترة، بالرغم من أن قانون المالية التكميلي لسنة 2022 منح امتيازات كبيرة لكل التجار، بحيث أصبح احتساب ضريبة المواد المدعمة أو المسقفة أسعارها، يتم انطلاقا من هامش الربح، وليس من رقم الأعمال، مثلا إذا كان للتاجر هامش ربح يقدر ب200 دينار، يدفع دينارين، أي 5 بالمائة، وهذا هامش رمزي.. وقد قمنا الثلاثاء الفارط، بحملة تحسيسية كبيرة على مستوى الوطن، بالتنسيق مع اتحاد التجار والحرفيين ومصالح الضرائب، شرحنا فيها مضمون قانون المالية التكميلي لتفادي البلبلة، وسوء الفهم، حتى يعمل التجار بكل أريحية وفق نظام الفوترة، ونقول لهم مرة أخرى لا داعي للقلق، لأن الدولة التزمت باقتطاع الضريبة انطلاقا من هامش الربح، وهذه فرصة لتنظيم التموين على مستوى كل الفضاءات التجارية. - لاحظنا أن بعض المحلات التجارية الكبرى ترفض إشهار مادة الزيت، وتبيع هذا المنتوج بطرق ملتوية، ألا يعتبر هذا العمل مضاربة؟ صحيح، توجد مثل هذه الممارسات، وفي لقائنا مع اتحاد التجار، نبهنا إلى هذه النقطة، واعتبرناها نوعا من المضاربة؛ لأن من يملك سجلا تجاريا، يؤدي خدمة عمومية، وبالتالي، يجب تقديم الخدمة العمومية وجوبا، وهذه السلوكات مرفوضة تماما. في هذا النطاق، قمنا مع اتحاد التجار والحرفيين، بحملة تحسيسية كبيرة من أجل توزيع هذه المواد على مستوى المحلات التجارية، والمساحات الكبرى، وإلى جانب التدابير الأخيرة المتخذة من طرف الدولة، سيزول التّخوف من التعامل بالفاتورة، ويصبح التموين منتظم بهذه المواد المدعمة، لأن انتاجها متوفر على مستوى المصانع. منحنا سابقا رخصا استثنائيا للبيع المباشر لتخفيف الضغط على المواطنين، ولكن مع التدابير الجديدة التي اتخذتها الدولة لصالح تجار التجزئة والجملة، ومع تشديد الرقابة عن طريق قانون مكافحة المضاربة، سنقضي على التذبذب وتعود الأمور إلى نصابها في أقرب الآجال. - بعض الجمعيات، تقول إن الثغرة على مستوى شبكة التوزيع، وينبغي أن يشملها نظام الرقمنة لسد المنافذ أمام المهربين والمحتكرين، هل الموزعون ضمن الشبكة الرقمية؟ نحوز شبكة محيّنة لموزعي المواد الغذائية، والحليب خاصة، تسمح لنا بتتبع مسار الكيس منذ خروجه من المصنع إلى غاية وصوله إلى تاجر التجزئة؛ لأن لدينا تعهدا يلتزم به الموزع، بتوزيع المادة خاصة الحليب في منطقته، وتقديم أسماء تجار التجزئة والحصص الموزعة، وعمليات الرقابة الفجائية، تسمح لنا بالتأكد من التزام التجار بتوزيع المنتوج المدعم. بالنسبة لمادة الزيت، وضعنا نفس النظام من أجل مراقبة شحنات المنتوج منذ خروجها من المصنع إلى غاية وصولها إلى الولاية المعنية بالتوزيع، وهناك تنسيق بين الوحدات الإنتاجية ومديريات التجارة التي تستقبل هذه السلع، وبالتالي، هذا التنظيم يسمح بالتحكم في وجهة المنتوج، ووصوله إلى المستهلك بعيدا عن الطرق الملتوية.. والدولة ستقف بالمرصاد، لكل السلوكات المضرة بالاقتصاد الوطني، وستضرب بيد من حديد كل الأطراف التي تتلاعب بقوت الجزائريين إلى غاية القضاء على ممارساتها التي أخذت أبعادا خطيرة، وهو ما جعل السلطات العمومية تحيل هذا الملف على قسم الجريمة المنظمة والإرهاب، فتشديد العقوبات ضد المضاربين لابد منه لوضع حد لهم، وعودة الأمور إلى نصابها مسألة وقت فقط. - إمكانات الوزارة.. هل هي كافية لضمان الرقابة الفعالة عبر كافة التراب الوطني؟ لدينا أكثر من 8 آلاف مفتش في الميدان، بإمكانات محدودة نوعا ما، ولكن يتم العمل بكل هوادة من أجل حماية المستهلك والاقتصاد الوطني، ولدينا تقريبا عشرات المتفشيات الحدودية التي تقوم بمراقبة مطابقتها على مستوى الحدود، وكذلك الرقابة على مستوى الوحدات الإنتاجية، وأسواق الجملة والتجزئة، ولدينا مخابر تم تدعيمها بإمكانيات كبيرة، حتى تستطيع مراقبة مدى مطابقة مواصفات المنتوج.. سندعم أعوان الرقابة بالسيارات والامكانات المادية، لتسهيل مهامهم، بالرغم من نقص الإمكانات، يعمل الجميع بكل التزام ومهنية لحماية حقوق المستهلك وأمنه والاقتصاد الوطني، من كل العمليات غير المشروعة.