نحمد الله على تواجد الجيش الشعبي بالمنطقة.. لولا الجنود لكانت الخسائر اعظم.. قواتنا المسلحة لم تتوان في تقديم يد المساعدة لعائلاتنا فور وقوع الفياضانات.. نامل في بقاء عناصر الجيش الوطني الشعبي بالولاية الى غاية تسوية كامل الوضع، هي في الحقيقة بعض الشهدات التي لاقانا بها اهالي بني مزاب لدى تواجدنا على ضفاف وديان ولاية غرداية التي اخذت مياهها ترسم طريقها الى مجراها الطبيعي، بفضل المجهودات التي تبذلها فرق ومجموعات الجيش الى ساعات متاخرة من الليل، من اجل الاسراع في وتيرة تحرير الطرقات والتخلص من الاوحال، بالاضافة الى تامين المنطقة من كل محاولات السرقة اوالنهب وحتى السطو على ممتلكات الضحايا. وقصد الوقوف على مستجدات الوضع بغرداية، فضلا عن الاطلاع عن كثب على مهام القوات المسلحة التي لا زالت متواجدة بالمنطقة بعد ما يقارب اربيعن يوما من وقوع الكارثة، انتلقت يومية ''الشعب'' الى عين المكان، وحضرت عن قرب بعض العمليات المنوطة بعناصر الجيش الشعبي في اطار ما تقتضيه مهامه في حالة الكوارث، واقتربت من سكان الولاية الذين اكدوا ان الجيش الوطني الشعبي قد ادى واجبه على اكمل وجه في حين لا تزال بعض الترتيبات التي تستدعي تدخل الجهات المعنية لاستكالها. فبعد الدور الريادي الذي اداه الجيش الوطني الشعبي بتجند أفراده لمواجهة مخلفات فيضان باب الواد وزلزال بومرداس، كانت الفرصة سانحة ليبرهن مرة اخرى عن استعداده وجاهزيته للتدخل في كل حين وكلما اقتضى الامر، وحتى التدخل السريع في حالة الكوارث الطبيعية لانقاذ المواطنين ونجدة المستضعفين، الشيء الذي لمسه مؤخرا سكان ولاية غرداية اثر الفياضانات التي حلت بالمنطقة صبيحة اول ايام العيد المبارك، حيث سمح تدخل القوات العسكرية بمختلف فروعها بانقاذ 44 مواطنا، من بينهم اربع عائلات متكونة من 29 فردا كانوا في حالات خطرة بعد ان غمرتهم المياه وحاصرتهم الاوحال. فهذه المؤسسة الوطنية العتيدة ذات الدور البارز والإسهام السخي في تحقيق مناعة الوطن وازدهاره، والتي تعد دوما مدرسة للفداء والوفاء والانضباط تتربى فيها أجيال المستقبل على قيم الشرف والامتياز وحب الوطن، وفضلا عن مهامها التقليدية في الاضطلاع برسالة الدفاع عن حرية الوطن وصون سلامته الترابية وتوطيد مقومات الاستقلال والسيادة، أضحت اليوم في طليعة القوى الحية التي تعاضد جهود الدولة في البناء الحضاري الشامل وتساهم في تحسين ظروف المواطنين في انسجام مع اختيارات البلاد الرامية الى توظيف كل الإمكانات من اجل رفاهية الإنسان ورقيه مجسمة بذلك المقاربة الوطنية في ما يتعلق بالمفهوم الشامل للدفاع والأمن. وعلاوة على مهمته التقليدية المتمثلة في الدفاع عن استقلال الوطن وسيادته ومراقبة حدود البلاد وحماية حرية الشعب ومؤسسات الدولة، يتولى الجيش الوطني الشعبي تنفيذ مهام تكميلية توافقا مع متطلبات التنمية، كما تلعب القوات المسلحة دورا رياديا في إطار مجابهة الكوارث الطبيعية عبر ما تقوم به من تدخلات بفضل الوسائل اللوجستية والتجهيزات والمعدات التي تتوفر لديها تسهم في التخفيف من معاناة الضحايا ومحو آثار ومخلفات الكوارث. وحسب ما اوضحه المقدم مختار بن قديرة قائد المجموعة الولائية للدرك الوطني بولاية غرداية، باعتبار الدرك لبنة من فروع الجيش الوطني الشعبي، فان هذه التدخلات ذات الطابع الإنساني اثبثت أن دور الجيش الوطني لا يقتصر البتة على المهمات الدفاعية فحسب، بل يتعدى ذلك ليشمل تقديم خدمات اجتماعية متنوعة لفائدة المواطن، و تتجلى ابرز ادواره من هذه الناحية في المناطق الداخلية وفي المناطق المعزولة التي تفتقر الى بعض المرافق وخاصة في أوقات الأزمات والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل إذ يقدم المساعدات المختلفة من إسعاف وتموين وإيواء ويسهر على امن المواطن وطمأنينته. وفي هذا الصدد، كشف المتحدث انه فور وقوع الكارثة تم توجيه عناصر الكتائب و الفرق الاقليمية التابعة لاختصاص المجموعة الولائية الى مكان حدوث الفيضانات، بحيث بلغ عددهم صبيحة اول ايام العيد 420 دركيا حرصوا على تقديم يد المساعدة والعون، بالاضافة الى نجدة المواطنين المتواجدين في حالة الخطر وتامين عملية اجلائهم الى المستشفى. وفور اخطار القيادة الجهوية الرابعة للدرك الوطني بورقلة التي باشرت انشاء مركز قيادة متقدم، تم وضع مخطط خاص لتنظيم تدخلات وحداتها وتوزيع الإمدادات في الكارثة التي شهدتها عدة مناطق بولاية غرداية بناء على خريطة للأحياء المنكوبة حسب درجة تضررها، كما تم تدعيم التعداد الاصلي في اليوم الموالي ب 592 دركيا من فصائل البحث والتحري، سريات التدخل السريع، إضافة الى تجنيد فرق سينوتقنية وكلاب بوليسية مختصة في البحث البشري لانتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض، ليرتفع عدد عناصر السلاح الاخضر المتواجد بالمناطق المنكوبة الى 1012 دركيا. بحيث ارتكزت الخطوط العريضة لهذا المخطط على تقسيم ولاية غرداية الى تسعة مناطق منكوبة، تتمثل في حي الغابة وحي مسعود وحي بابا سعد ببلدية غرداية، الى جانب كل من بلديات العطف، ضاية بن ضحوة، القرارة ، متليلي، بريان، زلفانة، بونورة، وسبسب، ومن تم تحديد مهام الوحدات المكلفة بالانقاذ والاسعاف بمشاركة الحماية المدنية والكلاب البوليسية قصد إجلاء المواطنين المحاصرين في سكناتهم التي غمرتها المياه وإسعاف الجرحى والبحث عن المفقودين المتواجدين تحت الأنقاض مع ضمان المرافق وفتح الطريق، مما سمح بانتشال 22 جثة، 12 منها بمنطقة الغرارة و بحي بابا سعد، اضافة الى جثتين بضاية بن ضحوة واخريين بكل من حي الغابة والعطف.. وكانت القيادة الجهوية الرابعة للدرك قد استعانت بمروحيتين مباشرة بعد الكارثة لمعاينة الأحياء المتضررة ومحاولة تحديد منافذ التدخل من خلال تصوير المواقع المتضررة جدا، كما تم تجنيد عناصر الشرطة القضائية لمعاينة وضعية المتضررين، فيما تتكفل فصائل الأبحاث بالتحقيق في حالات المنكوبين، وبالموازاة مع ذلك، تم توزيع سرايا التدخل على مجموعات تتكفل بإسعاف العائلات المنكوبة ودوريات مترجلة منتشرة عبر الأحياء المتضررة لتأمينها من عمليات النهب والإعتداء والسرقة، حيث تم إعطاء تعليمات لجميع العناصر للتدخل في كل الأحياء بغض النظر عن اقليم الاختصاص. من جهة أخرى، حرص عناصر الدرك الوطني حسبما اشار اليه المقدم بن قديرة على ضرورة تكثيف الأبحاث عن المفقودين على خلفية أن السيول تسببت في انهيار سكنات عندما كان سكانها نياما ويكونون متواجدين تحت الأنقاض، مشيرا الى ان العملية شملت كذلك السيارات المتواجدة تحت الاوحال، بالنظر الى احتمال وجود عدد من السائقين ضمن تعداد المفقودين ويكونون قد حاولوا الفرار على متنها، إضافة الى تسهيل حركة المرور وتوجيه مستعملي الطرقات، خاصة على مستوى الطرقات المقطوعة. وكذا تأمين مراكز إيواء العائلات المنكوبة وأيضا محلات إيداع المؤونة. تجنيد 4 طائرات عسكرية لنقل الساعدات واستخدام مروحيات وبدوره، اوضح المقدم حاكم الشيخ المكلف بخلية الاتصال على مستوى القيادة الجهوية الرابعة ان ولاية غرداية تشهد حاليا تواجد 2500 عسكري من مختلف تشكيلات الجيش، مشيرا الى ان القيادة قد جندت أفرادها مباشرة بعد الكارثة الى جانب مروحيات لمسح المناطق المنكوبة وتوجيه التدخلات، وقامت بإنقاذ منكوبين وإجلاء جرحى منهم أطفال كانوا قد تحصنوا بأسطح منازلهم التي غمرتها المياه ونقلتهم الى مناطق آمنة وحولت آخرين الى مراكز استشفائية. كما عمل عناصر الجيش بالتنسيق مع مصالح الولاية فيما يتعلق بالمساعدات، وعملية تحويلها الى مقر وحدة الحماية المدنية لجردها منها خيم، حيث تم ضبط شروط لتوزيعها على المنكوبين الحقيقيين وقطع الطريق أمام انتهازيي المأساة الذين قد يستغلون هذه الظروف للتغلغل وسط المنكوبين بهدف الاستفادة لاحقا من سكن. واضاف المكلف بالاتصال ان قيادة الجيش جندت أيضا 4 طائرات عسكرية لنقل أطنان من المواد الغذائية وأغطية وخيم وقارورات المياه المعدنية بعد النصح بعدم استهلاك مياه الحنفيات للوقاية من انتشار الأوبئة، وفضلا عن ذلك، فقد تدخل الجيش واستخدم مروحيات لإجلاء الضحايا وإنقاذ المنكوبين بعد ارتفاع مستوى المياه الناجمة عن غزارة الأمطار الذي بلغ 8 أمتار، مما أدى إلى فيضان الأودية المحيطة بوادي مزاب وجرف العديد من البساتين والحقول والتسبب في خسائر مادية. كما تم إنشاء مركز متقدم للجيش بمنطقة ''الغابة'' المنكوبة الواقعة بطريق ضاية بن ضحوة لتأمين المكان وتسهيل التدخلات في ظل تسجيل طمر عدة سكنات وانهيار مساكن بأكملها بعد زحف السيول عليها. وحسبما أشار إليه المقدم حاكم الشيخ، فقد تم إرسال ما يزيد عن 200 الة من الناحية العسكرية الأولى (البليدة) لتعزيز الوسائل التي سبق وأن سخرتها الناحية العسكرية الرابعة، مذكرا ان الجيش الشعبي الوطني قد سخر مخبزتين متنقليتن بقدرة انتاج 2500 خبزة يوميا، واللتان سمحتا بتوفير ما يزيد عن 62 الف و600 خبزة لفائدة العائلات المنكوبة والمتضررة من الفيضان، وهي الخطوة التي لقت استحسان سكان المنطقة خاصة بعد تلف اطنان من المواد الغذائية. ------------------------------------------------------------------------