أكد رئيس بورصة المناولة والشراكة للغرب رشيد بخشي، أن البورصة تواصلت مع مختلف الصناعيين في شتى المجالات، لتجهيز نسيج صناعي مناولاتي قادر على تلبية المتطلبات والمعايير اللازمة في مجال صناعة السيارات، ولهذا قامت بالتوقيع على اتفاقيات مع الشركات المصنعة للسيارات منذ 2021، لتحضير المناولين ومعاينتهم لتطوير الإدماج الوطني، خاصة مع انتعاش سوق السيارات بعد عودة استيراد السيارات الجديدة واستئناف مشاريع صناعة السيارات في الجزائر. يرى رشيد بخشي رئيس بورصة المناولة والشراكة للغرب، في تصريح لجريدة «الشعب»، أن الجزائر تخطو خطوات كبيرة في تحدي إعادة تهيئة وتنظيم قطاع تصنيع السيارات، وذلك تنفيذاً لتوصيات الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي، التي انعقدت شهر ديسمبر سنة 2021، بهدف إرساء رؤية استراتيجية للقطاع الصناعي وحشد الفاعلين حول أهداف الإنعاش الاقتصادي، ولقد حددت خلالها أسس التطور الصناعي بعد تحليل معمق لمتطلبات السوق الصناعية الجزائرية والوضعية الصناعية للمؤسسات الوطنية. ويضيف بخشي، أنه لا يخفى على أحد أن السنوات الأخيرة التي مرت على الجزائر، بما فيها العشرية السوداء، حطمت القطاع الصناعي، خصوصاً بعد فتح الباب واسعاً أمام الاستيراد اللاعقلاني الذي أفرز فيما بعد فوضى طبعت السوق لوقت طويل. ولاسترداد التوازن السوقي والدفع قدما بقطاع الصناعة، اعتمدت الجزائر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، خططاً صناعية جديدة، ذات أسس متينة، وذلك بعد تقويم مختلف الاختلالات والمشاكل التي عرفها القطاع الصناعي خلال جلسات خاصة، ركزت على الصناعات الأساسية والهيكلية، التي تعد قاطرة للتطور الصناعي، وحلقة هامة في سلسلة الإمداد الصناعية، وهو ما كان بمثابة صحوة صناعية وتفطن للإمكانات والقدرات الصناعية التي تحوزها الجزائر، والتي برزت جلياً خلال جائحة كوفيد-19، حيث اعتمدت البلاد على قدرتها الصناعية والإنتاجية لتلبية حاجياتها الداخلية، بالاعتماد على مؤسساتها وإطاراتها الوطنية. ويوضح ذات المتحدث، أنه بالرغم من أن الجزائر لم تصل بعد إلى المعدل والمستوى العالمي المطلوب في إنشاء المؤسسات الصناعية، لكنها تحوز شبكة من الشركات المناولاتية القادرة على تلبية الطلبات الصناعية الوطنية، ذات الصلة بالمشاريع التي تشرف على الانطلاق في مجال تصنيع السيارات، وتوفير المرافقة والمساعدة والتكوين لهذه المؤسسات، سيحفز لا محالة شركات أخرى على خوض غمار الاستثمار في مجال صناعة قطع الغيار. من جهته، يؤكد محمد تاكسانة وهو صاحب مؤسسة ناشئة ناشطة في مجال خدمات توفير قطع غيار المركبات، أن تكثيف النشاط المناولاتي في صناعة قطع غيار السيارات، يتطلب توفر بعض الظروف، من بينها توفير المناخ الملائم للنشاط الصناعي، والاستثمار في البنية التحية، ومن ضمنها الموانئ وشبكة الطرق اللوجستية، وهو ما يعرف تطوراً كبيرا في الجزائر، علاوة على تطوير القطاع التعليمي والبحثي في مجال الهندسة الميكانيكية، وتوفير التدريب المهني للشباب لتأهيلهم للعمل في هذا القطاع وتعزيز قدراتهم المهنية، كما يستدعي الأمر كذلك توفر الدعم الحكومي والتسهيلات اللازمة للشركات الراغبة في الاستثمار في مجال تصنيع قطع الغيار، من خلال توفير ضمانات وحوافز مالية وتخفيضات جبائية، وكذا تمكينها من الوعاء العقاري الصناعي الذي يعد أحد الأسس والركائز في معادلة تطوير النشاط الصناعي في الجزائر. ويضيف ذات المتحدث، أنه لابد أيضا من التمكين السلس للمؤسسات من إجراءات المطابقة ومراقبة معايير الجودة، ناهيك عن استغلال الشراكات الدولية لنقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات والمعرفة في هذا القطاع. وينتظر أن تشرع علامة «فيات» التابعة لمجمّع «ستيلانتيس»، عمليات تصنيع السيارات قريباً، وهذا بعد أن أمر الرئيس عبد المجيد تبون في وقت سابق بنشر دفتر الشروط الخاصّ بالمصنّعين ووكلاء بيع السيارات، عقب دراسة وتعديلات معمقة تتماشى مع متطلبات المرحلة، ومع التوجهات الصناعية والاقتصادية الجديدة للجزائر. ويأتي إنشاء مصنع علامة «فيات»، تنفيذاً لاتفاقية الإطار الموقعة بين وزارة الصناعة والمصنّع الإيطالي «فيات» للسيارات، التابع لمجمّع «ستيلانتيس»، والتي تهدف إلى إنشاء مصنع بمنطقة طفراوي بولاية وهران، والذي سيتربع على مساحة تقدر 120 ألف هكتار، ويرتقب أن يوفر 4 آلاف منصب شغل مباشر، وحوالي 3 آلاف منصب غير مباشر. كما يأتي هذا المصنع تماشيا والرؤية المستقبلية لتطوير شعبة صناعة السيارات في الجزائر، تُرى في إقامة مشروع صناعي يكتسي أهمية كبيرة، خاصة مع ما قدمه الشركاء الايطاليون من التزامات لتحقيق نسب إدماج تستجيب لما تصبو إليه الجزائر في إستراتيجية تطوير الشعبة.