لا يزال الإعلام الاقتصادي الحلقة الهشة التي يرتقب أن تحظى بالعناية السنة المقبلة في ضوء الحصيلة القوية لسنة 2012 على أكثر من صعيد بما يجعل الرأي العام وبصورة مستمرة مواكبا للأحداث ومدركا للرهانات. معطيات ومؤشرات هذه السنة جديرة بالتوقف عندها لما تتميز به من ثقل سواء على الصعيد المالي أو الاستثماري أو الاجتماعي بفضل إلقاء الدولة بكامل ثقلها في الساحة الاستثمارية وهذا ضمن خياراتها الإستراتيجية ذات الأهداف بعيدة المدى والتي تتمحور حول المؤسسة والموارد البشرية المؤهلة. كل تلك المكاسب والنجاحات بشهادة خبراء صندوق النقد الدولي لم تستوف حقها في المشهد الإعلامي الوطني خارج التناول المباشر للمعلومة الاقتصادية في غياب حضور فعال للخبراء والمتخصصين عدا بعض الأسماء التي تكاد تهيمن على الساحة، مما أنتج طروحات أحادية يجب أن تخضع للمقارنة والتمحيص برؤية نقدية كفيلة بالفرز بين الغث والسمين. المؤسف أنه على الرغم من كل ما يتوفر من معاهد و مدارس متخصصة في الاقتصاد والمالية والتسيير إلا أن هناك ما يمكن وصفه بالفقر المدقع في إنتاج أفكار وتحاليل ذات قيمة إستراتيجية وقابلة للتناول والتعاطي معها الأمر الذي يضاعف من متاعب المقررين الذين ما أحوجهم للمرافقة في التشخيص والتحليل العميق وإعداد أفكار لحلول قوية وذات جدوى ضمن ما يعرف بالذكاء الاقتصادي. وبالطبع لا يمكن تنمية مثل هذا الذكاء في ظل بقاء كل تلك القدرات البشرية التي تعج بها الجامعات ومراكز البحث الاقتصادي على هامش الواقع المزدحم طوال السنة بأحداث ومتغيرات ترتبط مباشرة بمصير البلدان وذلك بسبب إقصائها أحيانا أو تقاعسها في الغالب وكأنها غير معنية بما يدور على الساحة من معطيات تجعل الأبكم ينطق لحدتها وخطورتها في ظل الانفتاح على العالم وما ينجم عنه من صراع على الأسواق وتنافس على الموارد، الأمر الذي يتطلب تحكما في المفاهيم والمؤشرات والمعايير. إن للإعلام الاقتصادي دور لا مجال للتأكيد عليه طالما أنه أمر بديهي عرفت بلدان أخرى تناوله ومن ثمة كان من الطبيعي أن يخص في مخطط عمل الحكومة باهتمام مركز ينتظر أن يترجم في السنة القادمة من خلال إجراءات ترافق إرساء إعلام اقتصادي ذي مصداقية يفيد كافة الشركاء ويوضح الرؤى يمنع تسل أي غموض أو مزايدة بشأن القضايا التي تطرح مستقبلا.