الظاهرة دخيلة على المجتمع.. وسنتصدّى لهذه الجريمة بكل قوة قال وزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي، إن سن قانون خاص بتجريم الاتجار بالبشر، غرضه تكيف البلاد مع الالتزامات الدولية وتجميع كل أشكال هذا الإجرام في نص تشريعي واحد، موضحا بأنه يتضمن عقوبات صارمة تصل إلى المؤبد. قدم الوزير طبي، أمس، مشروع القانون المتعلق بالوقاية من الاتجار بالبشر ومكافحته، أمام لجنة الشؤون القانونية بالمجلس الشعبي الوطني، تمهيدا لعرضه على النواب للنقاش والمصادقة. وأوضح الوزير، في تدخله، الظاهرة «دخيلة على المجتمع الجزائري وبات من أخطر الجرائم التي عرفتها الإنسانية، بالنظر لآثارها السلبية على حياة الأشخاص وحريتهم وأمنهم»، مشيرا إلى أن «النساء والأطفال يشكلون الفئة الأكثر تضررا، ولهذا أولاها دستور 2020 عناية خاصة، ونص في المادة 39 منه على أن القانون يعاقب عليها». وفي السياق، أبرز الوزير دواعي سن قانون خاص لتجريم الاتجار بالبشر ومكافحتها، بما أن قانون العقوبات الجزائري الحالي يعاقب عليها، وقال: «نظرا لخطورة الظاهرة وتفاقمها وتحولها إلى جريمة منظمة عابرة للحدود جعل المجتمع الدولي يطالب بسن تشريع خاص بها». وأضاف: « لهذا جاء هذا المشروع بهدف تكيف بلادنا مع الالتزامات الدولية وتجميع كل أشكال هذا الإجرام في نص قانون واحد بالإضافة إلى تعزيز آليات حماية ومساعدة الضحايا». ومن أهم ما تضمنه النص الجديد، تكريس «المتابعة التلقائية» دون حاجة لتقديم الشكوى، وذلك في إطار القواعد الإجرائية المتعلقة بمعاينة جرائم الاتجار بالبشر والتحري والتحقيق والمحاكمة. ويمنح للقضاء الجزائري اختصاص النظر في الجرائم المرتكبة خارج الإقليم الوطني «متى كان الضحية جزائريا أو أجنبيا مقيما بالجزائر أو كان مرتكب الجريمة جزائريا». ويقر أيضا بعض التدابير القضائية والأمنية الرامية لحماية الضحايا والشهود والمبلغين «مع الترخيص للضحية الأجنبي بالبقاء في الجزائر إلى غاية انتهاء الإجراءات القضائية». ومن أهم الإجراءات التي يحملها نص المشروع، حسب وزير العدل، استحداث ما يسمى «إجراء التسرب الإلكتروني، كإجراء خاص للتحري والتحقيق يمكن من خلاله لضابط الشرطة القضائية بموجب إذن قضائي أن يلج إلى كل منظومة معلوماتية أو أي نظام اتصال الكتروني آخر بهدف مراقبة المشتبه فيهم عن طريق إيهامهم بأنه فاعل أو شريك معهم». ويمكن لضابط الشرطة القضائية أن يقوم كذلك بموجب إذن قضائي بتحديد الموقع الجغرافي للضحية أو المشتبه فيه أو المتهم أو كل وسيلة استعملت في ارتكاب الجريمة، وذلك في إطار اعتماد التكنولوجيات الحديثة لمجابهة هذه الجريمة، يؤكد الوزير. ويعزز النص ثقافة التبليغ أو الإخطار، من خلال السماح بإجراء التفتيش من ساعات النهار أو الليل ويمنح الحق الجمعيات الوطنية أو الهيئات الناشطة في مجال حماية حقوق الإنسان والطفولة والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة الحق في إيداع شكوى أمام الجهات القضائية المختصة والتأسس كطرف مدني. وفيما يتعلق بالأحكام الجزائية، شدد طبي على أن مشروع القانون يجرم جميع أشكال الاتجار بالبشر ويقر لها عقوبات تتماشى مع خطورة الفعل المرتكب « والتي تصل إلى عقوبة السجن المؤبد في حالة توفر الظروف المشددة كتعرض الضحية لتعذيب أو عنف جنسي أو عاهة مستديمة». وتشدد العقوبة عندما ترتكب الجريمة في إطار جماعة إجرامية منظمة أو عندما تكون ذات طابع عابر للحدود أو حصلت بسبب نزاع مسلح. ويضيف الوزير بأن أثر التجريم يمتد ليطال حتى المستفيدين من الخدمات والمنافع التي يقدمها الضحايا. في المقابل يخضع مرتكبو هذه الجرائم - بموجب مشروع القانون - بعد استنفاذ عقوبتهم إلى تدابير أخرى مثل «المراقبة الالكترونية ومنع الأجنبي المدان من الإقامة بالجزائر لمدة قد تصل 10 سنوات». وأفاد وزير العدل، بأن المشروع يعتبر الأشخاص الذين يتم استغلالهم في إطار جرائم الاتجار بالبشر ضحايا ويستفيدون من الحماية ولا يتعرضون للمساءلة «تطبيقا للآليات الدولية وعملا بالتوجه العالمي». ويكرس مشروع القانون، التعاون الدولي من خلال تبادل المعلومات والمساعدة في التحريات وتنفيذ الإنابات القضائية، وفق مبدإ المعاملة بالمثل، كما يقر إشراك المجتمع المدني في إعداد الإستراتيجية الوطنية للوقاية والتحسيس من الظاهرة.