دعم مطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرّف أعادت الجزائر الجديدة بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الزخم والاعتبار للقضية الفلسطينية، القضية المحورية للعرب والمسلمين وكل المدافعين عن حقوق الإنسان جميعا، وتصدرت الاهتمامات الدولية من جديد، من خلال إعادة مركزية القضية، وكانت أولى الخطوات نجاحها في لم الشمل بتوقيع الفصائل الفلسطينية على «إعلان الجزائر» للمصالحة الوطنية، أياما قليلة قبل انعقاد القمة العربية في الجزائر والتي أعطت نفسا جديدا للدفاع عن الشعب الفلسطيني وحماية المقدسات الدينية وأحقية المقاومة الفلسطينية، أمام ممارسات وجرائم الاحتلال الصهيوني في كافة الأراضي الفلسطينية؛ مسار كلل أيضا بتوصيات وقرارات هامة حول القضية بعد مؤتمر الجزائر لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. بشهادة العرب والمسلمين المشاركين في الحدثين الهامين اللذين احتضنتهما الجزائر في أقل من ثلاثة أشهر، فإن الجزائر أعادت القضية الفلسطينية الى مكانتها الطبيعية بين العرب والمسلمين، بخطوات ملموسة، بدأت بخطوة عملاقة، وهي «إعلان الجزائر» الذي تم توقيعه من قبل الفصائل الفلسطينية أكتوبر 2022، والمنبثق عن «مؤتمر لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية»، والذي لقي ترحيبا دوليا، حيث تم التأكيد على أن هذه الخطوة إيجابية في طريق الوحدة الوطنية بين الفصائل الفلسطينية. وترسيخ المشروع الوطني لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية». قمة نوفمبر.. توحيد جهود العرب هذه الخطوة التي كانت محل ثناء وشكر ومساندة، تم التوافق عليها من قبل القادة والزعماء العرب المجتمعين بالجزائر خلال القمة العربية التي انعقدت خلال نوفمبر 2022، وتوج اللقاء بوثيقة «إعلان الجزائر»، التي أكدت «على مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في الحرية وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948. كما تم التأكيد خلال وثيقة إعلان الجزائر الصادرة نوفمبر 2022، على «التمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها وأولوياتها، والتزامنا بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي لإنهاء الاحتلال الصهيوني لكافة الأراضي العربية، فضلا عن التشديد على ضرورة مواصلة الجهود والمساعي الرامية لحماية مدينة القدسالمحتلة ومقدساتها، والدفاع عنها في وجه محاولات الاحتلال المرفوضة والمدانة لتغيير ديمغرافيتها وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها، بما في ذلك عبر دعم الوصاية الهاشمية التاريخية لحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية وإدارة أوقاف القدس وشؤون الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية الأردنية بصفتها صاحبة الصلاحية الحصرية وكذا دور لجنة القدس وبيت مال القدس في الدفاع عن مدينة القدس ودعم صمود أهلها». وجاء في مشروع إعلان الجزائر أيضا، ضرورة «رفع حصار الكيان الصهيوني عن قطاع غزة وإدانة استخدام القوة من قبل السلطة القائمة بالاحتلال ضد الفلسطينيين، وجميع الممارسات الهمجية بما فيها الاغتيالات والاعتقالات التعسفية والمطالبة بالإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين، خاصة الأطفال والنساء والمرضى وكبار السن». وحملت ذات الوثيقة الترحيب بتوقيع الأشقاء الفلسطينيين على «إعلان الجزائر» المنبثق عن «مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية»، المنعقد بالجزائر بتاريخ 11-13 أكتوبر 2022، مع التأكيد على ضرورة توحيد جهود الدول العربية للتسريع في تحقيق هذا الهدف النبيل، لاسيما عبر مرافقة الأشقاء الفلسطينيين نحو تجسيد الخطوات المتفق عليها ضمن الإعلان المشار إليه. تكريس العضوية الكاملة لفلسطين هذه الخطوات الصادرة عن إعلان الجزائر خلال القمة العربية الماضية، تدعمت كذلك «بإعلان الجزائر» المعلن عنه في اختتام الدورة السابعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، المنعقد أواخر شهر جانفي 2023، حيث تم التأكيد مجددا على الدعم الثابت للقضية الفلسطينية وحماية القدس وعلى دعمنا للشعب الفلسطيني في سعيه لنيل حقوقه المشروعة وغير القابلة للتصرف وحقه في تقرير المصير وفي حق العودة لأراضيه، كما تمت دعوة المجتمع الدولي، لاسيما مجلس الأمن للأمم المتحدة، إلى تحمل مسؤولياته كاملة والتحرك العاجل قصد ضمان الحماية اللازمة للمدنيين الفلسطينيين وصون حقوقهم وحرياتهم الأساسية وكذا حماية أماكنهم المقدسة وفق القانون الدولي وميثاق الأممالمتحدة. في ذات السياق، شدد مشروع إعلان الجزائر على دعوة «الفصائل الفلسطينية إلى احترام إعلان الجزائر ومواصلة جهودها وتعزيزها قصد التصدي معا لسياسات الكيان الصهيوني وممارساته غير المشروعة، لاسيما الانتهاكات التي تطال حرمة المسجد الأقصى والعنف الممارس ضد المصلين العزل، والوقف الفوري لجميع انتهاكات الكيان الصهيوني للقانون الدولي، لاسيما رفع الحصار المفروض على قطاع غزة وكل النشاطات الاستيطانية ووضع حد للقمع المستمر الممارس ضد المدنيين الفلسطينيين». أما الخطوة الجديدة، فهي «دعم مطلب فلسطين للحصول على صفة دولة كاملة العضوية في هيئة الأممالمتحدة، قصد الوصول إلى حل الدولتين طبقا لقواعد ومبادئ القانون الدولي، فضلا عن تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار يدعو محكمة العدل الدولية لإبداء رأي استشاري بشأن الاحتلال الصهيوني. فيما تمخض عن المؤتمر البرلمانات الإسلامية، توصيات تم الترحيب من خلالها بإعلان الجزائر من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، ومطالبة منظمة الأممالمتحدة بتوفير الحماية الكاملة للشعب الفلسطيني الأعزل، والدعوة لتوجه فلسطين لنيل العضوية الكاملة في الأممالمتحدة.