قرار الجزائر تعزيز للتكافؤ والتضامن بين دول القارة قرر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تخصيص مليار دولار أمريكي لفائدة الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، موجهة لتمويل مشاريع تنموية في الدول الإفريقية. وتأتي الخطوة، التي تزامنت مع القمة 36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، بحسب ما جاء في كلمة الرئيس، قناعة من الجزائر بارتباط الأمن والاستقرار في إفريقيا بالتنمية، ومن أجل التضامن والتنمية لتمويل مشاريع تنموية في الدول الإفريقية، لاسيما منها تلك التي تكتسي طابعا اندماجيا أو تلك التي من شأنها المساهمة في دفع عجلة التنمية في القارة. يرى الدكتور بشير شايب، أستاذ العلوم السياسية ومدير تحرير المجلة الأفريقية للعلوم السياسية، في تصريح ل «الشعب»، أن قرار الرئيس تبون بتخصيص مليار دولار لدعم المشاريع التنموية في البلدان الإفريقية، سيعزز التكافؤ والتضامن بين الدول الإفريقية على المستوى السياسي، ويساهم في إطلاق ديناميكية تنموية في البلدان المعنية بمثل هذه الاستثمارات، خاصة وأن معظم دول القارة متعثرة تنموياً وتعاني نقصا في مشاريع البنى التحتية سواء في الفلاحة، الأشغال العمومية والصحة أو التعليم والقواعد المنجمية والطاقوية والمائية، والتي ستنعكس (الديناميكية) على التنمية في إفريقيا، ضمن منظور الاتحاد الإفريقي لسنة 2063. كما ستسد هذه المبادرة كذلك، الطريق أمام التدخلات الأجنبية في الشأن الإفريقي، خصوصاً من جانب الكيان الصهيوني، الذي يستغل الوضع المتردي لعديد الدول الإفريقية وحالة الفقر في مختلف المناطق الهشة في القارة، للتدخل تحت عباءات استثمارية ولكن الأهداف تبقى سياسية، على رأسها الحصول على اعتراف بتكريس احتلاله للأراضي العربية الفلسطينية. ويفيد المتحدث، أن هناك تكتلات اقتصادية مختلفة في إفريقيا ويمكن اتخاذها كحاملة لبعض المشاريع التنموية. ويمكن للجزائر أن تبادر من خلالها بمشاريع اقتصادية مشتركة على المديين المتوسط والبعيد. ورغم معانات بعضها من انتكاسات أو مشاكل، إلاّ أنها تبقى فضاءً للتعاون المفتوح، مثل اتحاد المغرب العربي الذي توقف عن النشاط الفعلي بسبب تعنّت النظام المغربي وتحالفه مع الصهاينة، والمجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا (إكواس) والمجموعة الاقتصادية لوسط إفريقيا، ومجموعة الساحل والصحراء ومبادرة الوكالة التنموية للاتحاد الإفريقي (نيباد)، ومبادرة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (ايغاد)، وتجمع دول شرق إفريقيا وجنوبها. من جهته، يعتبر عبد السميع أحمد، وهو صحفي تشادي متابع للشأن الإفريقي، في تصريح لجريدة «الشعب»، أن تخصيص الرئيس عبد المجيد تبون لمليار دولار من أجل دعم المشاريع التنموية في البلدان الإفريقية، هو خطوة كبيرة ودليل على قناعة الجزائر بالعلاقة الوطيدة بين الأمن والاستقرار والتنمية في القارة، وهذا الترابط يتطلب تضافر الجهود وإرادة سياسية وضخ الأموال، وهو ما قامت به الجزائر، لتكون بذلك خير مثال يحتذى به كدولة مؤسسة للاتحاد الإفريقي وعضو فاعل فيه. ويؤكد المتحدث، أن الجزائر تسعى جاهدة منذ عقود لدفع عجلة التنمية في القارة السمراء، ولقد تعددت مبادراتها السابقة في هذا المسعى، وهي لا تقل أهمية عن قرار تمويل المشاريع التنموية الأخير، مثل شطب ديون عدد من الدول الإفريقية، وإطلاق مشروع الطريق العابر للصحراء، وحث الدول على حل مشاكلها داخل البيت الإفريقي، والتصدي لكل التوغلات والتدخلات التي تقوم بها بعض القوى تحقيقاً لمآرب ومرامي سياسية وجيو استراتيجية التي لا تخدم القارة، وكلها خطوات تساهم في تعزيز التعاون البيني وتجعل من الجزائر المرتكز الأساسي لأي عملية اندماج وإنعاش للسوق الإفريقية. ويؤكد عبد السميع أحمد، أن قرار الرئيس تبون، لاقى ترحاباً كبيراً داخل أروقة الاتحاد الإفريقي، خلال القمة 36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، وخصوصاً من مسؤولي الاتحاد، الذين حثوا بقية الدول على سلك نفس النهج الجزائري، حتى يتمكن الاتحاد من تعميم مثل هذه المبادرات والاستفادة منها في إنعاش الاقتصادات الإفريقية وتنشيط التنمية. ويوضح ذات المتحدث، أن أفريقيا لا تنقصها الموارد، بقدر ما تنقصها الإرادة السياسية والعمل المشترك، إذ أن لدى العديد من الدول الإمكانات المادية، والمؤسسات التعاونية، مشابهة للوكالة الجزائرية للتعاون الدولي، لكن من دون أن تُسمع لها أية خطوات مماثلة. فيما قامت بعض الدول بمبادرات، لكنها تظل إسهامات بسيطة لا ترقى إلى المستوى المطلوب، ناهيك عن تقاعس بعض الدول في دفع الاشتراكات المفروضة عليها في الاتحاد الإفريقي، وعليه لابد على بقية بلدان القارة أن تحذو حذو الجزائر في سبيل النهوض بها على مختلف الأصعدة. ويعتبر الصحفي التشادي أن ما قامت به الجزائر من خلال هذا الدعم، هو جرأة سياسية من الدولة الجزائرية، ورسالة لبعض دول الاتحاد الإفريقي التي لديها الإمكانات، مفادها أنه يجب التحرك فعلياً وميدانيا، فالمرحلة التي تعيشها إفريقيا لا تتطلب بوادر حسن النية، بقدر التدخل والإسهام الفعلي في تنفيذ وتحقيق المشاريع الكبرى المسطرة على مستوى الاتحاد، وهو ما يمكن أن يشجع بعضاً منها على التحرك وتنسيق جهود التنمية في القارة.