امتحان تقييم مكتسبات نهاية التّعليم الابتدائي جاهز أجمع ناشطون في مجال التربية، في تقييمهم لنتائج الفصل الأول، أنّها كانت مرضية للطور الابتدائي بفضل العودة لنظام التدريس العادي، واعتماد 20 ساعة تدريس بدل 10 ساعات في النظام الاستثنائي، وكانت حسنة بالنسبة للأولى متوسط مقارنة بالسنة الماضية، في حين لم يسجل أي تغيير في الثانوي. قال أمين وطني للاتحاد الوطني لأساتذة التعليم الابتدائي بلال تلمساني، إنّ الفصل الدراسي للموسم الحالي حمل عديد القرارات، والتي انعكست على سيرورة العمل اليومي للأستاذ والتلميذ معا، حيث سجّل الاتحاد الوطني لأساتذة التعليم الابتدائي عديد النقاط منها ما هو ايجابي وما هو سلبي. وأوضح المتحدّث، أنّ العودة للنظام العادي بعد تراجع وتيرة الوباء، حمل معطيات إيجابية تتمثل في العودة للدراسة اليومية للتلميذ، ولكن الفاعلين من شركاء وأولياء وأساتذة انتظروا أن يصاحب القرار بالحفاظ على المكتسبات كدمج عديد الدروس وتقليص في الحجم الساعي لأنّ الجميع متفق على ثقل البرنامج، خاصة مع إقرار لغة جديدة وهي اللغة الانجليزية. يرى الأستاذ، وقصد تحقيق نتائج أكبر بضرورة وضع إستراتيجية وآلية مناسبة توافق قدرات التلميذ والمحتوى التعليمي، موضّحا أنّ الأمر يحتاج إلى دراسة ووقت لمعالجة الاختلالات، خاصة مع عديد القرارات وتنوعها في قطاع التربية، لكن في المقابل يجب إقرار لجان وطنية تعمل على توافق القرارات الكبرى وانعكاساتها على التربية والتعليم. تقدّم في المنهاج الدّراسي عرف الفصل الدراسي الأول تقدّما جيدا في الدروس، وهذا راجع لمضاعفة الحجم الساعي مقارنة بجائحة كورونا، كذلك تخفيف ثقل المحفظة من خلال الكتب المدرسية الجديدة، لكن عدم توفير إدراج على المستوى الوطني صعّب من مأمورية الأستاذ في إنجاح الخطوة. وأشار المتحدث إلى القرارات الهامة التي اتخذت خلال الفصل الأول، والمتعلقة ببعث منصب مشرف تربية في الابتدائي، والذي سينعكس على أداء الأستاذ في القسم بعد تفرغه لمهامه البيداغوجية، ولكنه تحفظ على عدم تحديد مهام المشرفين. وعرّج الأستاذ على مسألة طرح القانون الأساسي الذي تأخر - على حد قوله - بسبب حساسية الموضوع وضرورة المشاورات للخروج بتوافق تربوي، لكن تحفظ على عدم الفصل بين معالجة المسار البيداغوجي والمسار الإداري، ممّا جعلهم يدخلون في جدلية تجاذب بين الشق البيداغوجي والإداري، بالرغم من توفر ظروف مناسبة للتوفيق بين الأصناف والأسلاك وتحقيق مساواة، خاصة مع الإمكانيات المادية والمعنوية من السلطات العليا في البلاد لترقية المدرسة عموما والأستاذ خصوصا. وبعد انقضاء فصل دراسي كامل، أكّد فاعلون في القطاع، أنّ تحدّيات الوزارة عديدة وهو قطاع حسّاس وعليه ضغط كبير، والضوء مسلط عليه إعلاميا وشعبيا نظرا للتفاعل اليومي بين المجتمع والقطاع عموما، حيث ثمّن هؤلاء جهود الوزارة الرامية لبعث توافق تربوي بين الفاعلين. تحسّن في المواد العلمية وتراجع في الأدبية اعتبر المختصّون في الشأن التربوي علامات تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي، مرضية في المواد العلمية الرياضيات والفيزياء والعلوم، حيث كانت أغلب النتائج أكثر من 10\20، في حين لوحظ تراجع كبير في المواد الأدبية، لكن بشكل يمكن تداركه خلال الفصلين القادمين. بالنسبة لمستوى التلاميذ، فقد أكد المختصون أنه لا يحدد في فصل واحد، وإنما الفصلين الأوليين من يحددان المستوى الحقيقي لكل متمدرس، موضحين أنه ورغم اكتظاظ الدروس والحجم الساعي واعتماد التقييم المستمر بالنسبة للتعليم الابتدائي، فإنّ النتائج كانت مرضية نسبيا، ماعدا قسم الثالثة الذي تأثّر بتراكم المواد التعليمية، خاصة مع إدراج اللغة الإنجليزية. الطّور الثاني أمام حجم ساعٍ مثقل أبان قرار العودة لنظام التدريس العادي عن العديد من النقائص التي يجب تداركها خلال الموسم الدراسي المقبل، وقال الأستاذ احمد شداد، أنّه بعد موسمين من التوقيت الاستثنائي بسبب جائحة كورونا، وبكل ما حمله هذا النظام المكيف من إيجابيات أو ربما سلبيات، وجد الوسط التربوي خاصة في الابتدائي نفسه أمام عودة غير متوقعة ومدروسة لنظام وصف بأنّه عادي، وعادت المدارس لتوقيتها المعتاد بعد تعود التلميذ على التمدرس بنصف حجم التعلمات وكثافتها وبوتيرة سريعة وبدون تدرج أو تخفيف. قال الأستاذ إنّ تلاميذ الطور الثاني مثلا يدرسون من الساعة الثامنة إلى الرابعة وربع مع ساعة و45 دقيقة بين الفترتين في الدوام الواحد كاستراحة، وهنا التلميذ لا يستطيع ضبط تركيزه مع كل هذا الإجهاد النفسي والجسدي، خاصة أنه تعود ولموسمين متتاليين على الدراسة يوما بعد يوم. وأوضح أيضا، أن عدم التدرج في إعادة إدماج التلميذ للنظام العادي سينعكس على تحصيله الدراسي، وسيترجم لنتائج غير مقبولة ربما مستقبلا، لذا يجب مراعاة الكثير من الأمور المتعلقة بإعادة النظر كليا بهذا الحجم الساعي، الذي سرق أوقات الراحة واللعب التي يحتاجها الطفل للتكيف مع الوسط المدرسي، وينمي فيها مهاراته ويغذي فيها روحه بممارسة هواياته وميوله الرياضية للعب. سير البرنامج بأريحية من جهتها، عضو بالمكتب الوطني لاتحاد الأساتذة، وداد بوزيان، أكّدت أنّ الفصل الأول للموسم الدراسي 2022 - 2023 شهد تغيّرات كثيرة، جعلته متميزا عن السنوات السابقة، والتي أثّرت على التحصيل العلمي إيجابا وسلبا ظهرت نتائجها عند نهاية هذا الفصل. وأضافت "أنّ العودة إلى نظام التدريس العادي بعد سنتين من نظام التفويج، وبحجم ساعي كبير كان بمثابة التحول الذي أرهق المتعلم والمعلم، وذلك نظرا لتعود التلاميذ على الدراسة لفترات اقصر بعد تقليص الحجم الساعي خلال نظام التفويج، والعودة فجأة الى نظام التمدرس العادي، وفي المقابل لا يمكن إنكار ايجابية العودة الى النظام العادي هو السير في البرامج بأريحية. أشارت الأستاذة إلى التحدي الجديد الذي سعت الوزارة لإنجاحه من أجل تخفيف محفظة التلميذ، وهو النسخة الإضافية من الكتاب المدرسي، ورغم ايجابياته كانت له بعض السلبيات من بينها تأخر توفيرها وانعدام الإدراج في معظم المدارس. أبرزت المتحدثة، أهمية الكتاب المدرسي الرقمي في تسهيل التواصل والعمل البيداغوجي للأستاذ والتلميذ الذي اعتاد التعامل به، كما سمح للأولياء بدعم أبنائهم من خلال الولوج إلى الرقمنة لإجراء مختلف الأنشطة اليومية للأبناء، زد على ذلك أنه قلل نسبيا من ثقل المحفظة المدرسية. ومع انقضاء فصل كامل حافل بالقرارات، تبين أن ضعف شبكة الانترنت أثر على الاستخدام الأمثل لهذا الكتاب، كما دعت إلى إعادة النظر في الحجم الساعي الثقيل لتمكين الأساتذة والتلاميذ الاستفادة من هكذا خطوات بتوفير وقت كاف حتى يستطيع الأستاذ والتلميذ الاطلاع والولوج للمواقع المخصصة، والعمل بها أكثر خلال الفصل الثاني، الذي يمتاز بكثرة الدروس. وعرجت المتحدثة إلى مسألة عدم تعيين المشرفين التربويين في أغلب المدارس، ما كان له أثر على السير الحسن على مستوى المدارس، زيادة على عدم وضوح مهامهم بصفة رسمية أحدث خللا في المهام غير البيداغوجية، مما زاد العبء على الأساتذة. التّقويم المستمر يثير المخاوف أثار قرار العودة إلى اعتماد التقويم المستمر في المواد الأساسية بالنسبة للتعليم الابتدائي مخاوف الأولياء، حيث أكد الأساتذة أن التقويم يخدم الفئة الممتازة التي تحصلت على معدل 9/10، ولا يخدم الفئة المتوسطة والضعيفة، لذلك وجد الأساتذة صعوبة كبيرة في ضبط معايير هذا التقويم. أبانت نتائج الفصل الأول بالنسبة لمرحلة التعليم الابتدائي تأثير التقويم المستمر على علامات المواد الأساسية الممثلة قي اللغة، الرياضيات والفرنسية، حيث خضع التلميذ خلال الفصل الأول إلى امتحان تقييم المهارات في القراءة، الإملاء، فهم المنطوق، التعبير الشفوي، الإملاء والمحفوظات، وتبين أن النتائج تأثرت اغلبها بامتحان تقييم المهارات. أما بالنسبة للتقويم المستمر للتعلمات في مادة اللغة الإنجليزية، التي تم إدراجها بنفس المرحلة لتلاميذ الثالثة لأول مرة، اعتمدت على ثلاثة عناصر أساسية القراءة، فهم المنطوق والتعبير الشفوي، على أن يتم إضافتها لمعدلات الفروض والاختبارات الفصلية، وذلك عند الشروع في إنجاز المعدلات السنوية العامة للتلاميذ، للانتقال من مستوى دراسي لآخر. امتحان تقييم المكتسبات يثير التّساؤل من جهة أخرى، أثارت تصريحات وزير التربية الوطنية الكثير من التساؤل سواء من طرف الأسرة التربوية التي استغربت اعتماد ثلاث فصول دراسية زائد امتحان تقييم المكتسبات في جميع المواد أو الأولياء، الذين كانوا يعتقدون أنه سيجرى في المواد الأساسية فقط. بدورهم استغرب الأساتذة، إجراء امتحان تقييم مكتسبات مرحلة التعليم الابتدائي لكل المواد اللغة العربية، التربية الإسلامية، اللّغة الأمازيغية، الرّياضيات، التربية العلمية والتكنولوجية، التاريخ، الجغرافيا، التربية المدنية واللغة الفرنسية، حيث وصفوا الأمر إرهاقا للتلميذ. في المقابل اعتبر وزير التربية الوطنية عبد الحكيم بلعابد، أنّ التخلي عن امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، واستبداله بامتحان آخر يهدف إلى تقييم مكتسبات هذه المرحلة، ولا يحتسب في الانتقال إلى مرحلة التعليم المتوسط، يندرج في إطار إصلاح منظومة التقييم، التقويم والتوجيه وإعادة النظر في تنظيم الامتحانات المدرسية الوطنية الواردة في مخطط عمل الحكومة المنبثق عن برنامج رئيس الجمهورية الذي أمر بإحداث إصلاحات جوهرية في قطاع التربية. بحاجة لإصلاحات أكثر من جهتها الخبيرة التربوية دالية بوشناق قالت في تصريح ل "الشعب"، أنه ورغم جملة الإصلاحات التي أقرتها وزارة التربية الوطنية للنهوض بالمدرسة، الا أنها ما زالت تعاني عديد النقائص التي أثرت على تحصيل التلاميذ، خاصة في الابتدائي الذي عرف تراجعا من حيث العلامات مقارنة بالسنة الماضية. وأوضحت المتحدثة، أنّ المدرسة بحاجة إلى إستراتيجية أنجع للرقي بها اكثر، خاصة ما يتعلق بالمناهج المكثفة ولا تتوافق مع قدرات التلميذ العقلية ولا بنيته الجسدية، ناهيك عن الحجم الساعي الذي أثقل كاهل التلميذ، خاصة في المتوسط والثانوي.