تحتدم الساحة الاقتصادية الجزائرية بمشاريع استثمارية واعدة في ظل ديناميكية تستقطب شركاء من كافة جهات العالم لا يضيعون فرصة لاقتناصها في عز الأزمة المالية العالمية والتحولات التي تعرفها أسواق كانت إلى وقت قريب الاتجاه المفضل للرأسمال خاصة العربي منه. ويجد هذا الأخير في السوق الجزائرية مقصدا آمنا يتميز بتنافسية جذابة ومنظومة ضمانات قلما توفرها أسواق أخرى. في ظل حركية استثمارية لا تتوقف ترافقها مؤشرات كلية جذابة ومغرية أصبحت الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لإرساء إطار مناسب يكون بمثابة بنك معطيات للمعلومات الاقتصادية بكافة أنواعها الاستثمارية والتجارية خاصة يكون منسجما ومحينا باستمرار حتى يمكن للمؤسسة والمتعامل خاصة الوطني اتخاذ القرار السليم وفي الوقت المطلوب. وفي هذا الإطار من الطبيعي أن يعود الحديث على مستوى المهتمين والمعنيين عن إشكالية الإحصاء الاقتصادي ليس بالمفهوم التقليدي المتمثل في جمع أرقام وترتيبها حسب القطاعات وإنما بمفهوم أكثر جدوى يتمثل في ترتيب المعطيات وحصرها مع التحليل والاستشراف في ضوء متابعة وعن كثب للأسواق التي تتعامل معها الجزائر استيرادا وتصديرا. لقد شكلت المعلومة الاقتصادية بكافة جوانبها معضلة أعاقت لسنوات مسار الاستثمار واخلطت حسابات المتعاملين مما استنزف الجهود والوقت فضاعت معها فرص استثمارية أو تعطلت أخرى بسبب الإفراط في الآجال أو التردد لغياب الدقة والشفافية بالرغم من الوضوح في القرار السياسي. وبالفعل أدركت السلطات هذا الواقع واتخذت ما يلزم من ترتيبات أبرزها إدخال تعديلات على قانون الصفقات العمومية وتبسيط إجراءات التعاملات على مستوى البنوك وذلك خلالا الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء. كل هذه المكاسب والحركية المفتوحة على شركاء أجانب لا يمكن أن تبقى مسالة الإحصاء الاقتصادي على ما هي عليه من تعدد لمصادر وتبعثر للمعطيات وتأخر عن مواكبة المستجدات بالرغم من توفر الدعائم التكنولوجية والآليات التنظيمية التي يمكنها أن ترسي أسس بنك معلومات اقتصادي شامل يكفل للمتعامل مؤسسة أو مستثمرا كان العثور على ما يحتاج إليه كما يضمن المرافقة في إدراك التحديات في ظل وضح الأفق والسيطرة على عناصر العملية الاستثمارية من حيث التمويلات وحاجيات السوق ووفرة الموارد. ولا يمكن لبرنامج استثماري عمومي مثل الذي تنجزه الجزائر على امتداد سنوات أن يفتقر لاداوت إحصائية تساعد على رسم خارطة طريق للمؤسسة الاقتصادية والمستثمر وحتى البنوك ومن ثمة أن يعرف كل طرف حصيلته ويحدد ثقله بما في ذلك تمكين صاحب القرار السياسي أن يضبط مدونة بقائمة الشركاء الجادين والاحترافيين وان يقيم استثماراته من اجل التحكم في التكلفة والسيطرة على الآجال في الانجاز التي غالبا ما تفسد الحسابات بفعل إعادة تقييم المشاريع.