حماية مسؤولي الدولة من كل الأعمال الكيدية أو الانتقامية يضع مشروعا قانوني الإجراءات الجزائية والعقوبات، التأسيس القانوني، لرفع التجريم عن فعل التسيير، من خلال التحديد الدقيق لكل من الخطأ والجريمة وبين المسؤول المحلي ومسير المؤسسة، ما من شأنه إعادة الطمأنينة للحياة العمومية وإطلاق للعنان للمبادرات الاقتصادية. النصان، اللذان نوقشا على مستوى مجلس الوزراء، المنعقد الأحد، تكفلا بشكل ناجع، بأوامر رئيس الجمهورية المتعلقة، بحماية الإطارات النزيهة للدولة ورؤساء المؤسسات الاقتصادية، وبالتالي إزالة كل الذرائع التي عطلت مصالح الدولة ومصالح المتعاملين، من خلال «عدم إمضاء» الوثائق اللازمة، بحجة الخوف من المتابعة القضائية. ومنذ 2020، بادر الرئيس تبون، بعدد من الإجراءات الرامية إلى تحرير مسؤولي الدولة من هواجس الفساد، وحمايتهم من كل الأعمال الكيدية أو الانتقامية، عندما أقرر عدم اعتماد الرسائل المجهولة، لمباشرة المتابعات القضائية. وفي السنة الموالية ( سبتمبر 2021)، أسدى رئيس الجمهورية، تعليمتين، الأولى لوزير الداخلية والجماعات المحلية، والثانية لمسؤولي الأجهزة الأمنية، يشدد في محتواها على أن ألا تتم التحريات الأمنية بحق ولاة الجمهورية والمسؤولين المحليين، إلا من قبل المصالح المركزية المختصة. هذه التعليمات الرئاسية ستترجم كأساس قانوني في قانوني الإجراءات الجزائرية والعقوبات، الذي تسارع الحكومة من أجل عرض للنقاش والمصادقة على مستوى غرفتي البرلمان قبل الدورة الحالية، أي قبل نهاية شهر جوان المقبل. وسيكرس قانون العقوبات بشكل فعلي، مبدأ «رفع التجريم عن فعل التسيير»، ما يعطي الضمانة القانونية الكاملة للمسيرين، وهو ما يقابله في الوقت ذاته حماية المستثمرين من خلال تجريم «عرقلة الاستثمار قصد الإضرار بالاقتصاد الوطني». ويتكفل النص أيضا بأوامر رئيس الجمهورية المتعلقة «بالتدقيق حول حماية المسؤولين المحليين النزهاء» والتوضيح بخصوص «فئات المسؤولين ومسيري المؤسسات»، مثلما جاء في بيان مجلس الوزراء، ويرمي ذلك إلى إعطاء حرية المبادرة لمسير المؤسسة الاقتصادية، خاصة عقب تبني نمط تسييري للمؤسسات يقوم على النجاعة أي بربط النشاط بخطط أهداف. وتترجم الجوانب الإجرائية لهذه التعديلات، التي يعول عليها في استعادة النشاط العادي للحياة العمومية والاقتصادية، بعيدا عن هواجس الفساد، في قانون الإجرائية الجزائية، الذي سيحدد بشكل دقيق تدابير المتابعة القضائية. الحصانة المعنوية التي يمنحها النصين للمسؤولين المحليين على وجه الخصوص، ستحرر هؤلاء من الأفعال الكيدية أو الدسائس، من قبل ذوي المصالح الضيقة، والتي تجعل أياديهم مغلولة أثناء التسيير، غير الفصل الدقيق بين الخطإ والجريمة، وربط الأخيرة بالثراء غير المشروعة أو حالة التلبس بتلقي الرشوة، من شأنها تنهي حالة. كل هذه التدابير القانونية الجديدة، تصب في اتجاه مكافحة الفساد، بطرق وأدوات أكثر نجاعة، مع إزالة كل الشوائب أو الغموض الذي يحرف المسعى عن أهدافه الحقيقية. كما يندرج الأمر ضمن التطور الذي يشهده القضاء الجزائري، في معالجة الملفات والتعامل مع الجرائم الحديثة والخطيرة، من خلال الأقطاب المتخصصة، التي أثنى عليها رئيس الجمهورية، خلال مجلس الوزراء، خاصة الأقطاب المتخصص في الجرائم الاقتصادية والمالية ومكافحة الإرهاب والجريمة الالكترونية والمخدرات.