بعد الهجرة الجماعية لنجوم “النسر السطايفي" الذين صنعوا أفراح أصحاب اللونين الأبيض والأسود على مدار السنوات الأخيرة في البطولة وكأس الجمهورية وكأس الأندية العربية ورابطة الأبطال الإفريقية في صائفة 2011 نحو فريق اتحاد العاصمة، وغيرهم من الفرق التي انتدبت أحسن اللاعبين في الرابطة المحترفة الأولى آنذاك، توقّع كل المهتمين بشؤون كرة القدم في الجزائر أن فريق وفاق سطيف في نهاية عهدة، وسيلعب موسم (2011 2012) من أجل الحفاظ على البقاء بعد ذهاب الكوادر وجلب لاعبين جدد من الأقسام الدنيا وكان لهم كلام آخر. مفاجأة السنة 2012 في كرة القدم الجزائرية صنعها لاعبو الوفاق السطايفي، بعدما رفعوا التحدي وأصبحوا حديث العام والخاص حين تمكّنوا من جلب الثنائية بعد 44 سنة من تحقيق نفس الإنجاز بلاعبين معظمهم نكرة. ورغم أنّ انطلاقتهم في ثاني بطولة احترافية كانت سيئة، وهو ما فند أقاويل وسائل الإعلام في البداية، وولّد لديهم نوعا من الضغط في بداية المشوار متذبذبة، والتي فاز فيها الوفاق بثلاثة أهداف لهدفين أمام نصر حسين داي في أول لقاء، بعدها تلتها ثلاث هزائم ضد كل من مولودية الجزائر وشبيبة بجاية واتحاد الحراش، ليعود أبناء عين الفوارة إلى أجواء الانتصارات في الجولة الخامسة أمام جمعية الشلف، وكان هذا الفوز بمثابة الانطلاقة الفعلية للآلة السطايفية في البطولة، أين تعاقبت الإنتصارات والتعادلات إلى غاية الجولة الرابعة عشر ما قبل الأخيرة من مرحلة الذهاب، حين انهزم رفقاء القائد دلهوم في داربي الشرق أمام شباب قسنطينة بملعب الشهيد حملاوي بثلاثة أهداف لهدفين، ورغم ذلك خطف أبناء سطيف العالي لقب البطل الشتوي بفوزه على اتحاد العاصمة بثلاثة أهداف لهدفين. مرحلة العودة لم تكن محفوفة بالانتصارات ، وبدأت بفوز على النصرية ليدخل النسر الساطيفي بعدها في دوامة من النتائج السلبية ابتداء من الجولة السابعة عشر أمام مولودية الجزائر إلى غاية الجولة الواحدة والعشرين والثانية والعشرين أمام جمعية الخروب ومولودية العلمة، لكن الوفاق لم يتمكن من السيطرة الكلية على أطوار الجولات وعاد أبناء المدرب “آلان غيغر" إلى التعثر داخل الديار وخارجه ضد شباب بلوزداد وشباب باتنة ومولودية وهران، لكن رفقاء صخرة دفاع الوفاق فاروق بلقايد عقدوا العزم لجلب اللقب الخامس وفازوا في ثلاثة لقاءات متتالية أمام كل من شبيبة القبائل، مولودية سعيدة وشباب قسنطينة، وتوّجوا بالطبعة الثانية من الرابطة المحترفة الأولى قبل نهاية البطولة بجولة واحدة بعد تعثر منافسهم المباشر شبيبة بجاية في العديد من المباريات واتحاد العاصمة الذين ضيّعوا التتويج، ورغم انهزام الوفاق في اللقاء الأخير من البطولة أمام ملاحقه المباشر اتحاد العاصمة بهدفين لصفر، وفوز شبيبة بجاية بهدفين لهدف أمام العائد للقسم الثاني مولودية سعيدة إلاّ أنّ الوفاق فعلها وبفارق الأهداف. عزيمة أبناء المدرب السويسري “آلان غيغر" الذي صنع الكثير وبنى فريقا مكتملا، سيّروا منافسة كأس الجمهورية بإحكام بداية بالفوز على فريق مولودية وهران بملعب زبانة بوهران بهدفين لهدف، بعدها في الدور السادس عشر تأهّل الوفاق على حساب اتحاد تبسة في مباراة طغى عليها اللونين الأبيض والأسود و فاز فيها أبناء عين الفوارة بثنائية نظيفة من إمضاء الثنائي جابو وبن موسى. الدور الثمن النهائي جاء مغايرا للدورين السابقين، حيث ميّزه استقبال الوفاق لضيفه شبيبة الساورة فوق أرضه وأمام جمهوره، وتمكّن من الفوز عليه بنتيجة أربعة أهداف لهدفين، الدور الربع نهائي جاء في صالح محمد لمين عودية ورفقائه الذين واجهوا شباب عين وسارة وفازوا عليهم بثلاثة أهداف لواحد من إمضاء اللاعب الحالي للنادي الإفريقي جابو والقائد دلهوم. عزيمة السطايفية في جلب الثنائية ازدادت بعد مرورهم إلى النصف النهائي، لكن هذه المرة كان أمام فريق اتحاد الحراش الذي يلعب كرة قدم جميلة، وتمكّن من الفوز عليه بثلاثة أهداف لهدفين رغم الضجة الإعلامية الكبيرة التي وقعت بعد تأهل سطيف بعد احتساب ضربة جزاء اعتبرها أهل الاختصاص خيالية عدّلت النتيجة على إثرها، والهدف الثاني الذي كانت تظهر فيه وضعية تسلل. وما زاد الطين بلة طرد ابن مدينة وهران وهداف الصفراء بغداد بونجاح مع انطلاق المرحلة الثانية. المواجهة النهائية في ملعب 5 جويلية كانت بين النسر الأسود وأبناء لعقيبة في حوار تكتيكي كبير بين “غيغر وجمال مناد" في نهائي كبير بحضور الرجل الأول الساهر على كرة القدم العالمية رئيس الاتحادية الدولية لكرة القدم (الفيفا ) جوزيف بلاتير، والتي انتهت بفوز وفاق سطيف باللقب الثامن منذ تأسيس الفريق بعد 44 سنة عن آخر كأس جلبتها عناصر الوفاق، حيث يعود آخر إنجاز مماثل إلى سنة 1968. ومن الصدف أن يكون تتويج الوفاق بالكأس والبطولة منذ 44 سنة وبنفس الطريقة، بتوجه الفريقين في نهائي الكأس إلى الوقت الإضافي أين سجل الهدف الثاني وفاز باللقاء بنتيجة (2 1) أمام شباب بلوزداد، وقبلها سنة 1968 أمام نصر حسين داي بنفس السيناريو بنتيجة (3 2)، وكان تتويج الوفاق بالبطولة سنة 1968 و2012 في المركز الأول وبفارق النقاط. فهل سيتمكّن وفاق سطيف من الحفاظ على لقبيه هذا الموسم، وهو الذي يحقق نتائج إيجابية منذ انطلاق البطولة وبتعداد ثري مقارنة بالموسم الماضي؟