رغم محاولات التّهدئة التي تبذلها مصر والدعوات الدولية المتعالية لضبط النفس، ما زالت الأوضاع مرشّحة للتصعيد والخروج عن السيطرة بين الفلسطينيين والصهاينة بسبب اعتداءات وانتهاكات قوات الاحتلال ومستوطنيه للمسجد الأقصى وللمصلّين في عزّ الشهر الفضيل. وقد ارتفع منسوب التوتر فجر أمس الجمعة ولامس خطر نشوب مواجهة عسكرية مفتوحة بعد أن قام الكيان الصّهيوني بقصف مواقع في لبنان وغزّة. جدّد طيران الاحتلال، فجر أمس الجمعة، قصف مواقع ومنشآت مدنية في قطاع غزة، متسبّبا بأضرار جسيمة لحقت بمنازل المواطنين. وقال مراسلون، إنّ قصفا بنحو 20 صاروخا أطلقتها طائرات الاحتلال صوب مواقع: رعد بحي التفاح شمال مدينة غزة، وبدر جنوب غرب المدنية، والقسطل بدير البلح وسط القطاع، وموقع القادسية غرب خان يونس جنوب قطاع غزة، وموقع آخر شرق رفح. وأكّدوا أنّ القصف تسبب بإلحاق أضرار في مستشفى الدرة للأطفال ومنازل الفلسطينيين في حي التفاح شرق مدينة غزة. وقبل ساعات، شنّت طائرات الاحتلال الصهيوني عدوانا على قطاع غزة استخدمت فيه حوالي 50 طنا من الذخيرة مستهدفة مواقع ومنشآت في مناطق مختلفة، فيما ردّت المقاومة بإطلاق صليات من الصواريخ صوب مستوطنات في محيط القطاع. واستهدفت طائرات الاحتلال الحربية بغارات مكثفة مواقع مختلفة للمقاومة في مدينة غزة وخان يونس جنوب القطاع وبيت حانون شمالا، أدّت إلى انفجارات كبيرة ومتتالية، بالتزامن من تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع والحربية الصهيونية. المقاومة تهدّد من جهتها، أطلقت المقاومة رشقات من الصواريخ صوب مستوطنات في محيط قطاع غزة، وأطلقت مضاداتها الأرضية صليات من النيران صوب طيران الاحتلال. وقالت إنّ «ردّ المقاومة على العدوان هو أمر طبيعي»، مؤكّدة أنّ «المقاومة لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي». وحمّلت حركة المقاومة الإسلامية الاحتلال» حماس» مسؤولية عدوانه على القدس وغزّة، ودعت القوى والفصائل «إلى الوحدة في مواجهةٍ مفتوحة مع الاحتلال دفاعاً عن القدس والأقصى. كما حمّلت حماس الاحتلال «كامل المسؤولية عن التصعيد الخطير والعدوان السافر على قطاع غزة وشعبنا الفلسطيني الأبيّ، وعمّا ستؤول إليه الأمور في المنطقة»، وقالت في بيان، إنّ «هذا العدوان الغاشم على غزة، واستمرار انتهاكات الاحتلال ضد القدس والأقصى، لن يحقّق للاحتلال أمناً، ولن يصنع له نصراً ولا حقاً في أرضنا وقدسنا وأقصانا الذي دوّنه المهج والأرواح». وأضافت: «نؤكّد أنّ العدوان الصّهيوني ضد القدسوغزة لن يفتّ في عضد شبابنا الثائر ومقاومتنا الباسلة، التي أخذت على نفسها عهداً بأن تبقى درعاً وسيفاً لحماية شعبنا وقدسنا وأقصانا. وفي هذا السياق، فإنّنا ندعو شعبنا في أماكن وجوده كافّة والقوى والفصائل إلى التحرّك الموحّد في معركة مفتوحة لمواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه، ولإفشال مخطّطاتهم التهويدية للقدس والأقصى، ودفاعاً عن شعبنا وحقّه في الحرية وتقرير المصير، رغم أنف الاحتلال الذي مصيره إلى زوال مهما طال الزمن ومهما كلّف من ثمن». قصف من غزّة وجنوبلبنان ردّا على العدوان الصهيوني على المسجد الأقصى واقتحامه، أطلقت المقاومة من غزة خلال الساعات الماضية نحو 27 صاروخا استهدفت المستوطنات القريبة من القطاع، فيما حاولت المقاومة التصدي لطائرات الاحتلال بإطلاق صواريخ أرض-جو. وفي وقت سابق من عصر الخميس، أطلقت من جنوبلبنان عشرات الصواريخ، استهدفت المستوطنات الصهيونية في شمال فلسطينالمحتلة، ردّا على عدوان جيش الاحتلال على المسجد الأقصى والمرابطين والمعتكفين فيه. وفي إحصائية صهيونية، أفاد جيش الاحتلال بأنّه «تم إطلاق 34 صاروخا من جنوبلبنان، سقطت 5 صواريخ متسبّبة بإصابات وأضرار، وتمّ اعتراض أكثر من 20 صاروخا. حماس وليس حزب الله هذا، وسبق أن قال رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتنياهو، إنّ «الجدل الداخلي في تل أبيب لن يمنعنا من العمل ضد أعدائنا»، في أوّل ردّ رسمي على إطلاق صواريخ من لبنان. وحمَّل الجيش الصهيوني حركة «حماس» مسؤولية إطلاق صواريخ من لبنان نحو الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وليس حزب الله. وقال متحدّث الجيش الصهيوني، أفيخاي أدرعي، في بيان، إنّ «الحكومة اللبنانية تتحمّل المسؤولية عندما أُطلقت من داخل أراضيها قذائف صاروخية نحونا، إطلاق تلك القذائف يعتبر حدثاً خطيراً». كما أضاف: «الحديث عن حدث متعدّد الجبهات، لكن الفاعل والجهة التي أطلقت القذائف الصاروخية هي حركة حماس الفلسطينية من لبنان». لبنان يتّجه إلى مجلس الأمن يعتزم لبنان تقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي، إثر القصف الصهيوني المتعمد فجر الجمعة، لمناطق في الجنوب. وقالت الخارجية اللبنانية، في بيان، إنّ الوزير عبد الله بو حبيب، أوعز إلى بعثة لبنان لدى الأممالمتحدة «تقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن إثر القصف والاعتداء الصهيوني المتعمد فجر امس لمناطق في جنوبلبنان». واعتبرت أنّ القصف الصّهيوني «يشكّل انتهاكا صارخا لسيادة لبنان وخرقا فاضحا لقرار مجلس الأمن الدولي 1701، ويهدّد الاستقرار الذي كان ينعم به الجنوباللبناني». وينص القرار الدولي الذي صدر صيف 2006 على «وقف الأعمال العدائية»، وذلك عقب حرب استمرت 33 يوما. بدوره قال وزير الدفاع اللبناني مريس سليم، أمس، إنّ التطورات في جنوبلبنان تشكل تهديدا مباشرا للأمن والاستقرار، مشددا على أن لبنان يلتزم بقرار مجلس الأمن الدولي 1701. لا رغبة في الحرب في الأثناء، أعلن الجيش اللبناني، صباح أمس، العثور على راجمة بداخلها عدد من الصواريخ التي لم تنطلق في منطقة حدودية جنوباً، بعد ساعات من الغارات الصهيونية. وفكّك الجيش الخميس صواريخ كانت معدّة للإطلاق، تم العثور عليها في محيط بلدتي القليلة وزبقين في قضاء صور، وهي المنطقة التي جرى منها إطلاق رشقات من الصواريخ باتجاه الكيان. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن ذلك. وهذه أول مرة تشن فيها قوات الاحتلال الصهيوني غارات على لبنان منذ صيف 2021، علما أن عدد الصواريخ التي أُطلقت نحوها الخميس هو الأكبر منذ العام 2006. وحثّت قوة الأممالمتحدة الموقتة في جنوبلبنان (يونيفيل) التي تراقب الأمن على الحدود اللبنانية الصهيونية في بيان، فجر الجمعة، على وقف التصعيد عبر الحدود، ونقلت عن الجانبين قولهما «إنهما لا يريدان الحرب». دفاع عن الأقصى تبادل الهجمات عبر الحدود، جاء مع تصاعد المواجهات بعد اقتحام الشرطة الصهيونية لحرم المسجد الأقصى وعدوانها الغاشم على المصلين والمرابطين. ولطالما كانت منطقة المسجد الأقصى نقطة انطلاق شرر التوتر، فقد ساعدت اشتباكات هناك في عام 2021 على إشعال فتيل حرب استمرت عشرة أيام بين الصهاينة وغزة. وقد أكّدت الدول العربية والإسلامية، رفضها الشديد للاعتداءات الصهيونية، ودعت إلى وقفها على الفور، وبينما حثت الولاياتالمتحدة «جميع الأطراف على ضبط النفس»، أعربت الأممالمتحدة عن «صدمتها» حيال أحداث المسجد الأقصى. ووسط مخاوف من احتمال تصاعد المواجهة أكثر، بعد عام من تصاعد العنف الصهيوني الفلسطيني، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا مغلقا لمناقشة الأزمة. الاحتلال يعزّز قوّاته قال الجيش الصهيوني، أمس، إنّه يعزّز قواته البرية والمدفعية على الحدود الشمالية والجنوبية. ونقلت مصادر عن ضابط كبير في الجيش الصهيوني، لم تسمه «قواتنا في حالة تأهب قصوى في الشمال والجنوب وفي الضفة الغربية، لحماية السكان وتحركاتهم والرد على أي محاولة لإيذائنا».