لم تكن سنة 2012 مملوءة بالانجازات بالنسبة للرياضة الجزائرية، بالرغم من الطموحات الكبيرة التي أعرب عنها المعنيون قبل انطلاق المنافسات، خاصة أنّها كانت سنة أولمبية. وكان وزير الشباب والرياضة السيد محمد تهمي قد أكّد خلال تنصيبه للجنة تجديد الاتحاديات الرياضية موخرا أنّ “العهدة الأولمبية الأخيرة كانت كارثية من حيث النتائج، رغم الميدالية الأولمبية التي أحرزها العدّاء توفيق مخلوفي، التي لابد أن لا تكون الشجرة التي تغطي الغابة".وهذا التصريح يعطي صورة حقيقية لما سجّل خلال السنوات الأخيرة، لاسيما العام الحالي الذي سينتهي بعد أيام قليلة فقط، أين لم يتألّق خلاله رياضيون كثيرون في مختلف التخصصات...حتى أنّ سبر الآراء لأحسن الرياضيين لم يعرف “تدافع" كبير عن المراتب الأولى، وهذا ما لاحظناه أثناء قيامنا بجرد لأحسن المواعيد التي كانت الرياضة الجزائرية حاضرة بقوة. الخلافات داخل الاتحاديات أثّرت على النتائج ورغم ذلك، فإنّنا نتّفق على أنّ الميدالية الأولمبية التي حقّقها توفيق مخلوفي في ال 1500 م بألعاب لندن كانت إنجازا استثنائيا ومميزا بشكل كبير، حيث أعاد السيطرة الجزائرية على هذا الاختصاص على المستوى العالمي، وسار على خطى كل من بوالمرقة، مرسلي وبنيدة مراح، بعد سباق تاريخي في عاصمة الضباب. والشيء الذي زاد من “روعة" الانجاز هو أن ّمخلوفي لم يكن مرشّحا لكسب الذهب قبل الألعاب الأولمبية، أين كانت الأضواء مسلّطة على رياضيين آخرين، لاسيما في الوفد الجزائري، ليخرج مخلوفي إلى العالم بإمكانيات كبيرة أذهلت الجميع، في حين أنّ بقية النتائج في ألعاب لندن بقيت دون المستوى. وعاد الوفد الجزائري بميدالية وحيدة، بعد الإخفاق الكبير للجيدو والملاكمة...هذه الرياضات التي كانت في الماضي القريب من أحسن ممثلين للرياضة الجزائرية في المحافل الدولية، سواء بطولات العالم أو الألعاب الأولمبية. وبدون شك الخلافات الكبيرة التي حدثت في الاتحاديات المختلفة كان لها الأثر السلبي على تحضيرات الرياضيين والتركيز على الجانب الرياضي بالنسبة للتقنيين، فالعديد من الاتحاديات عرفت خلافات بين أعضاء مكتبها، ناهيك عن اللجنة الأولمبية الجزائرية التي عاشت اضطرابات قبل الأولمبياد ممّا انعكس بدون أدنى شك على هذه الحصيلة غير المقنعة تماما بالنسبة للملاحظين والمتتبعين. «الخضر"...إنجاز استثنائي وكان لكرة القدم الاستثناء بالنسبة للفريق الوطني للأكابر، الذي حقّق نتائج كبيرة تحت قيادة المدرب هاليلوزيتش، الذي تمكّن من إعطاء أرضية صلبة ل “لخضر" الذين حققوا قفزة نوعية تاريخية في ترتيب الفيفا، حيث أنهت الجزائر الترتيب الأخير لهذا العام في المرتبة ال 19،أي ضمن الأحسن فرق عالميا في المراتب ال 20 الأولى. هذا الترتيب كانت له تأثيرات إيجابية من الناحية المعنوية، أين تمكّن الفريق الوطني من التأهل إلى الدورة النهائية لكأس إفريقيا للأمم المقررة في جانفي القادم في جنوب إفريقيا، وهذا بعد فوزه في مناسبتين على نظيره الليبي بالنتيجة والأداء. والنجاح الكبير الذي عرفه الفريق الوطني هو تجديد التشكيلة بشكل كبير، أين أعطى هاليلوزيتش الفرصة للاعبين “جدد" أعطوا الاضافة الحقيقية على غرار سليماني، بلكالام وسوداني، حيث أنّ القائمة الموسّعة سمحت للطاقم الفني الحصول على اختيارات كبيرة، عكس ما كان في الماضي أين يجد المدرب الوطني صعوبات كبيرة لتشكيل ال 18 لاعبا عندما تتلاحق الاصابات والعقوبات، فهذه الخطة أعطت ارتياحا كبيرا لهاليلوزيتش الذي شكّل القائمة المعنية بكأس إفريقيا في وقت قياسي بعيد عن التاريخ الذي حدّدته الكونفدرالية الافريقية لكرة القدم. بطولة بعيدة عن الاحترافية وإذا كان فريق الأكابر قد حقّق نتائج باهرة، فإن الفئات الصغرى لم تسر على نفس الدرب، ومازال الاخفاق عنوانها في كل المناسبات، حيث لم يتمكّن الفريق الوطني لأقل من 17 سنة التأهل إلى كأس إفريقيا القادمة، وأقصي من طرف منتخب بوتسوانا، ناهيك عن تضييع الفريق الوطني لأقل من 23 سنة تأشيرة المشاركة في الألعاب الأولمبية رغم الامكانيات الكبيرة التي وفّرت له، ليبقى موضوع التكوين يتصدّر عناوين هذا الاخفاق المتتالي. في حين أنّ الأندية تواصل البحث عن العصافير النادرة في ظل العام الثالث للاحتراف، الذي وصفه اختصاصيون بأنّه انحراف، حيث مازلنا بعيدين عن مبادئ هذا التنظيم، أين نلاحظ مشاكل مالية كبيرة للأندية والتي تخلّت عن تكوين اللاعبين وتجري وراء “النجوم" في الوقت الذي يبقى مستوى الأداء بعيد عن الطموحات، والشيء الذي يغذّي يوميات الأندية هو “الميركاتو"، أو تغيير المدربين، هذه النقطة الأخيرة أصبحت فعلا اختصاص جزائري بالنظر للعدد الكبير من المدربين الذين تداولوا على الأندية في هذا العام. كرة اليد...وضعية مؤسفة ومن جهة أخرى، تبقى رياضة كرة اليد تصنع الحدث، رغم أنّ المنتخب الوطني يحضّر حاليا للمشاركة في بطولة العالم بعد أن تألّق في كأس إفريقيا في بداية العام الحالي، فإنّ البطولة الوطنية لم تجر وهي في توقف منذ عدة أشهر بسبب الخلافات التي نشبت بين الاتحادية والأندية وأثّرت كثيرا على سمعة الكرة الصغيرة الجزائرية، وهذه صفحة سوداء لهذه الرياضة التي كانت مثالا يقتدى به في الماضي القريب. وبالتالي، فإنّ مهمة بوشكريو ستكون صعبة للغاية في المونديال القادم، لإعادة التركيز للاعبين أمام عمالقة هذه الرياضة في العالم.